"الإيجاز الصحفيّ".. وجهات نظر ومُقترَحات.. والحكومة تُجيب

"الإيجاز الصحفيّ".. وجهات نظر ومُقترَحات.. والحكومة تُجيب

  • 2020-04-19
  • 12

أكيد– آية الخوالدة - في ظلّ تدفّق المعلومات والأخبار التي يتمّ تداولها عبر مواقع التَّواصل الاجتماعي عن وباء فيروس "كورونا" المستجدّ، وترقّب المواطنين للتعرّف إلى أعداد المصابين، تتجّه الأنظار مساء كلّ يوم إلى "الإيجاز الصَّحفي" اليوميّ، والذي بات يشكِّل مصدراً للمعلومات الموثوقة.

رصد "أكيد" الإيجاز الصَّحفيّ اليومي وما يقدّمه من معلومات، وتواصل مع عدد من الكتّاب، والصَّحفيّين، والقانونيّين؛ للحديث حول جُملة من المقترحات المرتبطة بالإيجاز الصحفيّ، كما حصل "أكيد" على توضيح حكوميّ بشأنها ممثلًا بوزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة.

أكّد الكاتب الصحفيّ ووزير الإعلام السَّابق طاهر العدوان، أنَّ العالم أجمع يعيش معركة مع وباء "كورونا المستجدّ"، والعديد من الدول ليست مستعدّة إداريًا وصحيًا واقتصاديًا؛ للتعامل مع هذه الأزمة، لذلك لا بُدَّ من إدارتها بشكل حكيم، منعًا لحدوث الفوضى وانتشار الشَّائعات.

ويرى العدوان أنّ الإيجاز الصحفيّ اليوميّ عن عدد الإصابات لا يكفي، مُقتَرِحاً بأن يقدِّم وزير الصِّحة، بالتَّعاون مع لجنة الأوبئة، تقريراً كلّ ثلاثة أيّام للحالة الوبائيّة، يوضّح تطوّر مجرى الوباء، وارتفاع عدد الإصابات أو انخفاضها، بالإضافة إلى حالات الشِّفاء.

"المعلومات من مصدرها الموثوق"، وفقًا لـ العدوان، "مطلب الجميع"، لذلك يجب أن يكون الإيجاز الصحفي وافيًا، ويبيّن إلى جانب عدد الاصابات المُسجلة يوميًا، مصدر الإصابة وعدد المخالطين، ومدى قربهم من المصاب، حتى يستطيع المواطنون حصر المخالطين للمصاب، وهو الأمر الذي سيمنحهم الشعور بنوعٍ من الاطمئنان، بدلًا من الاجتهاد في البحث عن تلك المعلومات من خلال مواقع التَّواصل الاجتماعي.

وأكد أنَّ الوعي الصِّحي، والالتزام بتعليمات وزارة الصحة من اتخاذ إجراءات الوقاية من المرض، والبقاء في البيوت هو الحلّ الأفضل في مجابهة هذا الوباء.   

ويُبيّن أستاذ التَّشريعات الإعلاميّة الدكتور صخر الخصاونة أنَّ الايجاز الصحفي الذي يتم تقديمه يوميًا عند السَّاعة الثامنة مساء مُختصر، ولا يقدِّم المعلومات الوافية التي تُرضي رغبة المواطنين، ممّا يدفعهم نحو البحث عن المعلومات الخاصّة بالمصابين، والتَّعدي على حياتهم الخاصّة وممارسة التَّنمر عليهم.

ووفقًا لـ الخصاونة "يجب أن يكون الإيجاز الصحفيّ واضحًا ووافيًا ومُلمًا بالتَّفاصيل المتعلقة بالإصابات الجديدة، والإجراءات الطبية المُتبعة في تقصّي المخالطين، وعدد الفحوصات اليومية، وهذه المعلومات تبعث الطُمأنينة في قلب المواطنين، ولا تدفعهم للبحث عن المصابين، وأماكن إقامتهم، ونشر صورهم ومعلوماتهم الشَّخصيّة.

 

ويقترح الخصاونة عقد الإيجاز الصحفي كلَّ 12 ساعة، وليس كما هو الآن كلَّ 24 ساعة، الأمر الذي يمنع المتابعين من البحث عن مصادر أخرى للمعلومات، والتي غالبًا ما تكون غير صحيحة.

وأوضح مدير عام هيئة الإعلام السَّابق المحامي محمد قطيشات أنَّ الإعلان عن أسماء المصابين، وأماكن سكنهم، وطبيعة عملهم، قد تُسهم في توعية وتحذير أقارب المصابين وأصدقائهم وزملائهم، وتحذيرهم بعدم الاختلاط معهم، واتخاذ الاحتياطات والاجراءات الطبية المُتبعة.

