هل تربح الحكومة من فاتورة النفط... سؤال الصحافة الاستقصائية الغائب

هل تربح الحكومة من فاتورة النفط... سؤال الصحافة الاستقصائية الغائب

  • 2017-03-07
  • 12

أكيد

احتدم النقاش في الشارع الأردني على مدى نحو أسبوعين حول آلية تسعير المشتقات النفطية، خصوصاً البنزين والسولار والكاز، وذلك في أعقاب ظهور فيديو للصحافي الاقتصادي خالد الزبيدي ادعى فيه أن عوائد بيع المحروقات تحقق مبالغ تزيد عن 4.5 مليار دينار سنوياً.

وعلى الرغم من الحملة الحكومية واعتذار الزبيدي واعترافه بأن المعلومات التي قدمها غير دقيقة، فإن ملف تسعير النفط في الأردن ما زال غامضاً ومن المتوقع أن يعود الجدل حوله في أي وقت.

وجاء رد الجهات الرسمية على تلك الادعاءات ليعمق حالة الغموض، خصوصاً في ظل تضارب الأرقام والتصريحات التي وزعتها الحكومة على وسائل الإعلام يومي الجمعة والسبت 24 و25 فبراير شباط من خلال بيان من مصدر مسؤول لم تسمه، ويوم الأحد 26 فبراير شباط من خلال إعلان دافعت فيه عن نفسها احتل صدر الصفحات الأولى في عدد من الصحف اليومية.

هذا النقاش يفتح الباب واسعاً أمام سؤال جوهري عن دور الصحافة ووسائل الإعلام، في تفكيك خيوط القصة وتقديم الحقائق والأرقام التي تجيب عن سؤال المجتمع الذي واصل طرحه منذ نحو عشر سنوات، خصوصاً أن البيانات الرسمية  لم تحسم الجدل الذي يدور في الشارع، ولم تغلق الملف وبقي مفتوحاً أمام الجدل والنقاش والتهويل والتضليل في الوقت الذي لا تظهر في حسابات المشتقات النفطية بالتفصيل في الموازنة العامة للدولة، وبذلك فان المعلومات التي عرضت لم تجب الأسئلة كافة التي كان الرأي العام ينتظر الإجابة حولها وأهمها:

  • لماذا بقيت أرقام النفط ومعادلة التسعير غائبة عن الرأي العام  لسنوات طويلة ولم تظهر بشكل مفصل في الموازنة العامة للدولة، ولماذا لا تكشف الحكومة آلية التسعير؟
  • لماذا اختلفت النسب والأرقام بين بيان المصدر المسؤول يوم السبت وبين الإعلان مدفوع الثمن والذي ظهر في الصحف دون أن يذكر اسم المعلن، وعلى موقع و كالة بترا ظهر باسم وزارة الطاقة؟
  • ما هو نوع الخام الذي يستورده الأردن ؟

 

ما الذي غاب عن الصحافة في القضية؟

مارست وسائل الإعلام المحلية دور الغائب تارة والمنحاز تارة أخرى، مكتفية بالبيانات الحكومية وببعض التحليلات المنحازة، مع وضد، دون أن تقوم بواجبها في تقديم المعلومات الصحيحة والدقيقة للرأي العام، وهي بذلك تكون قد ساهمت بشكل أساسي في تعميق حالة الغموض وتشويش الرأي العام.

في النظرة الأولى كشفت تغطية وسائل الإعلام لهذه القضية نقاط ضعف وسائل الإعلام في هذا المجال والمتمثلة بما يلي:

  • إن وسائل الإعلام تقبل بالأرقام كما هي من الحكومة ولا تتحقق من مصداقيتها.
  • نقص واضح في الكوادر الإعلامية المتخصصة في قطاعات الطاقة خصوصاً فيما يتعلق بموضوع النفط.
  • لم تكترث وسائل الإعلام بما وقع فيه الفيديو من أخطاء إلا بعد أن حولته مواقع التواصل الاجتماعي إلى قضية رأي عام، ولا حتى من تضارب البيانات الحكومية.

