8 أيَّام في الأردن: 74 رواية إعلاميّة مُضلّلة وغير دقيقة .. 5 منها موثوقة

8 أيَّام في الأردن: 74 رواية إعلاميّة مُضلّلة وغير دقيقة .. 5 منها موثوقة

  • 2021-04-10
  • 12

أكيد- تعرَّض جمهور المتلقّين في الأردن والعالم على مدار 8 أيَّام، لروايات تتعلّق باعتقالات قامت بها الجهات المختصّة في الأردن، بحقِّ أشخاص يُشتبه بقيامهم في نشاطات غير قانونية، وهم قيد التَّحقيق الأمنيّ المتخصّص.

 

مرصد مصداقيّة الإعلام الأردني "أكيد"، رصد 74 رواية وصلت إلى جمهور المتلقّين، من بينها 5 روايات موثوقة ومعلومة المصدر، إحداها رسالة من جلالة الملك عبدالله الثَّاني ابن الحسين، والذي بين فيها التفاصيل الدَّقيقة لكلّ ما حدث، موضحاً جلالته: "كان إرثنا الهاشمي وقيمنا الأردنيّة الأطر التي اخترت أن أتعامل بها مع الموضوع، مُستلهماً قوله عزّ وجلّ: "وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ"، و"قرّرت التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، وأوكلت هذا المسار إلى عمّي صاحب السموّ الملكي الأمير الحسن بن طلال، والتزم الأمير حمزة أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصاً لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه فوق أي اعتبارات أخرى، وحمزة اليوم مع عائلته في قصره برعايتي".

 

 

وتتبّع "أكيد" التَّغطية الصحفية لوسائل الإعلام المحلية، وعدد من العربيّة وثلاث أجنبيّة، بالإضافة إلى وسائل النَّشر العلنية والمتمثلة بوسائل التَّواصل الاجتماعي، وتحديداً مواقع "فيسبوك، وتويتر، وواتساب، والتطبيق الصوتي "كلب هاوس""، ووجد أنَّ وسائل الاعلام المحلية التزمت بمصادر معلومة المصدر، بينما قامت بعض الوسائل الخارجيّة بتضليل المتلقين من خلال التهويل ووصف الأحداث "بمحاولة انقلاب"، ونشر أعداد غير صحيحة للمعتقلين ونسبتها إلى مصادر مجهولة.

 

وتبيّن ل"أكيد" أنَّ انفلاتًا كبيرًا حدث على وسائل التَّواصل الاجتماعي، وتطبيق "كلب هاوس" وتمَّ تبادل شائعات عديدة، أبرزها وجود انتشار أمني كثيف في إحدى مناطق عمَّان، رغم أنّ وجودها ثابت وبشكل يومي حيث تعدّ نقطة غلق أمنية منذ بدء الحظر الشَّامل في الأردن بسبب فيروس كورونا المستجد.

 

القصة بدأت من مواقع التَّواصل الاجتماعي بعد عصر يوم ٣ نيسان ٢٠٢١، حيث نشرت حسابات لمواطنين بوجود حملة اعتقالات لأشخاص أمنيين حاليين وسابقين، بالإضافة لعدد من الشخصيات المجتمعية البارزة، وبقيت هذه الحسابات تنشر وانتقلت إلى صفحات خارجية، لتصدر الرِّواية الرَّسمية الأولى لوكالة الأنباء الأردنية الرَّسمية "بترا"، في الساعة السابعة وتسعة واربعين دقيقة مساء، والتي حددت اعتقال شخصين وعدد آخر غير معلوم بسبب نشاطات غير قانونية وهم قيد التحقيق، وتمَّ تبادل هذه المادة بشكل كبير محلياً وعربياً واقليمياً ودولياً، لتبدأ بعدها وسائل اعلام عربية بفتح تغطيات خاصة حملت  التهويل والتضليل، واعتماد أحد مراسليها لغة انفعاليّة منسوبة لمواقع التواصل الاجتماعي.

