فيديو الأمن العام: مخالفات مهنية بالجملة

فيديو الأمن العام: مخالفات مهنية بالجملة

  • 2018-08-08
  • 12

أكيد- في وقت تصدّرت فيه التعليقات الساخرة وسائل التواصل الاجتماعي حول الفيديو الذي بثّه الأمن العام للمشتبه بتورّطه بالسطو على بنك الأردن في منطقة أبو نصير، والذي تداولته قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية،  فإن "أكيد" رَصَدَ عدداً من المخالفات التي تنقل الفيديو نحو خانة المخالفات المهنية.

يستهلّ المُحاوِر حديثه مع المشتبه به بقول "يعطيك العافية"، ليمضي نحو طرح أسئلة حمَلَت طابع التحقيق الذي ينصّ القانون أن المنوط به هو الادّعاء العام فقط، كما أن الأسئلة المطروحة انطوَت على الإيحاء، وبَدَت الإجابات كما لو أنها مرتبة مسبقاً.

وعلى الرغم من كون التصوير جاء من الخلف؛ لإخفاء هوية المشتبه به، فإن الصوت بقي على حاله، كما سُئِل عن تفاصيل قد تسهّل معرفة هويته في الأوساط الاجتماعية والمهنية التي ينخرط بها.

وتحت عنوان "لا يحدث إلا في الأردن"، توالَت التعليقات الساخرة، التي ركّزت على شكر المشتبه به أجهزة الأمن العام لسرعتهم في القبض عليه، كما طلِبَ منه في الفيديو توجيه رسالة للشباب الأردني، ما يطرح سؤالاً حول منطقية الطلب من مشتبه به بسرقة بنك توجيه رسالة.

وينصّ الدستور الأردني على كون المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهو ما يبتّ فيه القضاء وحده، وحتى ذلك الحين يُعامَل المقبوض عليه معاملة المتهم، حتى وإن أدلى باعترافات؛ ذلك أن هذه الاعترافات قد تكون مأخوذة تحت تأثير عامل ما، بحسب ما يقول المختص بالتشريعات الإعلامية الصحافي يحيى شقير.

يستدرك شقير أن الأمن العام ليس وسيلة إعلامية، وبالتالي يصعُب إخضاع ما ينشره للمعايير الإعلامية واعتباراتها، لكن الأساس هو النقطة الآنفة، أي نشر فيديو يبتّ في ضلوع هذا الرجل بجريمة السطو قبل أن يقول القضاء كلمته النهائية، ما يُعدّ مخالفاً للقانون؛ إذ ليس الأمن العام من يُصدر الحكم النهائي، مُذكّراً في هذا السياق بتهديد الأمن العام سابقاً نشر أسماء وصور من ثَبَتَ تورّطهم بالسطو على البنوك، ومن ثم تراجُع الأمن عن هذه الخطوة التي كانت مزمعة.

ويذهب أستاذ التشريعات الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة لمثل ما ذهب إليه شقير، قائلاً إن ما حدث مليء بالأخطاء المهنية، ومتسائلاً عن الدافع وراء نشر فيديو كهذا "هل يريد الأمن العام البرهنة على كونه يعمل جدياً؟ كلنا يعلم ذلك من دون الحاجة لفيديوهات من هذا القبيل".

وركّز الخصاونة على جزئية الاستجواب العلني، قائلاً إن الجهة المخوّلة بالاستجواب ليست تلك التي ظهرت في الفيديو بل المدّعي العام، "وحين يحدث الاستجواب لا بد من مراعاة شرط الخصوصية وليس بثّ الاعترافات علانية"، مكملاً أن التفاصيل التي أوردها المشتبه به قد تغذّي مخيلة آخرين لارتكاب أفعال مماثلة.

وتناولت مواقع إخبارية فحوى الفيديو الذي نشرته قنوات عبر موقع "يوتيوب"، مع البتّ في إدانة الشخص، وليس اتهامه، رغم كون القضاء لم يُصدر حكمه بعد، ما يُعدّ مخالفة إعلامية، احتكاماً لقانون المطبوعات والنشر.