وكشفت عمليات التحقق التي أجراها مرصد مصداقية الإعلام الأردني" أكيد"  للوقائع التي طالت القضية ما يلي:

  • الفيديو الذي تحدث فيه الصحافي لا يعكس الحقيقة كاملة وفيه مبالغة من حيث الكميات والأسعار، خصوصا عندما تحدث عن أن احتياجات المملكة اليومية هي 110 آلاف برميل بعد اعتماد الغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء وقد عاد الزبيدي إلى الاعتذار في مقال كتبه في صحيفة الدستور واصفا ما قاله بأنه هفوة موضحا "خلال حوار ردا على رفع الاسعار بما فيها المحروقات تم استخدام أرقام تقديرية لمستورداتنا من النفط والمنتجات البترولية الجاهزة واتضح أن الأرقام غير صحيحة ولا وجود لها".

  • لم تحدد، تلك البيانات، بشكل واضح،  كميات النفط المكرر ولا أصناف المشتقات ولا أسعار بيعها ولا حتى أسعار شرائها.
  • لم يظهر البيان الحكومي ولا الإعلان المنشور تفاصيل كلف النقل والعمولات المترتبة على شراء النفط ولا حتى كلف التخزين والنقل أو رسوم المناولة.
  • أظهر بيان المصدر المسؤول أن عوائد الحكومة من الضرائب والرسوم والفروقات على المشتقات النفطية خلال العام الماضي بلغت 700 مليون دينار، في حين أن بيان وزارة الطاقة المنشور رسمياً لا يورد ذكراً لهذا المبلغ ولا لأي مبلغ يتحقق من عوائد المحروقات، ولم يفصل الضرائب والرسوم على كل بند منها.

  • حمل هذا البيان عبارات تهديد بلهجة غير مسبوقة، قائلا إن " تداول المعلومات المضللة تحت طائلة المساءلة القانونية، وسوف تقوم الجهات المختصة بملاحقة ناشري هذه المعلومات بموجب القانون"، وهو تهديد يأتي في ظل حالة الغموض التي اكتنفت القضية والتي عمقتها البيانات المتضاربة.

 

آلية التسعير في الأسواق العالمية

ولفهم آلية احتساب تسعيرة المشتقات النفطية، اتصل "أكيد" بالصحافية المتخصصة في مجال النفط سميرة قعوار والتي عملت سابقاً محررة لقسم التحقيقات لتلفزيون رويترز، التي قالت إن سعر أي مشتق يحتسب بعد الانتهاء من التكرير وخروجه من المصفاة، موضحة أن السعر يتأثر بكلفة استيراد النفط الخام للمصفاة وتكاليف عملية التصفية والتوزيع، ثم تضاف إليه الضرائب والرسوم المفروضة، بحسب نظام كل بلد.

ولفتت قعوار إلى أن أسعار النفط الخام والمشتقات النفطية في الأسواق العالمية تخضع لعملية العرض والطلب، وهي متغيرة بشكل يومي، ويتم احتسابها وفقا لأنواع محددة من النفط إذ تعتبر كل واحدة منها مقياساً لمنطقة جغرافية محددة في العالم.

وأضافت أن سعر مزيج خامات برنت يعد مقياساً عالمياً معتمداً في أوروبا ومنطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا.

وشرحت قعوار ما ورد في بيان وزارة الطاقة والثروة المعدنية حول آلية احتساب أسعار النفط، بالاعتماد على معدل الأسعار العالمية للمشتقات النفطية في الأسواق المرجعية مثل أسواق سنغافورة والبحر المتوسط، قائلة: إن هناك عدة بورصات معتمدة لتسعير النفط ومشتقاته، من بينها بورصة لندن، وبورصة سنغافورة، حيث تعتمد كل بورصة نوعاً من النفط الخام ليكون مقياساً.

وأشارت إلى أن بورصة سنغافورة تعتمد المعدل السعري أو المتوسط الحسابي لسعر كل من خام دبي وخام عُمان لتسعير النفط المصدرة من دول الخليج العربي. كما بينت أن أسعار النفط القياسية المستخدمة كأساس لاحتساب النفط الأخرى المباعة والمشتراة في الأسواق العالمية تتأرجح صعوداً وهبوطاً كل يوم.

