(# كلنا_أكرم) .. كيف تصنع منصات التواصل الاجتماعي قضايا الرأي العام ؟

(# كلنا_أكرم) .. كيف تصنع منصات التواصل الاجتماعي قضايا الرأي العام ؟

  • 2017-07-25
  • 12

أكيد – أنور الزيادات

نالت شكوى "أكرم" حول خدمة الانترنت المقدمة من قبل شركة "أمنية" للاتصالات اهتماما كبيرا على مواقع التواصل  الاجتماعي، وانتقل هذا الاهتمام إلى المواقع الإخبارية، بعد أن تحولت هذه الشكوى إلى قضية رأي عام خلال ثلاثة أيام من الخميس 20 تموز الى يوم السبت 22 تموز2017.

مرصد مصداقية الأعلام الأردني (أكيد) رصد وجود ما يزيد عن 40 محتوى اعلاميا تناول قضية "أكرم" في المواقع الاخبارية المحلية، كما أن القصة تناولتها عدد من المواقع العربية، فيما حصل تعليق ورد شركة أمنية على الشكوى " الكومنت بالكومنت….والبادي أكرم ….أمنية – أكرم" على 47 الف اعجاب و20 الف تعليق وحوالي 1700 مشاركة. 

وتفاعل رواد مواقع التواصل مع هاشتاغات مثل ( #كلنا-أكرم، #أمنية- أكرم) وتحولت شكوى أكرم إلى "ترند" بعدما انتشرت جملة "شو اللي عاملينه أمنية بأكرم" وتحول التضامن نحو هاشتاغ (#كلناـأكرم) حيث وصل الى أكثر من 10000 تغريدة خلال 24 ساعة وفق مواقع أخبارية.

وأشار أحد الأخبار المنشورة حول الموضوع أن 72 % من الأردنيين على تويتر تفاعلوا مع أمنية وأكرم فيما وصل التفاعل من مغردين من السعودية بنسبة 3.3 بالمئة تفاعلوا مع القصة، ووصلت النسبة إلى 5.8 بالمئة من الولايات المتحدة ونحو 1.67 بالمئة من المانيا وفق إحصائيات أطلقها موقع keyhole.

وفي نظرة متمعنة حول طرح قضية أكرم من قبل المواقع الإخبارية، نجد أن هناك تشابها في المضمون واختلافا في العناوين، ومن أبرز العناوين التي تناولت قصة أكرم "أمنية تتعامل بإيجابية مع مشكلة المشترك " أكرم" على منصات التواصل الإجتماعي (كلنا أكرم)، هل حلت "أمنية" مشكلة أكرم؟، فزعة أردنية عبر "الفيسبوك" تفاعلا مع "أكرم"، اليك قصة "كلنا_أكرم" الذي أشعل مواقع التواصل!!، ما قصة هاشتاق #كلنا_اكرم ؟؟ ،أمنية تتفوق في ردها وأكرم يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي،النسور يتضامن مع باقي الأردنيين بخصوص "اكرم" !!، أكرم يشغل الأردنيين .. من هو أكرم ولماذا؟، إليك قصة #كلنا_أكرم الذي أشعل مواقع التواصل".

ونشرت مواقع تنويها من هيئة تنظيم الاتصالات جاء فيه :"تود هيئة تنظيم قطاع الاتصالات اعلامكم أنه تم التنسيق مع شركة أمنيه لحل مشكلة المشتكي أكرم بالاتفاق مع المشتكي"، داعية المستفيدين من خدمات الاتصالات التواصل مع الشركة المعنية في حال وجود أية ملاحظات ومن ثم التواصل مع الهيئة على الرقم المجاني 117000.

وحصل منشور على صفحة أكرم محمد على 167 مشاركة وحوالي 8 ألاف اعجاب و2743 تعليقا، وجاء فيه "أشكر الجميع وكل الشركات التي تضامنت معي وقدمت لي العروض والهدايا، وأعتذر عن قبول أي هدية أو عرض تم تقديمه لي مع جزيل الشكر للجميع/بالنسبة للرسائل، أعتذر أيضا عن عدم الرد عليها بسبب كثرتها وزيادتها مع الوقت. وأخيراً أود أن أنوه أن هذا هو حسابي الوحيد، وأنا غير مسؤول عن أي شيء يتم تداوله عبر الحسابات الوهمية الأخرى التي تحاول استغلال الموقف".

وقال المسؤول في قسم التواصل الاجتماعي بشركة أمنية يزن صوالحة ل"أكيد"،  "كل التعليقات التي تصل الى صفحات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي يتم التعامل معها بنفس الطريقة والاهتمام، وهذه المشاكل والقضايا تحدث مع جميع الشركات الأخرى، وقضية أكرم لاقت تفاعلا كبيرا، ذلك يحدث عند اتفاق مجموعة من المستخدمين على نشر ومتابعة قضية بشكل فكاهي وبالتندر، وهذه المرة كانت على صفحة أمنية".

