"رسْم "كاريكاتير" في وسيلة إعلام" .. خطاب كراهية وتنميط

  • 2021-06-19
  • 12

أكيد- أفنان الماضي
ضجّت حساباتٌ على وسائل التّواصل الاجتماعيّ بتعليقاتٍ رافضةٍ لرسم "كاريكاتير" نشرته وسيلة إعلامٍ محليّة، عبّر في محتواه عن فكرةٍ تتعلّق بتنظيم النّسل، إلا أنّ المغرّدين على منصّات التواصل المختلفة كـ "فيسبوك" و "تويتر" و "واتسب" اعتبروا أنّ الشّخصيات التي تمّ استخدامها حملت رسالةً مبطّنةً سلبيّةً تجاه فئةٍ معيّنةٍ، تتّصف بإحدى القيم العليا لدى المجتمع، مُعتبرين أنّ الرسم تضمّن خطاب كراهيةٍ وتنميطٍ لهذه الفئة التي وُصِمت بالبؤس و تدنّي المستوى الطبقيّ/الاقتصاديّ، إضافةً إلى فوضى الإنجاب وسوء الإدارة الأسريّة.

مرصد مصداقيّة الإعلام الأردني "أكيد" تتبّع الرسم المنشور، إضافةً لرسمٍ سابقٍ في وسيلة إعلامٍ أخرى ورسّام مُختلف، حمل كلاهما المخالفات ذاتها لمعايير مهنة الصحافة وأخلاقيّاتها. وهذه بعض الملاحظات المتعلّقة في هذا الشّأن:

أولاً : يُعدُّ رسم الـ "كاريكاتير" من الأداوت الإعلاميّة ذات التّأثير العميق في القارئ، فَرَسمة واحدة قد تُغني عن قراءة مقالٍ كاملٍ يشرح المعنى نفسه، كما أنه يُعدُّ لغةً عالميّةً يمكن فهمها على اختلاف المستوى الثقافيّ أواللّغوي.

ثانياً: يُحلّل الدماغ البشريّ الصور بشكلٍ أسرع من الكلمات، وتتمركز الصورة لفترات أطول وأثبت في الذّاكرة من النُّصوص، وهذا ما يمنح الـ"كاريكاتير" قوةً خاصة كأداةٍ إعلاميّة مؤثّرة.

ثالثاً: يقوم مبدأ الـ "كاريكاتير" على النّقد السّاخر للظواهر السياسيّة، أو الاقتصاديّة، أو الاجتماعيّة، كشكلٍ من التّعبير عن الرّفض لها بطريقةٍ كوميديّةٍ ما يجعلها أكثر أثراً في نفس الجمهور.

رابعاً: يقف الـ "كاريكاتير" في صفّ المواطن، كأيّة أداةٍ إعلامية أخرى، وبالتالي لا يوجد ما يبرّر للـ "كاريكاتير" أن يناهض القيم العُليا للمواطن نفسه، ولا يوجد صيغة يمكن لها الجمعَ بين المُناداة بمصالح المواطن ومُجابهة قِيَمه العُليا في الوقت ذاته!

خامساً: يُعدُّ خطاب الكراهية والتنميط، وإثارة المشاعر الدينيّة لأيّة فئة في المجتمع انتهاكاً مهنيّاً إعلاميّاًّ مرفوضاً.

سادساً: لا يحمل الرسّام وحده مسؤوليّة المخالفة المهنيّة، بل تُشاطِره في ذلك الوسيلة التي تبنّت نشر العمل الفنّيّ، فمن واجبها تقييم الرسم، والتّأكد من مطابقته لمعايير مهنة الصحافة وأخلاقيّاتها، ومراجعة الرسّام طلباً لتعديله، قبل قَبول النّشر.

سابعاً: وسائل  الإعلام هي ناطقٌ باسم الشارع، وذراع أيمن للمواطن، تنطق بصوته، وتدافع عنه، فإن قامت أيّة وسيلة باستفزاز المجتمع في قِيَمه العليا، والمفاهيم المجتمعيّة المتعارَف عليها، فقدت الوسيلة هويّتها ووظيفتها الأساسيّة، وتحوّلت في نظر المواطن من صديقٍ إلى نـِـدّ.