وأوضحت قعوار أن أرامكو السعودية تصدر نفطها بشكل مباشر إلى المستهلكين النهائيين، دون أن يمر عبر وسطاء، لافتة إلى أن النفط السعودي ينقسم إلى خمسة أنواع هي: عربي سوبر لايت، عربي اكسترا لايت، عربي خفيف، عربي متوسط، وعربي ثقيل.

وبينت أن لكل نوع سعره، مرجحة أن يكون الأردن يستورد إما عربي خفيف أو عربي متوسط، وأن غالبية مستورداته النفطية من السعودية.

 

حسام عايش: النفط  يثير الرأي العام

ودعا المحلل الاقتصادي حسام عايش إلى اعتماد معادلة تسعير شفافية ومعلنة وواضحة ومنسجمة مع مفاهيم الشفافية، حتى يستطيع المواطنون جميعهم الاطلاع عليها.

وأوضح عايش لـ "أكيد" أن قطاع النفط يمثل أكثر الموضوعات إثارة للرأي العام، بسبب ملامسته مختلف طبقات المجتمع، وضبابية التعامل الحكومي وعدم الشفافية في كيفية استيراده وتسعيره.

وأضاف أن هذا الغموض يحرم المعنيين من أن يكونوا على معرفة بكيفية إدارة هذا القطاع، وبالتالي فإنهم يصبحون عرضة للخطأ سواء بالمغالاة أو التقليل، مثلما حدث مع الزبيدي.

ولفت عايش إلى أن الحديث عن المشتقات النفطية وما تتقاضاه الحكومة يتسبب في كل مرة بإثارة ضجة شعبية، "فمجموعة الرسوم والضرائب وطريقة التسعير تثير كثيراً من الفضول (..) فنحن لا نعرف السعر الحقيقي لبرميل النفط، الذي يحتسب على سعر خام برنت رغم أننا لا نشتريه، كذلك الأمر بالنسبة للاستناد إلى الأسواق المرجعية، حيث يتم أخذ الأسعار التي تكون مستوفية الرسوم والضرائب في بلدها ثم إضافة رسوم وضرائب وكلفة نقل وغيرها".

وقال عايش: إن الحكومة أعلنت أن إيراداتها من النفط بلغت 2.6 مليار دينار، وهو رقم كبير بالنسبة لبلد مثل الأردن، فمن حقنا أن نسأل أين تستخدم هذه الإيرادات وكيف، ولماذا تفرض مزيد من الضرائب والرسوم؟

وكرر انتقاده للتوجه الحكومي الذي وصفه بـ"استسهال" الاعتماد على إيرادات القطاعات الخدمية، بسبب الإقبال الكبير من المستهلكين وعدم قدرتهم على إيجاد بدائل، بدلاً من تعزيز إيراداتها في قطاعات أخرى مثل الزراعة والصناعة.

 

طاهر العدوان: غياب الجانب الاستقصائي

تظهر هذه القضية، قصور دور الإعلام في البدء بتحقيقات صحافية معمقة، والتي عادة ما تنشط في القضايا التي يحيطها التكتم والغموض وتغيب فيها المعلومات.

ولام الكاتب الصحفي والوزير السابق طاهر العدوان، الذي يرأس حالياً مجلس إدارة صحيفة المقر الالكترونية، الجهات الرسمية في التعاطي مع القضية،  وقال " مع الأسف، لا يوجد شفافية عند الجهات الحكومية".

وساوى العدوان في انتقاده بين الحكومة والإعلام "الرسمي" وما سماه الإعلام "الشعبوي"، فالإعلان مجهول المصدر كان قراراً "غير سليم"، حيث كان يجب دعوة جميع وسائل الإعلام واطلاعهم على حيثيات الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالمشتقات النفطية، وإزالة كل لبس عنها.