وأضاف "ان قضية أكرم لها أثر سلبي على تعاملنا مع الشكاوى، فعلى سبيل المثال اذا كنا نتعامل مع 1000 شكوى وتعليق يوميا فمع قضية أكرم ارتفع العدد الى 10 أضعاف وهذا يجعل التعامل مع الشكاوى يحتاج الى جهد ووقت كبيرين"، مشيرا الى أن "المعلقين يميلون لطرح تعليقات واستفسارات غير جدية، تؤثر على ردود الشكاوى الحقيقية  للزبائن".

وقال صوالحة "نحن نعمل على تحويل الترفك (ضغط التعليقات) الذي  يكون سلبيا أحيانا الى ايجابي، وهذا ما حصل مع قضية أكرم  فهناك تهويل للأمور أحيانا"، مشيرا الى "تدول النشطاء أحيانا لتعليقات منسوبة لأمنية وهي غير حقيقة اعتمد ناشروها على الفوتوشوب".

وظهر حديثا في الإعلام الرقمي مصطلح يسمى (Troll) يصف دور مجموعة من الناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي ومحترفي الاعلام الرقمي، تستأجرهم أو تعينهم بعض الجهات والمؤسسات بهدف الاطاحة بشخص أو جهة أو رأي أو فكرة، أو حتى دولة، ينقسمون في تعليقاتهم ومشاركاتهم بين شخص مؤيد بشدة لما طرح، وأخر متردد أو ومحايد والثالث معترض بقسوة.

وقال الصحافي والمدرب الإعلامي زياد الرباعي لمرصد مصداقية الاعلام الأردني (أكيد)، "لا يوجد قواعد مهنية بشكل عام عند النقل من التواصل الاجتماعي إلى وسائل الإعلام"، مشيرا الى أن بعض الممارسات في التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية "لا تمت للمهنية بشيء".

وأوضح أن قضية أكرم لاقت رواجا كبيرا في مواقع التواصل الإجتماعي، فالأخبار الخفيفة والقريبة من مصالح الناس تلاقي اهتماما مشيرا الى تزايد متابعة الجمهور لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة  بالإعلام التقليدي لدرجة فرض فيها أجندته أحيانا على وسائل الإعلام.

وأوضح ان "المشاكل التي تواجه مشتركي أمنية تواجه المستفيدين من خدمات الشركات الأخرى كزين وأورانج ، لكن الإعلام مقصر بنشر شكاوى المواطنين حول خدمات شركات الاتصالات بسبب هيمنة الاعلان،  فوسائل الإعلام تبحث عن رضا شركات الاتصال التي لها حصة كبيرة من سوق الاعلان المحلي، فيما شبكات التواصل الاجتماعي تشكل مساحة واسعة  لنشر الشكاوى".

وحول فرضية قيام جهات بطرح قضية أكرم للتغطية على قضايا أخرى مهمة، يقول الرباعي "ان قضية المؤامرة غير موجودة بهذا الخصوص، فقضية أكرم لم تغط على أخبار الأقصى، أو محاكمة قضية الجفر، أو غيرها، فهناك حيز في الإعلام لتغطية جميع تلك القضايا"، مشيرا الى أن مثل هذه القضايا لا تترك أثرا على المدى الطويل بشكل سلبي أو ايجابي على مقدمي الخدمة.

بدوره قال الصحفي الاقتصادي المختص بتغطية أخبار الاتصالات والتكنولوجيا المعلومات ابراهيم مبيضين، "استخدام وانتشار التواصل الاجتماعي لا يمكن تجاهله بغض النظر عن نوعية الشكوى أذ ما علمنا أن هناك 5.7 مليون مشترك فيسبوك في الأردن و250 الف على تويتر ومليون مشترك على انستغرام".

وأضاف في تصريح ل"أكيد"، "يجب التفاعل مع ما ينشر خاصة في حالة الشكاوى التي تطرح بشيء من الفكاهة، والقضايا الاجتماعية مثل تعليمات سن زواج التي انتشرت على التواصل الاجتماعي وردود الفعل عليها"، مشيرا إلى أن مواقع التواصل تتناول القضايا بسطحية وهذا لا يقتصر على قضية أكرم بل يصل الى الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية.

