حادثة حافلة المعتمرين: تغطيات شابها عدم التوازن وغياب الشمولية وخلط بين الآراء والمعلومات

حادثة حافلة المعتمرين: تغطيات شابها عدم التوازن وغياب الشمولية وخلط بين الآراء والمعلومات

  • 2017-07-09
  • 12

أكيد- أنور الزيادات

غاب عنصر التوازن عن 45% من التغطيات الصحافية لخبر وفاة ستة مواطنين وإصابة 38 بجروح ورضوض مختلفة، جراء تدهور حافلة تقل معتمرين في منطقة المعمورة غربي محافظة الطفيلة، أثناء عودتهم من أداء مناسك العمرة يوم الأحد 26 حزيران 2017، وبعد ذلك ارتفع عدد الوفيات إلى 7 في الأول من تموز.

وشكلت الجهات الرسمية "الحكومية والأمنية" حوالي 74% من الفئة الفاعلة في الأخبار التي رصدها "أكيد" والبالغ عددها 175 مادة نشرت حول حادثة المعتمرين خلال الفترة (26/6/2017 - 3/7/2017)، وحملت أخبار المصادر الحكومية في طياتها اتهامات، لشركات النقل، ومكاتب الحج والعمرة، والسائق بالمسؤولية الكاملة عن الحادث، وهي اتهامات غير مبنية على تقارير قضائية قاطعة.

عدد كبير من المحتوى الإعلامي صيغ على طريقة البيانات الصحافية، واكتفت أغلب المواقع بتصريحات مختصرة  للجهة الرسمية المعنية ( الدفاع المدني، الأمن العام، وزارة الصحة ووزارة النقل)، ولم تستقص عن الحادثة من أطرافها المختلفة، مما جعل هذه التغطيات تقريباً تشترك في أنها اشتملت على نقص جوهري في المعلومات اللازمة لبناء الخبر مكتمل العناصر.

ونقلت وسائل الإعلام هذا الخبر بعناوين جاذبة وأحياناً بأخبار مرفقة بصور مؤثرة وبشريط عاجل، واستفادت منه باعتباره خبراً جاذباً للقراء، دون متابعة معمقة بشكل عام، فيما تخللت المواد بعض التغطيات العشوائية غير المحترفة وغير المهنية، بسبب السرعة والاستسهال.

 فئة الفاعلين

الجهات الحكومية كانت الفئة الفاعلة في المحتوى الإعلامي المنشور بحوالي 46% وهي نسبة تقترب من النصف، وما يؤشر على حجم الدور الحكومي ودوائره الإعلامية في صناعة الخبر والتأثير، وتشكل مؤشر على الدور الذي تستطيع أن تقوم به الحكومة في توجيه الإعلام لنقل ردودها ووجهات نظرها بالاتجاه الذي ترغب ولو بشكل نسبي.

وفي المرتبة الثانية، حلت المصادر الأمنية، والتي شكلت الفئة الفاعلة في حوالي 28% من الأخبار، والتي نقلت عبر مكاتبها الإعلامية تفاصيل الحادث، فقد شكل بيان الدفاع المدني "العامود الفقري" للتغطية الإعلامية، والخبر الأساس في الساعات الأولى من وقوع الحدث، وبعد ذلك اعتمدت عليه بشكل كبير وسائل الإعلام كخلفية للتصريحات الحكومية والبيانات الصحافية المتوالية حول الحادث.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الجهات الرسمية "الحكومية والأمنية " شكلت حوالي 74% من الفئة الفاعلة من الأخبار، وهو مؤشر على كيفية تعامل وسائل الإعلام مع مثل هذه الأحداث والقضايا.

الجهات الأخرى شكلت 26% من الفئات الفاعلة وبنسب مختلفة أبرزها: الخبراء 2%، شركات الحج والعمرة والمكاتب السياحية 3%، شركات نقل 2%، فيما لم يتجاوز دور المصابين وشهود العيان 1%...الخ.