وأضاف أن الإعلام أصبح "ساحة متروكة للإشاعات"، وأن وسائل الإعلام تركت الشعب "مش عارف وين الحقيقة"، ملقياً باللائمة على "ضعف أو غياب" الجانب الاستقصائي والمتابعات المعمقة عن وسائل الإعلام الأردنية.

وتابع: هناك قضايا كثيرة تثير جدلاً في الشارع نتيجة عدم وجود شفافية ووضوح عند صانع القرار.

سعد حتر: الحكومة لم تجب عن السؤال

أما سعد حتر خبير الإعلام والمدرب المعتمد لدى مؤسسات إعلامية دولية، فرأى أن "عملية بناء الثقة بأثر رجعي غير مجدية؛ فمسألة تسعير المشتقات النفطية كانت وما تزال تثير الشائعات، والثقة غائبة منذ البداية".

وشرح حتر، المراسل السابق لهيئة الإذاعة البريطانية، أن ما زاد الطين بلة التوضيح الذي نشرته الحكومة على هيئة إعلان في إحدى الصحف، بعد "القنبلة" التي ألقاها الزبيدي، معتبراً أن رد الحكومة كان خاطئاً، إذ كانت يجب أن تدعو إلى لقاء أو مؤتمر صحافي لتوضيح كل الجوانب المتعلقة بالنفط".

وأضاف أنه على الرغم من كل التصريحات الصادرة إلا أن المواطن ما يزال يعتبر قضية التسعيرة لغزاً.

وقال إن الحكومة لم تجب عن السؤال الذي طرحه اقتصاديون وإعلاميون وجمهور حول لغز ارتفاع سعر اللتر من المشتقات النفطية في الوقت الحالي مقارنة بسعره في العام 2008، على الرغم من أن سعر برميل النفط الخام اليوم يتراوح بين 54 و56 دولاراً للبرميل،  بينما كان سعره 147 دولاراً في العام المذكور.

وحدد سعد حتر دور الصحافة الاستقصائية في الإجابة عن كل الأسئلة الغامضة، وملاحقة كل الألغاز وحلها.

وعبر حتر عن تفهمه للمشاكل التي تواجه الصحافة الاستقصائية في الأردن، وعلى رأسها "الأبواب الموصدة"، قائلاً: إن موضوعاً مثل كيفية احتساب التسعيرة النفطية يعد طريقاً مسدوداً أمام الصحافي، وإذا ما حصل على معلومات حوله، فإن تلك المعلومات تكون "كمعادلة لوغاريتمية يصعب فهمها"، وبالتالي يصعب توضيحها للجمهور المتلقي.

إلا أنه عاد وأكد أن تذرع صحافيين بصعوبة الحصول على المعلومة "أمر لا يمكن القبول به"، داعياً الصحافيين في الأردن إلى الاستمرار في "طرق الأبواب" لحين فتحها.

ونبه حتر إلى ضرورة اتباع وسائل أخلاقية للحصول على المعلومة، والتأكد من أن الدافع وراء كشف أية معلومة هو المصلحة العامة بعيداً عن الدوافع الكيدية.

وتساءل حتر: لماذا لا يتواصل صحافي أردني مع مصافي نفط في دول مجاورة للتعرف على كلف تكرير النفط، وتسعير مشتقاته، ثم احتساب كلف نقله وتخزينه وتوزيعه؟

واستذكر حتر ما تناقلته وسائل إعلام قبل سنوات، عن وجود خطط لبناء مصفاة نفط جديدة في الأردن، مطالباً الصحافيين بنبش مثل هذه الخطط ومعرفة أسباب تعثرها.

 

الدرعاوي: ثمة قصور في تغطية الشأن الاقتصادي

وقال الكاتب الصحفي سلامة الدرعاوي المتخصص في الشأن الاقتصادي إن  تغطية المواقع الإخبارية الالكترونية زادت  الجدل الدائر حول تسعير المشتقات النفطية، منتقدا ما اسماه "الاستخدام غير السوي" لمنصات التواصل الاجتماعي، و"افتقاد" كثير من المواقع الإخبارية الالكترونية لمحللين اقتصاديين وصحافيين متخصصين بالشأن الاقتصادي، ما تسبب في قصور في قراءة المشهد.

