اتهام مصانع باستخدام مواد مسرطنة في منتجات الألبان ... بلا متابعة

اتهام مصانع باستخدام مواد مسرطنة في منتجات الألبان ... بلا متابعة

  • 12

بعد شهرين من اتهام رئيس اتحاد المزارعين مصانع ألبان باستخدام "مواد مسرطنة" في منتجاتها، واتهامه مؤسسة الغذاء والدواء بـ"التقصير" في مهمتها الرقابية، فإن الصحف لم تتابع هذه الاتهامات الخطيرة.

صحيفة "الدستور" كانت قد نشرت يوم 14 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تقريرا عن منتجات ألبان تُباع بأسعار مخفّضة في مراكز تجارية، ونسب التقرير إلى مدير عام اتحاد المزارعين، المهندس محمود العوران، اتهاما لـ"بعض مصانع ومعامل الألبان"، مفاده أنها تستخدم "مواد مسرطنة"، ذكر العوران أنها "النشا وبنزورات الصوديوم وزيوت نباتية مهدرجة"، إضافة إلى مادة "تيامليسين"، التي قال إنها "تمنع استفادة الإنسان من المضادات البكتيرية، وتؤثر على مناعة الجسم". وبحسب العوران، فإن هذه المعلومات هي نتاج "التقارير والفحوصات المخبرية لعينات من الألبان في الأردن"، كان اتحاد المزارعين، و"لجان خاصة"، قد اطلعوا عليها.

واتهم العوران المؤسسة العامة للغذاء والدواء بالـ"تقصير في الرقابة"، مطالبا الجهات الرقابية باتخاذ إجراءات تضبط صناعة الألبان في الأردن، ومنها "إلزام المصانع بوضع ملصق على العلبة يظهر الرقم الضريبي وموافقة وزارة الصحة ورقم موافقة المواصفات ورقم موافقة الغذاء والدواء ورقم ترخيص البلدية وتاريخي الإنتاج والانتهاء"، إضافة إلى ذكر المكونات الحقيقية للمنتج.

اتهامات رئيس اتحاد المزارعين، كانت قد سبقتها اتهامات مشابهة، أدلى بها وزير الزراعة، عاكف الزعبي، في لقاء مع صحفيين، أعلن فيه 16 تعديلا على تعليمات تخص قانون الزراعة. ووفق الخبر الذي نقلته "الدستور" و"الرأي"، و"الغد"، إضافة إلى الموقع الإلكتروني لـ"السبيل"، يوم 20 آب (أغسطس) الماضي، فقد أعلن الزعبي وجود "عدد كبير من معامل تصنيع الألبان غير المرخصة تستخدم في صناعاتها مواد غير صحية قد تتسبب بنتائج خطيرة على صحة المواطن".

عدم متابعة هذه القضية، لم يكن فقط لاحقا لتصريحات وزير الزراعة، وتصريحات رئيس اتحاد المزارعين، في الحقيقة فإن "عدم المتابعة" كان في عدم استكمال الحدّ الأدنى من المعلومات المطلوبة، في المواد الصحفية التي نشرت هذه التصريحات في حينه، ففي الخبر عن وزير الزراعة،  مرّ تصريح الوزير بشكل عابر في التغطية، دون أن يذكر معلومات أساسية هي: أسماء هذه "المواد غير الصحية" التي قال إنها تُستخدم في منتجات الألبان، ولم يذكر أي معلومة عن "النتائج الخطيرة" التي تسببها، ولم يُقدّم ولو عددا تقريبيا لمعامل تصنيع الألبان، التي قال إنها "عدد كبير"، كما أن الوزير في حديثه عن هذه المواد قال إنها "قد" تؤدي إلى نتائج خطرة على صحة الإنسان، وعدم الحسم ليس مفهوما في تصريح من هذا النوع لوزير، فهل ثبت أن هذه المواد خطيرة على صحة الإنسان أم لا؟

أما تصريحات رئيس اتحاد المزارعين، فقد ذكرت أسماء المواد، لكنها لم توضح هوية الجهة التي أجرت الفحوصات المخبرية، التي استندت تصريحاته إلى نتائجها، ولا متى أُجريت هذه الفحوص، ولم يذكر هوية "اللجان الخاصة" التي قال إن اتحاد المزارعين تعاون معها في هذه القضية، واطلع معها على نتائج هذه الفحوصات. أما النقطة الأهم، فهي أن هذه التصريحات تضمنت معلومات علمية متخصصة، هي التأثيرات الصحية الخطرة للمواد المذكورة على صحة الإنسان، لكن هذه المعلومات لم تنسب إلى جهة متخصصة تؤكد صحتها. وأخيرا، فإن وزير الزراعة قصر حديثه على معامل ألبان "غير مرخصة"، في حين ان رئيس "المزارعين" لم يشر إلى الوضع القانوني للمصانع التي تحدث عنها، وهذه معلومة أساسية.

التساؤلات بخصوص سلامة الألبان الأردنية ليست جديدة، وفي العام 2011، بلغ الجدل الإعلامي في هذه القضية ذروته، وتمحور النقاش وقتها حول استخدام المصانع الكبرى الحليب المجفف المستورد في نسبة كبيرة من منتجاتها، ما كان يتسبب بخسائر فادحة لمزارعي الأبقار المحليين، كما أُثيرت اتهامات باستخدام مواد ضارة بصحة الإنسان، وردت إحداها في تقرير نشرته "الدستور"، يوم 7 أيلول (سبتمبر) 2011. والمثير في المسألة، هي أن التصريحات المنسوبة إلى العوران في تقرير العام 2014، نٌسبت ذاتها حرفيا، في تقرير العام 2011، إلى النائب وصفي الرواشدة، الذي كان آنذاك رئيس اللجنة الزراعية في مجلس النواب، التي ناقشت القضية، الأمر الذي يحتاج إلى تفسير.