وهذا يكشف عن أن وسائل كانت أقرب إلى الأداة والوسيلة لنقل ما يرغب الآخرون بوصوله إلى الجمهور، ويكشف قوة الإدارات الإعلامية الحكومية في مواجهة القطاع الأهلي والخاص، كما يؤشر على سلبية وسائل الإعلام وعجز الصحافيين في الوصول إلى أطراف القضية كافة.

الجدول رقم (1)

فئة الفاعلين العدد النسبة
جهات حكومية 8046%
مصادر امنية 4928%
جهات أخرى 4626%
المجموع175100

القالب الصحافي

شكلت الأخبار 86% من القالب الصحافي للمحتوى الإعلامي الذي نشر حول حادث تدهور حافلة المعتمرين في منطقة المعمورة، وهذا يكشف عن شكل وطبيعة تعامل الإعلام مع هذا الحادث والحوادث المشابهة؛ فوسيلة الإعلام تنقل خبراً عاجلاً يقدم معلومات سريعة ومختصرة للمتابع، وهو أمر منطقي ومقبول في اليوم الأول والثاني من وقوع الحادث.

وهذه الأخبار بشكل عام كانت متشابهة التفاصيل والمضمون والشكل، معتمدة على بيان الدفاع المدني حول الحادث، وتصريحات لوزير الصحة الدكتور محمود الشياب، وتصريحات وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور وائل عربيات.

لم تنشر وسائل الإعلام أي تحقيق حول الحادث وهو أمر قد نجد له تبرير بسبب قصر الفترة الزمنية بعد الحادث وهي مدة أسبوع، ولكن لوحظت النسبة القليلة للتقارير الصحافية والتي شكلت حوالي 6% من المحتوى الإعلامي، وأغلب هذه التقارير شابها عدم التوازن، وغياب الشمولية، والخلط بين الآراء والمعلومات، ما يشكل مؤشراً سلبياً على تعاطي وسائل الإعلام مع مثل هذه الأحداث، التي ترتبط بأروح الأردنيين وسلامتهم.

 وشكلت مقالات الرأي حوالي  8% من المحتوى الإعلامي  الذي ناقش هذه القضية، وغلبت  العاطفة على المقالات التي غطت هذه الحادثة، وكانت التعابير الانشائية السمة الغالبة على المقالات.

ويعطي القالب الصحافي مؤشراً على حجم الجهد الإعلامي المبذول في تغطية أي قضية، وفي حادث المعتمرين  تؤشر نسبة الأخبار على ما يمكن وصفه بـ"الكسل الإعلامي" في التغطية.

الجدول رقم (2)

القالب الصحافي العدد النسبة
خبر 15086%
تقرير 106%
مقال 158%
المجموع175100

التوازن

التدقيق في المحتوى الإعلامي المنشور يكشف غياب التوازن عن 45% من المواد المنشورة؛ فالكثير من الأخبار التي صدرت عن المصادر الحكومية حملت في طياتها اتهامات لشركات النقل، ومكاتب الحج والعمرة، والسائق بالمسؤولية الكاملة عن الحادث، وهي اتهامات غير مبنية على تقارير قضائية قاطعة، فيما لم تعط المساحة للجهات المتهمة بالرد على هذه التصريحات وكانت بشكل محدود، والتوازن هو نقل المعلومات وآراء المصادر بتساو ودون أي أحكام أو تقييم، ولابد من الإشارة إلى أن المضمون المتوازن لا يعني دائماً المضمون الدقيق.

وشكل المحتوى المتوازن حوالي 55% وهنا لا بد من الإشارة إلى تصنيف بيان الدفاع المدني بالمحتوى المتوازن، فالبيان نقل ما نتج عن الحادث، دون الإشارة الى أي معلومات جدلية تحتاج إلى رأي الطرف الآخر.

التوازن أحد أهم المعايير التي تبنى عليها مصداقية المحتوى الإعلامي، الذي تبنى عليه ثقة الجمهور بالوسيلة، وحتى لا تتهم وسائل الإعلام بالانحياز لجهة دون أخرى.