 

ورصد أكيد بعد ٤٥ دقيقة من مادة وكالة "بِترا" الأولى، تغطية لوسيلة إعلام خارجية والتي أعلنت عن معلومات غير دقيقة عن عدد المعتقلين، وحديث عن أحد أفراد الأسرة الملكية، وتبنّت هذه الرواية وسائل إعلام خارجية ومواقع التواصل الاجتماعي ووصفتها بمحاولة "انقلاب"، لتزداد موجة التشويش على المتلقين في الأردن تحديدًا.

 

رواية ثانية قدَّمتها وكالة بِترا الرَّسمية بعد ساعة من الرواية الأولى وتحديداً في السَّاعة ٩ و ٣٢ دقيقة مساء، وأعلنت أنَّ لا صحة لما تمَّ تناقله من قبل الوسيلة الخارجية بوجود قيود وإقامة جبرية على أحد أفراد الأسرة الملكية، وتبعها بيان رسمي صادر عن القوات المسلحة الأردنية بعد ساعة من الرواية الثَّاني يشير بأنَّ التحقيقات مستمرّة مع عدد من المعتقلين.

 

ونقلت وسائل إعلام عالمية وعربية ووسائل تواصل اجتماعي، مقطعين مصوّرين أحدهما باللغة العربية والآخر بالإنجليزية؛ لأحد أفراد الأسرة المالكة لم يتحدث فيهما عن أيِّ محاولة "انقلاب" أو وجود ٢٠ معتقلاً كما نقلت وسائل إعلام عديدة، وبدأت بعدها بكتابة عناوين مضللة ومثيرة للرأي العام.

 

ومن ناحية أخرى، التزمت وسائل الإعلام المحليّة بقرار حظر النَّشر الذي أصدره النَّائب العام في عمَّان، حفاظاً على سير التَّحقيقات، وعاد وأصدر استثناءات بعمليّة النَّشر المسؤولة والتي تكون ضمن حريّة التَّعبير والرَّأي، وترك المجال للتَّصريحات الرَّسمية بالصدور أوّلًا بأوّل وهذا يُسهم بتدفق المعلومات ضمن المصلحة الوطنية العليا.

 

وتبادلت مجموعات على تطبيقات واتساب رسائل وصور ومقاطع مصوّرة عديدة من بينها صور لأحد المعتقلين، ليتبين أنَّها لشخص آخر في إحدى المناطق الأردنيّة، وأخبار عديدة لم تثبت صحّتها.

 

وكان "أكيد" قد رصد رسالة صادرة عن جلالة الملك عبد الله الثَّاني ابن الحسين، قال فيها: "أتحدث إليكم اليوم وأنتم الأهل والعشيرة، وموضع الثقة المُطلقة، ومنبع العزيمة، لأطمئنكم أنّ الفتنة وُئدت، وأنّ أردننا الأبي آمن مستقر، وسيبقى، بإذن الله عزّ وجلّ، آمناً مستقراً، مُحصّناً بعزيمة الأردنيين، منيعاً بتماسكهم، وبتفاني جيشنا العربي الباسل وأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن الوطن".

وأضاف جلالته: "اعتاد وطننا على مواجهة التحدّيات، واعتدنا على الانتصار على التحدّيات، وقهرنا على مدى تاريخنا كلّ الاستهدافات التي حاولت النيل من الوطن، وخرجنا منها أشدّ قوة وأكثر وحدة، فللثبات على المواقف ثمن، لكن لا ثمن يحيدنا عن الطريق السويّ الذي رسمه الآباء والأجداد بتضحيات جلل، من أجل رفعة شعبنا وأمتنا، ومن أجل فلسطين والقدس ومقدّساتها".

وبيّن جلالته أنَّه "لم يكن تحدّي الأيام الماضية هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، لكنه كان لي الأكثر إيلاماً، ذلك أنّ أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه، ولا شيء يقترب ممّا شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكوليّ أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب العزيز".

وشدّد جلالته على أنّه "لا فرق بين مسؤوليّتي إزاء أسرتي الصغيرة وتلك الكبيرة، فقد نذرني الحسين، طيّب الله ثراه، يوم وُلدت لخدمتكم، ونذرتُ نفسي لكم، وأكرّس حياتي لنكمل معاً مسيرة البناء والإنجاز في وطن العزّ والسؤدد والمحبّة والتآخي. مسؤوليّتي الأولى هي خدمة الأردن وحماية أهله ودستوره وقوانينه، ولا شيء ولا أحد يتقدّم على أمن الأردن واستقراره، وكان لا بدّ من اتّخاذ الإجراءات اللازمة لتأدية هذه الأمانة".

