"مشاجرة بين موظفَين بأمانة عمَّان".. وسائل إعلام تنتهك أدبيات النَّشر الصَّحفي

  • 2021-10-03
  • 12

أكيد- أفنان الماضي-نشرت وسائل إعلام محلية، ومنصات نشر علنية من بينها موقع التَّواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" مقطعاً مصوّراً، لموظفين رسميين يعملان لدى أمانة عمَّان الكبرى أحدهما يرتدي لباس عامل وطن وفيه ظهر عراك بينهما، واحتوى المشهد على عنف وقسوة ولم تقم وسائل الإعلام بمراعاة ذلك قبل نشره لجمهور المتلقين وخالفت معايير التَّحقق والحياد والدِّقة والمهنية عند تغطيتها لهذه القضية.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، تغطية وسائل الإعلام لهذه القضية ومراعاة المعايير المهنية التي يجب الالتزام بها عند نشر مثل هذا المحتوى، وتبين أنَّ عددًا من الوسائل التي تمَّ رصدها وقعت بانتهاكات لأدبيات النَّشر الصَّحفي والموجودة بمواثيق الشَّرف الصَّحفية ومن أبرز المخالفات المهنية:

أولًا: وقعت وسائل الإعلام بمخالفة عدم الحياد، وأصدرت حكمًا بأنَّ الاعتداء وقع بحقِّ طرف واحد وهو عامل الوطن، وكان من واجب وسائل الإعلام التَّحقق من أنَّ الحادثة هي عبارة عن مشاجرة بين طرفين أم اعتداء موظف مسؤول على عامل لديه.

ثانيًا: اعتمدت وسائل إعلام عديدة نشرت المقطع المصور في معلوماتها بتحديد أحد أطراف المشاجرة بانَّه مسؤول عن عامل الوطن، وأنَّ الاعتداء كان من طرف واحد على مواقع التَّواصل الاجتماعي وهي منصَّات يجب على وسائل الإعلام التَّحقق والتَّكد مما تنشره وبدِّقة عالية.

ثالثًا: تضمّن المقطع المصور مشاهد عنفٍ، وصراعٍ، واعتداءِ بين طرفين، و لا يجوز نشرها خاصة وأنَّها تحتوي على امتهانٌ لكرامة الإنسان.

رابعًا: لم تأخذ وسائل الإعلام بعين الاعتبار الحرج الواقع على الموظفين معًا عند انتشار المقطع، ولم تراعِ مشاعر أهلهم وذويهم ولم تقم بإخفاء ملامح شخصيتهم.

خامسًا: نشر الواقعة من باب التنبيه لخطأ المسؤول في تعامله مع العمال يُعدّ من واجبات الصِّحافة ومن دورها الأساسي، على أن يكون ذلك بإعداد تقرير إخباري متكامل يعالج القضية ويسلط الضوء عليها، مع الرجوع للجهات المعنيّة، وتضمين الواقعة المذكورة، مع التَّحفظ على المقطع والتعامل معه وفق المعايير المهنية.

وقالت الخبيرة في التَّشريعات الإعلامية والأخلاقيات الصَّحفية وعضو لجنة شكاوى الإعلام الدكتورة نهلا المومني لمرصد "أكيد" إنَّ نشر المقطع المصور الذي يتضمن اعتداء بالضرب ومشاجرة بين طرفين أحدهما عامل وطن يتضمن مخالفة لميثاق الشرف الصحفي وخاصة ما يتعلق بضرورة احترام حق الأفراد في الكرامة الإنسانية.

وأضافت إنَّ نشر المقطع يُشكل مخالفة لميثاق الشَّرف المهني الخاص بالعاملين في قطاع الاعلام المرئي والمسموع في الأردن الذي أكد ضرورة مراعاة الإعلامي عند بث صور أو أصوات الضحايا أن تكون بهدف خدمة القصة الإخبارية، وأن لا يكون لها أثر سلبي على مشاعر ذويهم وجمهور المتلقين عامة، وضرورة احترام الأفراد وعدم نشر أيِّ صور لهم إلا بموافقتهم.

وبينت أن مواثيق الشَّرف الصَّحفية والإعلامية أشارت إلى أنَّ الصَّحفي والاعلامي يحرص على بث المعلومات والحقائق حول انتهاكات حقوق الانسان ولا يُقبل تجاهلها.

وأشارت المومني إلى أنَّ المقطع المصور هو انتهاك لحق الفرد في السَّلامة الجسدية والأمان على نفسه والاعتداء على حقِّه في ظروف عمل مناسبة، ويجب أن لا يتعرَّض للاعتداء بأيِّ صورة كانت، إلا إنَّ كشف انتهاكات حقوق الانسان، وبث الأخبار والصور أو المقاطع المصورة المتعلقة بها يجب أن يتزامن مع احترام الأفراد،  وعدم نشر صور الضَّحايا أو المعتدين والعمل على تغطية وجوههم على أقل تقدير احتراما لهم ولعائلاتهم وترك القضية تأخذ مجراها لدى السلطات المختصَّة.

وقال النَّاطق الإعلامي باسم أمانة عمَّان الكبرى ناصر الرَّحامنة لمرصد "أكيد" إنَّه تمَّ تشكيل لجنة للتَّحقيق بالمشاجرة التي وقعت بين طرفين يعملان لدى الامانة وسيتم اتخاذ الإجراءات وفق القوانين والأنظمة السَّائدة وحسب الأصول.

ويشير "أكيد" إلى ضرورة ان تلتزم وسائل الإعلام المحلية بالمعايير المهنية والقانونية اللازمة عند القيام بمثل هذا النَّوع من التَّغطيات، والتي من أبرزها التَّحقق، والابتعاد عن إصدار الاحكام، والحياد والموضوعية والابتعاد عن الانحياز.