كَيْفَ تعامَلَ الإعلام مع الإجراءات التخفيفيّة ؟

كَيْفَ تعامَلَ الإعلام مع الإجراءات التخفيفيّة ؟

  • 2021-04-29
  • 12

أكيد- أفنان الماضي- ترقّب المجتمع الأردنيّ في الأيام القليلةِ الماضية إجراءات الحظرِ التخفيفيّة، التي وعَد المسؤولون الإعلانَ عنها قُبيل العشرِ الأواخرِ من رمضان، إلا أنّ حالةً من الفوضى الإعلاميّة عمّت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ، وذلك بسبب نشر عدد من التوقّعات والتسريبات والمواعيد المتوقّعة، وقد قابلها تصريحاتُ نفيٍ وتراجعٍ وتأجيل.

مرصد مصداقيّة الإعلام الأردنيّ " أكيد" تتبّع التسلسل الإعلاميّ للقضيّة منذ 24 إلى 28 نيسان. وقد تبيّن لـ " أكيد" أنّ بعض وسائل الإعلام ارتكبت مخالفاتٍ مهنية، قياساً على  معايير مهنة الصحافة وأخلاقيّاتها، والمتوفّرة على موقع "أكيد".

تسلسل الأحداث:
السبت 24 نيسان: أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسميّ باسم الحكومة المهندس صخر دودين عن اجتماعٍ سيتمّ يوم غدٍ الأحد لمناقشة
الإجراءات التخفيفيّة التي سيُعلن عنها قُبيل العشر الأواخر من رمضان.

الأحد 25 نيسان:  عُقد لقاءٌ حكوميّ-نيابيّ
لبحث تخفيف إجراءاتِ الحظر. وفي هذا اليوم بدأت بعض وسائل الإعلام بإصدار تكهّناتٍ وتسريباتٍ مختلفة تصِفُ بشكلٍ استباقيّ شكل الإجراءات التي سيتمّ اتخاذها، ومن ضمنها تخفيف الحظر الجزئيّ، والذي تم نفيه من قِبل الجهات الرسميّة مع مطالبة وسائل الإعلام بالتزام المهنيّة في نقل الأخبار.
إلا أنّ بعض وسائل الإعلام استمرّت بالتّنافس في تقديم
سبقٍ صحفيٍّ وتسريباتٍ وتوقّعات.  وقد تفاعل معها روّاد مواقع التواصل، وكأنها حقائق مُثبتة ومعلومات أكيدة. فيما نشرت وسائل إعلام أنّ الإعلان سيتمّ  في هذا اليوم الأحد ، إلا أنّ الجهات الرسميّة نفَت هذا الخبر أيضاً، مع وعدٍ من دودين بصدور أخبارٍ مُفرحةِ يوم غدٍ الإثنين. إلا أنّ رئيس الوزراء الخصاونة أعلن مساء الأحد عن إجراءاتٍ سيتمّ الإعلان عنها  خلال 48 ساعة، أي حتى مساء يوم الثلاثاء.

الإثنين 26 نيسان: تراجع دودين عن
الإعلان في هذا اليوم، بينما استمرت وسائل إعلامٍ بطرح صورٍ مختلفةٍ للإجراءات وإبراز رأي الناس وتوقعاتهم .

الثلاثاء 27 نيسان: استمرّت
التكهّنات الإعلاميّة ونشر التسريبات من مصادر مجهولة، مع رفع وتيرة الانتقاد والتهكّم، الذي لاقى رواجاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل، وتم إنشاء وسم #الإجراءات_التخفيفيّة والذي عبّر الروّاد من خلاله عن غضبهم تارة أو سخريتهم تارة أخرى.

الأربعاء 28 نيسان: تمّ الإعلان عن الإجراءات الجديدة والتي تبعها سيل من السخرية والانتقاد و التزاحم على إعلان الفوز
بالسبق الصحفي والتوقعات.


ورغم ارتكاب عددٍ من المخالفات المهنيّة إلا أنّ "أكيد" يُشيد ببعض وسائل الإعلامِ التي حافظت على مهنيّتها في نقل مُجريات الأحداث، دون ارتكاب أيّة مخالفةٍ مهنيّة. كما يُشيد "أكيد" بوسيلة إعلامٍ تراجعت عمّا نشرته من نقد لاذع ولغة تهكّمية، حيث قامت بإلغاء ما نشرت قُبيل إعداد هذا التقرير.

أما أبرز المخالفات المهنيّة التي تمّ ارتكابها:

أوّلاً: تناقل التّصريحاتِ والشائعاتِ والأخبار دون تثبّت، ما سبّب الإرباك للمجتمع وللقطاعات الاقتصاديّة والصحيّة.

ثانياً: التسابق للتكهّن، والقفز للاستنتاجات والافتراضات، ونشرها بصيغة تسريبات من مصادر مجهولة.

ثالثاً: افتقاد لغة التوازن والموضوعيّة التي تتحقّق بنقل الخبر كما هو من غير تحيّز أو انتقاد وباستخدام لغة صحافيّة رصينة بعيدة عن السّخرية والتهكّم.

رابعاً: سماع صوت فئةٍ واحدةٍ من المجتمع، تُرجِّح أولوليّة الجانب الاقتصاديّ، وإقصاء رأي فئةٍ ثانية، ترى ضرورة الحفاظ على إجراءاتٍ أكثر حزماً لصالح الجانب الصحيّ. وحيث أنّ لكلا الفئتين وزنه واحترامه، فيتوجّب على الإعلام الوقوف على مسافةٍ واحدةٍ والتزام نهجِ الحياد والتوازن في نقل الخبر، دون نصرة جانب من القضيّة على حساب آخر.

خامساً: ليس من مهام الصّحافة الإخباريّة إبداء الرأي، ولا التفسير، ولا التوقع، ولا الاستنتاج، ولا النقد، بل نقل الخبر مُجرّداً وبمصداقيّة وموضوعيّة.

سادساً: أسهَمَت وسائل الإعلام المرصودة في رفع سقف التوقّعات لدى أفراد المجتمع، ما سبّب حالةً أكبر من الإحباط المجتمعيّ، عند إعلان الإجراءات الجديدة، التي لم توافق ما قفزت وسائل الاعلام المرصودة لطرحه وتداوله على مدى أيّام.

 

سابِعاً: إقحام الإعلام في قرارٍ وتوجّهٍ لا يندرج تحت مهامه وتخصصيّته، فالشأن الصحيّ والاقتصاديّ والتوازن بينهما، وتحقيق المصلحة الفضلى للمجتمع في حالة الأزمات والأوبئة لا يقوم على ضغوط المجتمع ولا المصالح والآراء الشخصيّة.

ويُذكّر "أكيد" بدور الإعلام الإيجابيّ والفاعل في أوقات الأزمات، وضرورة التقيّد بالمعايير المهنيّة والأخلاقيّة في نقل الأخبار والتغطيات الإعلاميّة، وذلك في سبيل تخفيف الاحتقان المجتمعيّ، وعدم المساهمة في تأجيج الرأيّ العام، بما يخلّ في تحقيق المصلحة العامّة ويؤثر سلباً في استجابة الأفراد للتعليمات وإجراءات السلامة العامة .