أين أخطأ تقريرٌ تلفزيونيّ جاء بعنوان "مرتاح بحياتك الزوجيّة"؟

  • 2021-12-04
  • 12

أكيد – مجدي القسوس -بثّت وسيلة إعلام محليّة تقريرًا جاء بعنوان "مرتاح بحياتك الزوجيّة"، جاء من نوع "تقارير الشَّارع" التي يتم فيها إجراء مقابلات مع مواطنين بشكلٍ عشوائيّ، وجّه لهم المراسل سؤالاً يقارن بين "حياة العزوبيّة" و"الحياة الزوجيّة".

وتابع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" التقرير الذي بلغت مدته تسع دقائق وسبع وعشرين ثانية، وتضمَّن مقابلات عدّة، أجاب فيها مواطنون التقاهم المراسل من محافظة مأدبا عن سعادتهم أو مشاعرهم بعد الزواج، أو ماذا سجّلوا أسماء زوجاتهم على هواتفهم، وعن الفرق بين الحياة قبل الزواج أو بعده.

ولاقى التقرير الذي عرضته وسيلة الإعلام ضمن برنامج صباحيّ الجمعة تفاعلاً كبيرًا بين الجمهور المتلقي، وصل إلى 26 ألف إعجاب وحوالي خمسة آلاف تعليق، أبدوا جميعهم الإعجاب بمحتوى التقرير وما تحدث به المراسل أو الجمهور والقضية التي تناولها، إلا أنَّ حالة من الجدل تعرّض لها التقرير بعد ساعات من عرضه على مواقع التواصل الاجتماعي، ورصدها "أكيد" ولجأ بعدها إلى تحليل محتوى التقرير.

وبعد متابعة التقرير، والاستماع إلى ما قدّمه مواطنون ردًا على أسئلة المراسل تبيَّن أنَّ الكلام الذي قدّموه بُني على مواقف حصلت معهم، ذهبت معظمها إلى تكريم الزوجات وبيان أهميتهن في حياة كل منهم، والمكانة التي تحتلّها كل منهن عند زوجها، من خلال تسجيل أسمائهنّ على هواتف الرجال بأسماء نذكر منها: "أميرتي"، "دحنونتي"، وغيرها.

إلا أنَّ المخالفة الوحيدة التي وقع بها التقرير ومرّرتها وسيلة الإعلام هي المقابلة التي أجرتها مع مواطنٍ في الثانية الثلاثين من الدقيقة السادسة من مدّة التقرير، والتي بدا فيها بأسلوبٍ فكاهيّ متذمرًا من زواجه ناصحًا المراسل بأن "يحترص" من الزواج، متابعًا القول عند المقارنة عن حياته عند والديه وتلك مع زوجته بأنَّ "هذولا تحت رجليهم الجنّة، وهذي تفوتك النار".

ويعدّ ما مرّرته وسيلة الإعلام ضمن كلام المواطن إساءة تحمل طابعًا يهدف إلى إقصاء المرأة ومهاجمتها والانتقاص من كرامتها، بالإضافة إلى تحريضٍ وخطاب كراهية تكون قد ارتكبته الوسيلة نفسها باعتبارها قادرة على الوصول إلى أكبر عدد من المتابعين، وبخاصّة بعد نشرها التقرير على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

ويشير (أكيد) إلى أنَّ قيام وسيلة الإعلام بتمرير كلام المواطن دون إخضاعه للمعايير المهنية التي تحكم العمل الصحفي يُعدّ تعزيزًا للصورة النمطيّة للمرأة، وبخاصّة أن التقرير قد خضع لعميات مونتاج وكان بالإمكان حذف هذا الجزء الذي ركّزت عليه الوسيلة أيضًا في بداية التقرير وأعادت بثّه في مقابلة المواطن كاملة.

ووفق المعايير المهنيّة التي تحكم عمل الإعلام، فإن الوسيلة تكون قد ارتكبت مخالفة مهنيّة للمادة (13) من ميثاق الشرف الصحفي التي تنصّ على أنَّ "للمرأة حقٌ على الصّحافة في عدم التمييز أو التحيُّز أو الاستغلال بسبب الجنس أو المستوى الاجتماعيّ"، ومراعاة الدفاع عن حريّة المرأة وحقوقها ومسؤوليّاتها.

وهنا يشيد (أكيد) بأهميّة التقارير التلفزيونيّة التي تعرض رأي الشارع، وتفتح مجالاً للمواطن العادي بأن يكون قريبًا من الإعلام، ويطرح وجهة نظره بالقضايا الاجتماعيّة الأقرب له والتي تحاكي بيئته وموطنه، ونمط عيشه، إلا أنّ المرصد يذكّر بأنَّ دور الإعلام يتمثَّل بالقيام بنقل الخبر وكتابة التحليل الفنيّ وإعداد التقارير، في إطار من المهنيّة والموضوعيّة دون تجاوزاتٍ مهنيَّة وأخلاقيَّةٍ بحقِّ أيٍ

كما يؤكد المرصد بهذا الصدد على ضرورة إخضاع الكلام الصادر عن الضيوف والمواطنين في المواد المرئية أو المسموعة لمعايير العمل الصحفي، من خلال اقتطاع الكلام المسيء وعدم بثّه؛ لتجنّب التجريح والإساءة بحق الآخرين.