مؤسسة "الغذاء" تنشر أسماء مرتكبي مخالفات والصحف تحجب تلك الأسماء!

مؤسسة "الغذاء" تنشر أسماء مرتكبي مخالفات والصحف تحجب تلك الأسماء!

  • 12

امتنعت الصحف الأردنية عن نشر أسماء المؤسسات الغذائية المخالفة لقانون الغذاء والدواء، في ممارسة يعتبرها مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" مخالفة لحق الناس في المعرفة.

فقد نشرت المؤسسة العامة للغذاء والدواء بياناً يوم الأربعاء 5/8/2015، جاء فيه أن المؤسسة اتلفت 28 طن مواد غذائية من منتجات الدواجن والخضار المجمدة واللحوم الحمراء لمخالفتها الشروط الصحية جراء انقطاع التيار الكهربائي خلال الايام الثلاثة الماضية في عمان والزرقاء واربد والكرك.

وأعلنت المؤسسة بالأسماء أنها اغلقت 5 مؤسسات غذائية، وأوقفت 36 مؤسسة أخرى عن العمل، وحولت 15 للمحكمة، فيما أصدرت 216 انذارا بحق مؤسسات مخالفة.

ولأول مرة منذ بدء تطبيق "قانون الغذاء والدواء لعام 2015" تقوم المؤسسة بنشر أسماء المؤسسات المخالفة والإجراءات المتخذة بشأنها. وتضم القائمة أسماء مطاعم ومولات ومؤسسات تجارية كبرى.

لكن وسائل الإعلام، وعلى وجه الخصوص الصحف اليومية الخمس (الدستور والرأي والعرب اليوم والغد والسبيل، باستثناء الموقع الالكتروني للعرب اليوم) تجاهلت نشر أسماء تلك المؤسسات رغم أن القانون سمح للمؤسسة بذلك.

إن وجه الغرابة يكمن في أن مهمة الصحافة في الأصل، أن تبحث عن "الأسماء" حتى لو أخفتها الجهة الرسمية، لكن ما حصل أن الصحافة حجبت ما نشرته الجهة الرسمية!

وأجاب نقيب الصحفيين الاردنيين ورئيس تحرير صحيفة "الرأي" طارق المومني في إتصال لـ"أكيد" عن سبب عدم نشر تلك الاسماء في "الرأي"، بأنه "لم يشاهد أن الصحيفة لم تنشر القائمة"، مستغرباً عدم نشرها.

وأوضح المومني: "نحن ندعو دائماً إلى نشر أسماء المؤسسات المخالفة، وكل من يتلاعب بقوت الناس".

واتفق رئيس تحرير "الدستور" محمد التل مع المومني بـ"بأنه لم يشاهد أن الصحيفة لم تنشر القائمة"، مضيفاً أنه يعتقد "أن خطأ فنياً قد وقع، ويبدو أنه اجتهاد من سكرتير التحرير بعدم النشر".

وبحسب المعايير التي يستند إليها "أكيد" ، فإن تجاهل تلك الصحف لنشر أسماء المؤسسات المخالفة، اعتداء على حق المجتمع في المعرفة، وهو حق من حقوق المواطن، والمهمة الأساسية لوسائل الإعلام.

لقد أضرت تلك الوسائل الإعلامية أيضاً بمصداقيتها أمام الجمهور، لأن صون المصداقية مصلحة للجميع لدرء الضرر عن المجتمع، وهو ما ألحق الضرر بالمجتمع والمؤسسات الصحفية على حد سواء.

ويشير "أكيد" إلى أن الأيام الماضية شهدت نقاشاً إعلامياً حول قضايا الغذاء، وقد تضمن مطالبات إعلامية بنشر أسماء المؤسسات الغذائية المخالفة للقانون، ومن ذلك ما نشرته صحيفة "الرأي" بتاريخ 3/8/2015 حيث طالبت: "بضرورة تطبيق بنود القانون الخاصة بعقوبات المتلاعبين بتواريخ المنتجات الغذائية وغير الملتزمين بشروط الصحة والسلامة العامة من نواحي الاعلان عن أسماء المنشآت التي يثبت تورطها  في هكذا أفعال عبر وسائل الاعلام المختلفة.

المؤسسة العامة للغذاء والدواء استندت في بيانها إلى المادة رقم "22" البند "د" من القانون، والتي تنص "على المدير العام أن يعلن على نفقة المخالف في الصحف اليومية ووسائل الإعلام الرسمية أسماء وعناوين المنشآت الغذائية المخالفة عند ضبطها والإجراءات المتخذة بحقها بعد صدور قراره بشأنها".