جدول رقم (3)

التوازنالعددالنسبة
متوازن 9755%
غير متوازن 7845%
المجموع 175100

وظيفة المحتوى

الوظيفة الإخبارية شكلت 76% من المحتوى المنشور حول تدهور حادث المعمرين، وهذا يبين أن وسائل الإعلام حاولت الوصول إلى الجمهور عبر تقديم معلومة خبرية مقتضبة حول الحادث، والتركيز على "الفاجعة والحادث المروع" الذي وقع ضحيته ست وفيات و38 إصابة في اليوم الأول، وبعد ذلك وفاة أحد الجرحى، وتصريحات الجهات المعنية .

كما أن التدقيق في تفاصيل المحتوى الإعلامي يكشف عن قلة مبادرة وسائل الإعلام لصناعة الخبر، والاكتفاء بنشر المعلومات كما تصل بلمسات تحريرية بسيطة. 

أما المحتوى التحليلي للحادث وأسبابه فشكل حوالي 14%، والمتابعة شكلت حوالي 10% من المحتوى الاعلامي .

جدول رقم (3)

وظيفة المحتوى العدد النسبة
أخباري 13276%
تحليلي 2514%
متابعة 1810%
المجموع175100%

المصادر

أغلب الأخبار والتقارير اعتمدت على مصدر واحد في طرح القضية، وبشكل عام بعض الأخبار لا تحتاج الى أكثر من مصدر، لكن أن تصل نسبة المحتوى الإعلامي حول هذا الحادث الى 83%، فهذا يعد مؤشراً على ضعف الجهد الإعلامي المبذول من الصحافيين.

المصادر العددالنسبة
مصدر 13383%
أكثر من مصدر 2113%
لا يوجد مصدر64%
المجموع160100

فالمصادر الموثوقة سمة بارزة للأخبار التي تتمتع بالمصداقية وتحوز على ثقة الجمهور، وفي هذا الجزء من الرصد تم استثناء المقالات من مقياس توفر المصادر، على الرغم من أن عزو المعلومات إلى مصادرها حتى في المقالات مهم، لزيادة ثقة الجمهور بالمعلومة التي يطلع عليها فيما غابت المصادر عن 4% من الأخبار.

ملاحظات على التغطية

بيانات وتصريحات

صيغت أغلب الأخبار على طريقة البيانات والتصريحات التي تصدر عن الجهات المعنية، واكتفت كثير من وسائل الإعلام بتصريحات مختصرة جداً للجهة الرسمية المختصة، ولم تستقص الحادثة من أطرافها المختلفة، هذا النمط من العمل الصحافي، تسبب بنقص في المعلومات التي تشبع فضول الجمهور فالتغطية الوافية ومتابعتها تنبع أساساً من التزام الإعلام أمام متابعيه بكشف الاختلالات، وتحديد الجهات المسؤولة عن هذا الحادث، ومراقبة أداء هذه الجهات في معالجة هذه الاختلالات، وتوجيه أصابع المسؤولية إلى الأطراف المعنية، وهل المسؤولية تقع على وزارة الأوقاف، أم على وزارة النقل، أم على مكاتب الحج والعمرة، أم على شركة النقل، أم على السائق، وهل يتحمل الركاب جزءاً من المسؤولية.

الصور والفيديو

خبر الحادث والوفيات الذي تداولته المواقع الإخبارية عزز بصور للحادث، وفي بعض الأخبار فيديو لعمليات الإنقاذ التي نفذتها كوادر الدفاع المدني، لكن الملاحظ أن أي من هذه المواقع لم تشر إلى مصدر الصور والفيديو بأي معلومة وتوضيح، وهو ما يخالف أخلاقيات المهنة، فيما نسبت بعض المواقع الصور والفيديو لنشطاء على مواقع التواصل.

