مبالغة وتهويل في عدد من التغطيات الإعلاميّة لحالة الطقس

مبالغة وتهويل في عدد من التغطيات الإعلاميّة لحالة الطقس

  • 2019-02-27
  • 12

أكيد - آية الخوالدة -

انساقت وسائل إعلام محليّة وراء لغة التهويل في تغطيتها للتنبؤات الجويّة حول المنخفض الجويّ، الذي بدأ مساء الثلاثاء، السادس والعشرين من الشهر الحالي، والمستمر لغاية مساء الجمعة الأول من آذار المقبل.  

لجأت وسائل إعلاميّة محليّة إلى لغة المبالغة والتهويل في تغطيتها للنشرات الجويّة التي تُصدرها دائرة الأرصاد الجوية وطقس العرب، اللذين يشكّلان المصدرين الرئيسيين لوسائل الإعلام حول الحالة الجويّة، حيث بالغت بعض الوسائل الإعلاميّة بوصف تأثير المنخفض الجويّ في عناوينها، كما أرفقتها بصور أرشيفيّة لمناطق في المملكة شهدت تساقطاً كثيفاً للثلوج في السنوات الماضية، في إشارة ضمنيّة (من المواقع صاحبة الخبر) توحي بتساقط مُتوقّع للثلوج الكثيفة خلال المنخفض الحالي.

ومن هذه العناوين: "طقس العرب: استعدوا لأقوى منخفض"، "أقوى منخفض بطريقه للأردن وثلوج فوق 900م"، "تفاصيل اقوى منخفض يضرب الأردن هذا العام وتساقط الثلوج"، "الأردن على موعد مع أقوى منخفض شتوي الموسم الحالي"، "تفاصيل المنخفض القطبيّ"، "ثلوج فوق المرتفعات مساء الخميس"، منخفض جويّ مساء الثلاثاء وثلوج نهاية الأسبوع".

"أكيد" التقت رائد رافد، مدير التنبؤات الجويّة في دائرة الأرصاد الجوية، والذي أوضح قائلاً: إنّ الإعلام لم يكن دقيقا في تغطيته للحالة الجويّة الراهنة، وخانته المصطلحات، فيما ربط الناس بين المنخفض الجويّ العميق والثلوج، علماً بأن المنخفض الجويّ الذي تمرّ به المملكة هو منخفض مطريّ بالدرجة الأولى وتساقط الثلوج سيكون خفيفاً وفي مناطق محددة.

تتبع دائرة الأرصاد الجوية للمنظمة العالمية للأرصاد - بحسب رافد - والتي لا تعتمد أيّة تصنيفات ودرجات للمنخفضات، وانما تُصنّف الأعاصير فقط، وبيّن رافد "أنّ من الخطأ تعميم تصنيف واحد على المملكة لاختلاف تضاريسها وتنوّعها ممّا يتسبّب بإرباك بين المواطنين، فعلى سبيل المثال لم تشهد منطقة الرويشد حتى الثامنة من صباح اليوم أيّ تساقط للأمطار، بينما شهدت منطقة السلط 23 ميلمتراً من الأمطار حتى تلك الساعة. 

ويؤكّد رافد أنّ التوقعات تشير إلى أنّ  المملكة ستشهد اليوم تساقطاً غزيراً للأمطار، تزداد غزارتها غداً مع بقاء الرياح نشطة على مدار اليومين، أمّا فيما يتعلق بالثلوج، فمن المتوقع تساقط الثلوج صباح يوم غدٍ الخميس على مرتفعات الشراة، أي الكرك، والطفيلة، والشوبك، ووادي موسى، ورأس النقب، فيما ستشهد العاصمة عمّان والمناطق الوسطى في المملكة تساقطاً لزخات الثلوج منذ الساعة الثامنة ليلاً وحتى الساعة الثانية فجراً، ولا يُتوقع أيّ تراكم للثلوج وذلك بسبب تساقط الأمطار المتوّقعة والمدّة الزمنية القصيرة التي ستشهد تساقطاً للثلوج.

بدوره نشر "طقس العرب" على صفحته الرسمّية "فيسبوك" منشوراً يتبرّأ من خلاله ما حصل من تهويل عبر وسائل الإعلام للحالة الجويّة، وذكر في المنشور ثلاثة عناوين مُضللة نُشرت باسم "طقس العرب" تتعلق بالمنخفض الجويّ يومي 27 و28 من الشهر الحالي، والعناوين المضللة التي ذكرها، هي: "المملكة على موعد مع عاصفة استثنائيّة"، و"المنخفض الجويّ القادم الأقوى في تاريخ الأردن"، و"المملكة على موعد مع عاصفة ثلجيّة".

فيما بيّن أسامة الطريفي، مسؤول قسم التنبؤات الجويّة والعمليات الجويّة في "طقس العرب" لـ "أكيد" أنّ سبب رفع تصنيف المنخفض القادم للدرجة الرابعة هو غزارة الأمطار وكميّتها الكبيرة لا سيّما يوم الخميس، وليس لأسباب متعلقة بالثلج.

قدّم "طقس العرب "توقّعات مدروسة ولكن تم تهويلها في الإعلام، وفقاً للطريفي، حيث لم يذكر إطلاقاً عواصف ثلجيّة أو عواصف استثنائيّة، وبالتأكيد لا يُعدّ هذا المنخفض الأقوى في تاريخ المملكة وإنما الأقوى في موسم الشتاء الحالي 2018/2019 – على حدّ تعبير الطريفي -.

وأشار الطريفي إلى وجود جهات وأشخاص يقدّمون تنبؤات جويّة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يعيد نشرها روّاد مواقع التواصل الاجتماعيّ وينسبونها إلى "طقس العرب"، لا سيّما المتعلقة منها بالثلوج، مؤكّداً "توقع تساقط الثلوج لساعات قليلة مساء الخميس فوق المرتفعات الجبليّة العالية التي تزيد عن 900 متر، ولكن لساعات قليلة، كما يتوقع أن تكون الثلوج أكثر كثافة في المرتفعات الجبليّة العالية الجنوبيّة".

وتناول مرصد (أكيد) التغطية الاعلامية للحالة الجوية في العديد من التقارير سابقا ومنها :وسائل إعلام تخدع الجمهور بعناوين مضللة حول حالة الطقس، منخفض جوي عميق وثلوج الأسبوع المقبل.. خبر غير صحيح، أخبار الحالة الجوية.. اعتذار مصادر المعلومات رسالة إعلامية إيجابية، وسائل إعلام محلية تنوع مصادرها لنقل الحالة الجوية.. والتهويل موجود، ممارسات فضلى في التغطية الإعلامية للأحوال الجويّة، وما زالت الاخطاء المهنيّة تتكرّر، وهذا يعني أنّ "بعض" وسائل إعلام لم تستفد من تجاربها في هذا الإطار ولم تجتهد في تجاوز الأخطاء المهنيّة التي وقعت بها سابقاً.

ويرى "مرصد مصداقيّة الإعلام الأردنيّ" أنّ عدم دقة المعلومات المنشورة  في عدد من وسائل الإعلام، بصرف النظر عن مصدرها، ينعكس سلباً على ثقة الجمهور بوسيلة الإعلام، التي اختار متابعتها  ثقةً منه بمصداقيّتها، والأولى أن لا يلجأ الإعلام إلى المبالغة والتهويل في مثل هذه القضايا طمعاً في تحقيق أعلى القراءات، كما عليه توخّي الدقة عند اختياره للمصطلحات وعدم المساهمة في تضليل القارئ.