ويؤكّد قطيشات أنّ المحافظة على الخصوصيّة، والحياة الخاصّة للمصابين، وحماية سمعتهم، وتجنيبهم التَّنمّر أو الإساءة لهم عبر وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعيّ، هي مسألة في غاية الأهميّة وينبغي مراعاتها والتعامل معها بحذر من خلال تحقيق التوازن بينها وبين المصلحة الأولى، مشيراً إلى أنَّ ذلك يعتمد على دور الحكومة في صياغة الإيجاز الصحفيّ بدقّة، بالإضافة إلى دورها في ملاحقة من يتنمّر ويُشهِّر بالمصابين، بالتعاون مع السُّلطة القضائية ورجال الضَّابطة العدلية، وسرعة ضبط أفعال التشهير والتنمّر وملاحقة أصحابها.

ويرى رئيس تحرير موقع عمون الإخباريّ سمير الحياري، بأنَّ ما يجري على مواقع التواصل الاجتماعيّ من تنمّر وتطاول على خصوصيّة الآخرين أمر معيب، وبخاصّة أنَّ الكثير من الأشخاص يعتمدون على تلك المواقع كمصدر للمعلومات، فيما معظم ما يُنشر عليها معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة.

وبهدف التقليل من هذه التجاوزات يقترح الحياري على الحكومة تقديم سرد أطول للحالات والإصابات والظُّروف المحيطة بها خلال الإيجاز الصحفيّ اليوميّ، كي تقطع الطريق على "المُتنمّرين" وتصدّهم عن نشر الشَّائعات والتَّطاول على خصوصيّة المجتمع والأفراد، داعياً إلى اتخاذ الإجراءات القانونيّة بحقِّ من يُروّج الأكاذيب والافتراءات، وتزويد المواطنين بالمعلومات أوّلًا بأوّل.

وأوضح المحامي المختصّ في قضايا حقوق الإنسان محمد جميل النسور، أنَّ ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ من صورٍ للمصابين، وشهادات ميلاد ووفاة، ومعلومات خاصة بهم، تٌلزم الحكومة بتقديم شبكة معلومات عبر المنصّات الحكوميّة، إلى جانب الإجراءات التي تتخّذها في مواجهة هذا الوباء.

وأشار إلى ضرورة تقديم معلومات كافية حول الإصابات، دون الإساءة إلى حياة أصحابها الخاصة بهدف طمأنة الناس، وليس بالضرورة أن يتمّ ذلك خلال الإيجاز الصحفيّ، حيث يمكن عرضها على المنصّات الحكوميّة، أو عن طريق بثّ أكثر من إيجاز صحافيّ خلال اليوم الواحد، إلى جانب تفعيل القانون ومحاسبة كل من يتعدّى على الآخرين.

وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، النَّاطق الرَّسمي باسم الحكومة، أمجد العضايلة لـ"أكيد" في معرض تعليقه على عدد من الملاحظات التي وردت حول الإيجاز الصحفي: إنَّ عدد "المواجيز" الصحفية وصل إلى 3 في بداية الأزمة، ومع تطوّرها وامتدادها، ولضرورة تنظيم التدفّق الإعلامي ارتأت الحكومة تركيز ذلك في إيجاز صحفيّ واحد، لسببين، الأول: أن يُتاح للحكومة على امتداد ساعات النهار جمع المعلومات والتَّحقق منها، والإعداد بشكل جيّد وبخاصّة فيما يتعلّق بعدد المصابين، والسبب الثاني هو ملاءمة توقيت الساعة الثامنة مساء لمختلف الوسائل الإعلاميّة المحليّة من ناحية التغطيات والبرامج التلفزيونيّة، مشيراً إلى أنَّ ذلك لا يمنع من وجود "إيجازات" صحفيّة مهمّة في أوقات محددة، بغرض الإعلان عن قرارات وإجراءات وتطوّرات مهمة، وتثبَّت هذه عادة عند السَّاعة الثَّانية بعد الظهر أو السَّادسة مساء.

وحول المعلومات الوافية عن الإصابات التي يعلن عنها وزير الصحة الدكتور سعد جابر يوميًا، أكّد العضايلة أنَّه في بداية الأزمة كانت الإشارة إلى مصدر الإصابة ضروريًا سواء من خارج الأردن أو داخله، لكن مع إغلاق الحدود ومعرفة معظم مصادر الإصابات الأولى وتحديدها، أصبح ذكر المصدر لا يُمثل جزئية معلوماتية جوهرية؛ لأنَّ الحالات باتت في غالبيّتها مخالطة، وفي حال وجود أيِّة حالة سبب إصابتها من خارج الأردن – كما حدث مؤخّرًا مع سائق إحدى الشَّاحنات – فإنَّ مصدر الإصابة يوضح.