 

وقائع ثابتة تعُزِّز من مهنيّة الإعلام:

 

أولًا: أعلنت السلطات الأردنية أنَّ هناك موضوعاً مرتبطاً بأحد أفراد العائلة الملكية وأنَّ اعتقالات تمّت لأشخاص مرتبطين بذلك.

ثانيًا: تدفّقت المعلومات عبر المصادر الرسمية ونقلتها وسائل الإعلام المحلية تباعاً.

ثالثًا: صدر قرار يمنع النشر في حيثيات القضية التحقيقيّة وهذا متبع حفاظا على سير العدالة.

رابعًا: صدر قرار بإباحة النَّشر ضمن المسؤوليّة التي تفرضها قوانين المطبوعات والنَّشر وحفاظاً على حريّة الرأي والتعبير.

خامساً: أعلن جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رأس الدولة الأردنيّة في رسالة مكتوبة حيثيات القضيّة كاملة وتفاصيلها الدَّقيقة.

 

معلومات مضلّلة وعناوين غير دقيقة:

 

أولًا: اعتمدت وسائل إعلام على مواقع التَّواصل الاجتماعي واعتبرتها مصادر موثوقة وتبيّن أنَّ المعلومات التي تناقلتها غير دقيقة.

ثانيًا: نشرت صفحة إعلامي عربي على أحد مواقع التَّواصل الاجتماعي أكثر من 30 خبرًا يحمل عناوين غير صحيحة، أبرزها، "انقلاب في الأردن"، وهو ما لم يحدث.

ثالثًا: نشرت مواقع أجنبيّة مواد صحفيّة منسوبة لمصادر مجهولة وقوع أحداث دامية في الأردن وأزمات سير خانقة وهو ما تبيّن أنّها "شائعات" ومعلومات غير دقيقة.

 

ويشير "أكيد" إلى ما يلي:

 

أوّلًا: في المسائل التي تحتوي على تحقيقات أمنيّة لا يجوز الاجتهاد في النَّشر والوقوع في عدم الحياد والتوازن.

ثانيًا: يحتاج جمهور المتلقّين نقل الخبر من مصادره وهي مهمّة وسائل الإعلام مع التأكيد أنّ ترديد ما تنشره حسابات مواقع التَّواصل الاجتماعي هو ممارسات غير مهنيّة لغياب المصادر الموثوقة وعدم التحقّق من دقّة المحتوى.

ثالثًا: في القضايا المفاجئة والتي تحمل حساسية عالية تُعطى فيها المعلومات من مصادرها وفقاً لنتائج التحقيقات بعيداً عن التهوي،ل والتشويش، والبحث عن إثارة الفوضى والنعرات القبلية والعشائرية.

رابعًا: التغطيات الخاصة المفتوحة لوسائل الإعلام ليست مكاناً لإطلاق الاتهامات في كل الاتجاهات دون أي تدخل من مدير الحوار وهو المذيع المباشر.

خامسًا: لا يُعاب على وسائل الإعلام عدم فتح تغطيات خاصّة لحدث أمني يخضع لقيود عالية الحساسية في بلد تحيط بها الفوضى من كل جهة.

سادسًا: يتمّ تغليب المصلحة العليا للدَّولة في مثل هذه القضايا على السَّبق الصَّحفي.

سابعًا: يوصي "أكيد" بضرورة أن لا تكون وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها أداة للعبث باستقرار بلاد تضم ملايين الفارّين من بلادهم بسبب الدمار والفتنة والخراب والتي تسبّبت في جزء كبير منها وسائل التواصل الاجتماعي وتغطيات مفتوحة لوسائل إعلام عالمية وعربية.

ثامنًا: يُنبّه "أكيد" إلى أنَّ وسائل إعلام كثيرة تخلَّت في تغطياتها قبل سنوات عن المعايير المهنية والأخلاقية وتسبّبت بضرر كبير لجمهور المتلقّين الذي فقد جزء كبير منهم وطنه وأحبّته منذ أكثر من ١٠ سنوات.