لكن وسائل الإعلام المحلية لم تتجاوب مع ما ورد في بيان مؤسسة الغذاء والدواء بنشر أسماء تلك المؤسسات، وأغفلتها تماماً، باستثناء بعض المواقع الالكترونية.

الصحف اليومية الخمس في نسخها الورقية، ووكالة الأنباء الأردنية "بترا"، تجاهلت تماماً نشر قائمة المؤسسات المخالفة، كما تجاهلت نشر تلك القائمة على مواقعها الالكترونية باستثناء الموقع الالكتروني لصحفية "العرب اليوم".

مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" رصد تعامل وسائل الإعلام مع بيان مؤسسة الغذاء والدواء، خاصة الصحف اليومية الخمس وكان على النحو التالي:

مالصحيفة  
1الدستورالنسخة الورقيةأعادت تحرير البيان مع وضع اسم أحد صحفييها عليه، من دون الإشارة لوجود بيان "الغذاء والدواء"، ولم تشر للقائمة أو تنشرها.
الموقع الالكترونينشر الخبر كما جاء على وكالة "بترا"
2الرأيالنسخة الورقيةأشارت للبيان وحجم المواد التي تم إتلافها وعدد المؤسسات التي تم ضبط تلك المواد التالفة فيها، لكنها لم تنشر قائمة المخالفين.
الموقع الالكترونيتم نشر الخبر كما جاء في النسخة الورقية.
3العرب اليومالنسخة الورقيةلم يتم نشر الخبر
الموقع الالكترونينشرت البيان مع قائمة أسماء المؤسسات المخالفة والإجراء المتخذ ضدها.
4الغدالنسخة الورقيةنشرت البيان على شكل خبرين خاصين بالصحيفة دون الإشارة لبيان "المؤسسة"، وأغفلت ما يتعلق بأسماء المؤسسات المخالفة.
الموقع الالكترونينشر الخبر كما جاء على وكالة "بترا"
5السبيلالنسخة الورقيةنشرت الخبر على صفحتها الأولى، وأشارت لوجود قائمة بأسماء المخالفين من دون نشرها.
الموقع الالكترونينشر الخبر كما جاء في البيان لكنها أشارت إلى "تحفظ الصحيفة على نشر قائمة المخالفين"، من دون أبداء أسباب للتحفظ

بعض المواقع الالكترونية تعاملت مع الخبر كما جاء على وكالة "بترا" من دون الإشارة إلى قائمة أسماء المؤسسات، فيما مواقع أخرى نشرت البيان كما هو مع قائمة الأسماء، ما مكن المتلقي من معرفة تلك المؤسسات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

المحامي محمد قطيشات أوضح لـ"أكيد" أن "تقرير مؤسسة الغذاء والدواء تقرير رسمي صادر عن مؤسسة رسمية، ويحتوي وقائع صحيحة حسب التقارير التي استند عليها البيان، وعليه لا ضير من نشر ذلك البيان بكل ما فيه".

وأشار قطيشات إلى أن قانون المطبوعات والنشر كذلك سمح للصحفي حسب المادة السادسة بنشر الأخبار وتحليلها والتعليق عليها، "شرط أن لا يحتوي ذلك على إساءة لأصحاب المؤسسات المخالفة، أو إطلاق إتهامات عليهم، لأن الشخصية الاعتبارية للمؤسسات مستقلة عن شخصيات أصحابها".

إن "أكيد" يعتبر إغفال جزء مما ورد في بيان المؤسسة العامة للغذاء والدواء، جعل المحتوى ناقصاً لمعلومة أساسية، وفيه تشويه للوقائع التي حدثت، كذلك عدم نقل وسائل إعلام للمعلومات كما وردت من المصدر أضربمعيار الدقة في نقل تلك المعلومات.

كما أضر ذلك بمعيار الحياد، فالانتقائية والحذف الاختياري عكست محاباة وانحيازاً لصالح المؤسسات الغذائية المخالفة (سواء بقصد أو من دون قصد) وذلك على حساب حق المجتمع في المعرفة.

كذلك خالفت تلك الوسائل أسس نقل ما يحدث: بأعلى درجات الأمانة والإنصاف والنزاهة، وعدم التحريف بعيداً عن الاختصار بما يفقد المحتوى معناه، الذي يتمثل هنا، بمعرفة أسماء المؤسسات المخالفة.