وبيّن أنَّ الإشارة إلى التَّفاصيل الخاصة بكل إصابة من حيث وضعها الصِّحي العام أو حيثيات إصابتها، سيزيد من مدة الإيجاز وهو ما قد يفقده أحد أهم ركائزه وهو: "التكثيف والاختصار"، علمًا بأنَّه سبق وأن أوضحت الحكومة تفاصيل بعض الإصابات التي دار حولها شائعات عديدة.

وفيما يتعلّق بتعقيم المناطق وأماكن السَّكن التي تظهر فيها إصابات، أوضح العضايلة أنَّ ذلك من الإجراءات الثَّابتة والمتَّبعة مع كلِّ حالة، وبالتالي لا قيمة إخبارية مضافة من التركيز على إبرازها في الإيجاز الصحفيّ، علمًا أنَّ حملات التعقيم يتمّ الإعلان عنها بشكل دوريّ من قبل الأجهزة المتخصّصة التي تقوم بها مثل الدِّفاع المدنيّ، وسلاح الهندسة الملكيّ، ووزارة الصِّحة، والبلديات.

وحول الإفصاح عن عدد الحالات التي يتم فحصها يوميًا وفي أية منطقة، أكّد العضايلة أنَّه سيتم أخذ الاقتراح بعين الاعتبار لأهميّته، والحرص على ذكر المعلومة خلال مداخلة وزير الصحة اليوميّة في الإيجاز، وذلك لأهميّتها في إبراز أحد جوانب التعامل مع الوباء والمتمثلة في التَّوسع المستمرّ في الفحوصات ومنها الفحوصات العشوائيّة.

وأشار العضايلة إلى أهميّة تقرير الحالة الوبائيّة الذي يصدر بشكل شبه أسبوعيّ عبر المنصّات الحكوميّة، وبالأخصّ الحساب الرسميّ لرئاسة الوزراء، والذي يُقدّم معلومات تحليليّة وبعمق أكبر مما يتيحه الإيجاز الصحفيّ، إذ يتضمن بيانات الإصابات مثل أماكن سكن المصابين، وفئاتهم العمريّة، وكيفيّة التقاط العدوى، والحالة الصِّحيّة العامة للمصابين، والفئات العمريّة لحالات الوفاة.

وفيما يتعلق بتقديم هذا التقرير بلغة مبسّطة واضحة من قبل الحكومة عبر برنامج تلفزيونيّ، يرى العضايلة أنَّ شرح التقرير وتقديمه للمواطنين يجب أن يتم بمبادرة من الإعلام المحليّ، وبالتعاون مع المتحدّثين باسم اللجنة الوبائيّة، لافتًا إلى مساهمات عدّة قامت بها وسائل الإعلام، معتمدة على صحافة البيانات، في هذا المجال.

وبشأن إمكانية حضور الصَّحفيين للموجز الصَّحفي، ولو مرة واحدة في الأسبوع، أوضح العضايلة أنّ ذلك لا يتواءم، وللأسف، مع إجراءات الوقاية الصِّحية الاحترازية الصَّارمة التي نتبعها في موقع تقديم الإيجاز بشكل أساسيّ من المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، أو دارة رئاسة الوزراء، حيث إنَّ المساحة التي يتم فيها تنظيم الإيجاز لا تتيح استيعاب عدد إضافيّ من الصَّحفيين، وهو ما يُعدّ تجمّعًا ويخالف تعليمات لجنة الأوبئة وقرارات الحكومة، مضيفاً أنّه وعلى الرغم من كلّ ذلك فإننا ندرس نماذج لممارسات علميّة أخرى، كالتي في بريطانيا، مثلاً، تتيح التفاعل مع الإعلام عبر الاتصال المرئيّ، إلا أنَّ نجاح ذلك يعتمد على قدرة الإعلاميّين على التنظيم الذاتيّ واختيار عدد صغير كعيّنة تقوم بالسؤال نيابة عن وسائل الإعلام.

ويقول العضايلة: وإلى حين إنضاج هذه الآليّة يستطيع الإعلاميّون إرسال استفساراتهم وأسئلتهم عبر عدة منصّات منها الحسابات الرسميّة لرئاسة الوزراء، ووزارة الصحّة، والحسابات الشَّخصية الرَّسمية لكلّ من وزيري الإعلام والصِّحة، أو من خلال الكادر الإعلاميّ الخاصّ بكلِّ وزير، مشيراً إلى أنّ الوجود الجسديّ للصحفيّ ليس السَّبيل الوحيد للتفاعل، مُستَشهِداً بمقابلة أو أكثر تجري يوميّاً مع وسيلة أعلام محليّة، أو عربيّة، أو إقليميّة، أو دوليّة، من خلال الاتصال المرئيّ أو المكالمات الهاتفيّة.