عدد الوفيات والجرحى

على الرغم من صدور بيان الدفاع المدني حول الحادث، إلا أن مواقع إعلامية رفعت عدد الوفيات إلى ثماني، وعلى لسان مصادر أمنية، وهذا مؤشر على نقل بعض المواقع معلومات غير صحيحة من مواقع أخرى، دون التدقيق في المعلومات، ومثلها أيضاً الكشف عن السبب الرئيسي لحادثة المعتمرين الأردنيين التي أدت لوفاة 6 وإصابة 52، في حين أشارت الأخبار حول ضحايا الحادث إلى ارتفاع الوفيات الى 7 معتمرين و37 إصابة.

عناوين غير دقيقة

نشرت مواقع إخبارية عناوين غير صحيحة وتفتقد للدقة والمصداقة لجذب الجمهور ومنها وزير الأوقاف: سنمنع الحج براً ونجعله جوا وارتفاع عدد وفيات حادث المعتمرين إلى 8 وطائرات إخلاء لنقل المصابين للمدينة الطبية و بالفيديو: ارتفاع عدد وفيات حادث المعتمرين وطائرات إخلاء لنقل المصابين.

ولوحظ أن مواقع خلطت بين المقال والخبر فيما كانت بعض عناوين الأخبار لا يمت بصلة للمتن، تنظيم النقل تسجل شكوى بحق مالك وسائق حافلة المعتمرين وحملت بعض الإخبار عناوين لها مدلولات لغوية ناقدة مثل ووزير الأوقاف يتصدق على المصابين وذوي المتوفين في حادث تدهور حافلة المعتمرين .

المتتبع للمحتوى الإعلامي حول الحادث يتبين له أن أغلب المواد صيغت في المكاتب المغلقة معتمدة على البيانات الجاهزة والتصريحات المعلبة دون النزول إلى الميدان أو موقع حادث تدهور الحافلة في منطقة المعمورة غربي محافظة الطفيلة، فعدد الأخبار التي نقلت من محافظة الطفيلة لم يتجاوز أصابع اليد، وجميعها نشرت في الصحف اليومية .

ونفى وزير النقل جميل مجاهد أن تكون الحافلة التي تعرضت لحادث سير فجر الاثنين وأدت إلى وفاة (7) معتمرين وإصابة العشرات تعمل على خط (عمّان – الزرقاء)، وأن يكون هناك تغييرا حصل في الحافلة عند الحدود.

ومن أبرز العناوين التي غطت الحادث وتكشف عن وجود تناقض في التغطية الإعلامية  :وكلاء السياحة والسفر ليسوا هم الجهة المسؤولة عن حوادث الحافلات، ومكاتب الحج والعمرة تهاجم الحكومة: لسنا وحدنا المسؤولين عن حوادث السير، وثائق.. حافلة المعتمرين غادرت الاردن بتصريح، ومالك الشركة: هذا ما حدث وسأقاضي الاوقاف ومصدر : حافلات العمرة تخضع للفحص الفني مرة واحدة في السنة فقط ...شبيب: موقع حادث حافلة المعتمرين يفتقر لعناصر السلامة  وبخلاف تصريحات وزير الاوقاف...مصادر: لا وجود لمحطة فحص فني لحافلات المعتمرين في معان ومصدر أمني : حافلات العمرة لا تخضع لفحوصات فنية وكلاء السياحة والسفر عن حادث المعتمرين: الأطراف المسؤولة تتهرب و تفاصيل جديدة في حادثة حافلة المعتمرين - صور تعرض للمرة الاولى وزير النقل: حافلة المعتمرين لا تحمل موافقة.

ويتضح من متابعة المحتوى الاعلامي حول الموضوع أن بعض الجهات الحكومية حاولت توجيه وسائل الإعلام إلى تحميل الشركة الناقلة، وشركات الحج والعمرة عموماً، مسؤولية هذه الحادثة، كما أن وسائل الإعلام ذاتها لم تحاول نقل وجهة نظر الطرف الآخر، والاكتفاء بما يصل جاهزاً للنشر وأحياناً دون تحرير التصريح الصحافي أو البيان الذي يصل إليها.