 

وكان معهد الإعلام الأردني قد أورَد مجموعة من الأُطر الإخلاقية والمهنية للتعاطي مع الحوادث من هذا القبيل، فيما يلي بعضها:

  • التفريق قانوناً بين المشتبه به (الشخص الذي تم إلقاء القبض عليه)، والمتهم (الشخص الماثل أمام المحكمة) والمدان (الشخص الصادر بحقه من المحكمة حكما قطعيا بالإدانة).

 

  • عدم نشر أسماء أو صور الأطفال والأحداث في حالة نزاعهم مع القانون بشكل نهائي.

 

  • المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وبالتالي لا يجوز نشر أسماء أو صور المشتبه بهم أو المتهمين بالجرائم والقضايا حتى صدور حكم قطعي، مع النظر في القيمة الاجتماعية التي سيحققها النشر حتى في ظل صدور حكم قطعي بالإدانة.

 

  • الامتناع عن نشر ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة في الدعاوى الجنائية أو المدنية، بطريقة تستهدف التأثير على صالح التحقيق أو سير المحاكمة.

 

  • عدم اعتبار أسماء وصور المشتبه بهم الصادرة عن الأجهزة الامنية، مبررا لنشر هذه الأسماء والصور، وإخضاعها لمعيار القيمة الاجتماعية قبل الإخبارية.

 

  • عدم نشر الاسم الرباعي للمشتبه به أو المتهم او المدان، وإخضاعه لمعيار القيمة الاجتماعية قبل الإخبارية.

 

  • إمكانية نشر صور المدانين في قضايا مكرري الاعتداء الجنسي على الأطفال، باعتبارها الطريقة الأمثل لتحذير الأسر والأطفال منهم.

 

  • إمكانية نشر صور المشتبه بهم في ارتكاب جرائم كبرى تهدد أمن السكان، في حالة الفرار من السلطات، بهدف التحذير وطلب المساعدة في إلقاء القبض عليهم.

 

  • عدم نشر صور أو أسماء المشتبه بهم أو المتهمين أو المدانين في قضايا تتعلق بالأحوال الشخصية وخصوصيات الناس والقضايا الأسرية كالطلاق والزنا والنفقة.

 

  • في حال نشر صورة المدان أو المشتبه به الفار من العدالة، مراعاة أن تكون الصورة ساكنة ولا تتضمن مؤثرات يمكن أن تشجع على العنف والجريمة وتظهر صاحب الصورة بشكل بطولي، كما لا يجوز نشر صورة فاضحة للمشتبه به يمكن أن تؤثر على مجريات سير العدالة.

 

  • إمكانية نشر الأسماء الصريحة وصور من يصدر بحقه من المتهمين حكما قطعيا بالبراءة، مع الامتناع عن نشرها طوال فترة المحاكمة.

 

  • تجنب نشر اسم وصور المدانين في القضايا البسيطة التي لا تشكل خطراً على المجتمع، وتكون المرة الأولى لهذا المدان من منطلق مساعدته على إصلاح نفسه وعدم التشهير به في المجتمع.

 

  • عدم تقصّد وسائل الإعلام السخرية من المدان، من خلال صورة أو رسم كاريكاتوري أو انتقاد إعاقة في جسده، أو انتقاد عرقه أو دينه أو جنسه أو جنسيته.

 

  • يجوز نشر الاسم من مقطع واحد وصورة المشتبه به في جرائم كبرى متكررة وخطيرة (قاتل متسلسل)، أو شكلت قضيته رأيا عاما قبل إلقاء القبض عليه، وهذا يعتبر نوعا من التوثيق للجرائم الكبرى.

 

  • إذا كانت هناك صلة بين منصب عام وجريمة ارتكبها أحد المسؤولين أو الأشخاص المنتخبين، يمكن نشر صورته في مراحل (المشتبه به) و(المتهم) و(المدان).

 

  • عدم نشر صور أو أسماء أفراد عائلة المشتبه به أو المتهم أو المدان، ما لم يسمح أحدهم بشكل صريح بذلك، شرط أن يقدم نشرها قيمة إخبارية وضمان عدم تعرض أي منهم لأعمال انتقامية من ذوي الضحايا أو أفراد المجتمع.

 

  • ضمان حق المدانين في أي قضية ممن أنهوا عقوباتهم وعادوا للمجتمع، بأن يكونوا طيّ النسيان، وعدم استدعاء صورهم أو أسمائهم من الأرشيف وإعادة نشرها.