ولفت الدرعاوي، الذي أكد أن الأرقام التي وردت في الفيديو الذي تحدث فيه الزبيدي غير دقيقة، إلى وجود "تحامل" على الحكومة، و"ميل للأخبار السلبية" يتحكم به المزاج العام الذي يحكم الجمهور الرازح تحت وطأة الضغوط الاقتصادية.

 

لجنة تسعير المشتقات غير متاحة للإعلام

وتحدثت الصحافية رهام زيدان، التي تتابع ملف الطاقة والنفط في قسم الاقتصاد بجريدة الغد منذ سنوات، عن معاناتها في الحصول على المعلومة من مصادرها، قائلة إن الجهات المعنية بالنفط اعتادت "المماطلة" في الرد على استفسارات الصحافيين، وعندما تقوم بذلك يكون الرد غير وافٍ.

وبحسب زيدان، فإن المشكلة الأساسية ليست في قدرات الصحافيين، ولا في دعم المؤسسات الصحافية للجهد الاستقصائي، إنما في استجابة الجهات المعنية بالنفط، ضاربة مثلاً بأن إحدى أبرز "مطالبها وأمنياتها" التي لم تجد إجابة هي حضور اجتماع لجنة تسعير المشتقات النفطية الذي يعقد شهرياً.

ماذا نتعلم من هذا  الدرس؟

أولا: حاجة الإعلام الرسمي لممارسات تعكس أن الشفافية مصلحة وطنية ، ما يتطلب تمكين المجتمع ووسائل الإعلام من الحق بالحصول على المعلومات ، حيث حان الوقت لمراجعة التشريعات الخاصة بهذا الحق ، وتطوير قدرة مؤسسات الدولة على انشاء نوافذ للمعلومات العامة تكون متاحة أمام الجميع ، بما ينسجم مع حقوق المواطنين الأردنيين التي كفلها الدستور والقوانين والتزام الأردن بمبادرة الشراكة العالمية في الحكومات المفتوحة .

تُعلمنا مسألة أسعار النفط أهمية تمتين الحق في الحصول على المعلومات، وأن المجتمعات التي تهيمن عليها ثقافة التستر، ستبقى فريسة للإشاعات التي تدمرها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وان هذه القضية  يجب أن تشكل درسا مهما للدولة الأردنية في معالجة موضوع المعلومات العامة، بوصفها حقا للمجتمع بعيدا عن التضليل.

ثانيا: الحاجة إلى إعلام الخدمة العامة المستقل؛ فالإعلام العمومي الذي يلتزم بمعايير الاستقلالية والمصلحة العامة هو القادر على الاجابة عن الكثير من اسئلة الرأي العام الأردني ،  ما يعني الحاجة الماسة إلى تطوير الإعلام الرسمي، ليكون إعلام خدمة عامة يتحدث باسم الدولة والمجتمع معا.

ثالثا: الحاجة إلى صحافة استقصائية حقيقية ؛ فعلى الرغم من الجهود التي بذلت لتطوير الإعلام الاستقصائي في الأردن إلا أن هذا النوع من الإعلام لا دور حقيقي له في الحياة العامة وتحديدا في هذه المرحلة ، الأمر الذي يحتاج إلى تطوير قدرات المؤسسات الإعلامية والإعلاميين.

وعلينا أن نتذكر أن الصحافة الاستقصائية وجدت من أجل مواجهة الأبواب الموصدة والكشف عن المعلومات الغامضة والتصدي لثقافة التستر، وعلينا أن نتذكر دروس مبكرة في الصحافة المعمقة تعود إلى مطلع القرن العشرين بعدما كشفت إحدى الصحف وضمن سلسلة من التقارير المعمقة احتكار شركة Standard Oil Co. Inc. 1899–1911  حيث كشفت الصحافة عن احتكارها لسوق النفط الامريكي وتحكمها في تسعير المشتقات النفطية ونتيجة المعلومات المهمة التي قدمتها الصحافة قامت الولايات المتحدة بتغيير القوانين وانهارت الشركة.