ويضيف، "كمختص يجب التعامل مع الشكاوى على التواصل الاجتماعي بحذر وايجابية، فالحذر ضروي فنحن لا نعلم من يجلس خلف أي شاشة حاسوب أو هاتف ذكي ليكتب ما يريد، خاصة أن التعليقات على مواقع التواصل يغلب عليها الطابع السلبي، وردود الفعل العاطفية وتفشي خطاب الكراهية، مضيفا "بالمعدل يعرف صاحب حساب فيسبوك 20 % من الأصدقاء والمتابعين في العالم الحقيقي، والبقية معرفتهم سطحية وأغلبهم من العالم الافتراضي".

وقال مبيضين "ان العديد من المؤسسات حاولت استغال قضية أكرم لتسويق منتجاتها، فشركة أمنية قامت بنشر رد ذكي لاقى الاعجاب (الكومنت بالكومنت والبادي أكرم)، وأورانج حاولت استغلال الحالة، ومطاعم ومقاهي أعلنت عن عروض مرتبطة بتفاعل الجمهور مع قضية أكرم، وذلك بحكم الانتشار الواسع لهذه الوسيلة في ظل تضخيم الواقع، والطرح الفكاهي الذي يلاقي قبولا واسعا من الجمهور".

وأوضح أن شركات الاتصالات تفتح نوافذ عديدة لاستقبال الشكاوى ومنها الهاتف وشبكات التواصل، مشيرا الى أن أكرم اختار شبكات التواصل والتي تتيح اطلاع العامة عليها، وعزا ردود الفعل الكبيرة على شكوى أكرم "لاسلوب العرض البسيط ولغة الشكوى وتوقيتها".

وأضاف "عندما نتحدث عن شكاوى الاتصالات لا بد من الإشارة إلى أن هناك حوالي 16 مليون اشتراك خلوي، وما يزيد عن 8 ملايين مستخدم انترنت والشكاوى تتنوع حول وضوح الصورة ووضوح الصوت، وجودة الخدمة، وفي العادة تعود هذه المشاكل الى العدد الكبير من عملاء الشركة في منطقة معينة أو عدم وجود أبراج تغطي المنطقة".

وحول اتهام الاعلام التقليدي بعدم متابعة الشكاوى على شركات الاتصالات بسبب الاعلان، قال مبيضين "أن وسائل الاعلام التقليدية تغطي الشكاوى العامة مثل غياب التغطية عن منطقة معينة عدم وجود أبراج، وأي قضية عامة، أما القضايا الفردية فلا يتم متابعتها الا اذا شعرنا أن هناك ظلما واضحا وقع على المشترك".

ملاحظات

  • القضية لاقت اهتمام شخصيات سياسية سابقة رفيعة المستوى فقد شارك فيها رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور على صفحته الشخصية، وهذا يعني أن بعض القضايا التي يتم تصنيفها على أنها "شعبية" تلاقي اهتماما على مستويات عالية.
  • حس الفكاهة أصبح أحد أساليب الإعلام الأردني في تناول القضايا، وأستطاع الأردنيون أن يحوّلوا قضية أكرم إلى قضية جماعية ، فكان "البوست" بالـ "بوست" و"الكومنت" بالـ "كومنت" والبادي أكرم ما ميز هذه القضية، وهو ما انعكس على المحتوى الإخباري لوسائل الاعلام.
  • أثارت قضية أكرم موجة نقاش مجتمعي حولها، وتفاعلت معها وسائل التواصل الاجتماعي، التي أسهمت بشكل واضح في خلق رأي عام، الأمر الذي أدى إلى تفاعل وسائل إعلام عربية أخرى معها، وليس فقط في الأردن، ولكن من الملاحظ  أن المحتوى الاعلامي في المواقع الالكترونية تناول شكاوى الاتصالات بنوع من السطحية.
  • تقدم شبكات التواصل الاجتماعي العديد من الأخبار والقصص والتقارير الانسانية والاجتماعية، ما يجعلها مصادر مهمة للأخبار، وهي تمتاز بالسبق والفورية، ولكن التحقق والاستقصاء والمتابعة ليست من مهامها، بل تنحصر هذه المهمات بالوسائل المحترفة، ولكن في هذه القضية كانت وسائل التواصل الاجتماعي في جوهر الموضوع وليس فقط أداة لنقل الاخبار.
  • شبكات التواصل الاجتماعي متحررة من قيود النشر المهني مقارنة بالإعلام التقليدي والمؤسسي ، ولكن على وسائل الإعلام المحترفة كالمواقع الإخبارية أن تراعي الضوابط المهنية ومعايير التحقق قبل النشر مثل التوازن والدقة ، حتى لا تصبح أداة لتداول الشائعات أو تضخيمها.
  • مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت في بعض الاحيان تقود الإعلام المحترف الذي بدأ يفقد السيطرة التقليدية على فضاء المحتوى الإعلامي، وفي هذه القضية نستطيع المقارنة حول تحول متابعة الجمهور لما تنشره وسائل التواصل مقابل الاعلام التقليدي.