وسائل إعلام وخدمة عامة تمنح شركة رصد جوي وقتًا مبالغا به لترويج منتجاتها

  • 2021-12-31
  • 12

 

أكيد-أفنان الماضي- منحت وسائل إعلام محلية مرئية ومسموعة منها ما يقدِّم الخدمة العامة لجمهور المتلقين نحو 270 دقيقة بثٍّ على الهواء من أصل 340 دقيقة تمَّ رصدها خلال سبعة أيَّام لشركة رصد جوي؛ لتقديم منتجاتها لجمهور المتلقين، ولم تفصل بين أهداف هذه  الشَّركة بالتَّرويج لمنتجاتها وبين حق الجمهور بالمعرفة المحايدة والموضوعية والتي يجب الحصول عليها من مصادر غير ربحية على أقل تقدير.

وارتكبت وسائل إعلام محلية مخالفات مهنية جسيمة خلال تغطية تطورات الحالة الجوية التي سيطرت على الأردن في الفترة الواقعة بين 15 – 26 كانون الثَّاني من العام 2022، ومن أبرز هذه المخالفات، المبالغة في إعطاء الوقت لشركة ربحية وتهميش دائرة الأرصاد الجوية الرَّسمية غير الرِّبحية بعدم منحها وقتًا مكافئًا لما تمَّ منحه لشركة الرَّصد الجوي.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ستة برامج حوارية في 6 وسائل إعلام مرئية ومسموعة، ومن خلالها تابعت الحالة الجوية وعرضت برامج لها خلال وقت الذروة وهي الثامنة مساء لوسائل الإعلام المرئية والثامنة والنصف صباحًا لوسائل الإعلام المسموعة، واستطاع (أكيد) مراجعة 340 دقيقة تغطية لهذه الوسائل، وتبين أنَّها ارتكبت مخالفة التَّهويل وعدم الموضوعية والابتعاد عن الحياد وغياب التَّوازن الذي فرضته المعايير الصحفية والمهنية عند القيام بمثل هذه التَّغطيات خاصة وأنَّها لم تبتعد بجمهور المتلقين عن أهداف الشركات الرِّبحية من خلال هذا الظهور الإعلامي المبالغ به.

وعاد (أكيد) للنشرات الجوية التي صدرت عن موقع دائرة الأرصاد الجوية الرَّسمية وشركة الرَّصد الجوي إضافة إلى شركة أخرى ظهرت على إحدى وسائل الإعلام وتبين أنَّ الدِّقة عالية في تطابق المعلومات بينها من حيث وصول الحالة الجوية وتأثيرها وقوتها، لكنَّ وسائل الإعلام قامت بمنح وقت كبير جدا وصل إلى 270 دقيقة من أصل 340 دقيقة تغطية لشركة رصد جوي واحدة بينما لم تمنح دائرة الأرصاد الجوية غير الرِّبحية سوى ساعة واحدة تقريبًا لبث معلوماتها الدَّقيقة عن الحالة الجوية.

وتابع (أكيد) حالة من التنمّر والسخرية طالت مدير ومؤسس شركة رصد جوي، والتي اجتاحت عدداً من الحسابات على مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي كـ "فيسبوك" و "تويتر" وتطبيق المحادثة على الهواتف الذكية  "واتساب" وذلك يوم الأربعاء 26 كانون الثاني، أثناء ترقب وصول المنخفض القطبي إلى المملكة.

ولاحظ (أكيد) أن تأخر الثلوج لبضع ساعات دفع بعض المواطنين للتهجّم أو السخرية من أداء المدير وتنبؤه، وذلك عبر النقد اللاذع، أو القدح والذم واتهامه بتقديم معلومات خاطئة حول حالة الطقس المتوقعة، ويرى (أكيد) أنَّ مدير الشركة كان ضحية محاكمة شعبية ظالمة في كثير من وجوهها.

وتمادى رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصفحات الإخبارية غير الرسمية بالتنمر على المدير بسبب طريقة ارتدائه للشماغ أثناء تقديمه التنبؤ الجوي في أحد اللقاءات، ما يشكّل انتهاكاً أخلاقياً يبتعد بالأفراد عن النقد الموضوعي، إذ يحقّ لأي فرد الانتقاد أو الحوار حول قضية فكرية محورية مختلف عليها، وذلك باستخدام أدلة علمية منطقية وموضوعية، وأسلوب حواري يمتاز بالمنهجية والرقيّ، بينما يُعد التهجم على اللباس أو الشكل أو اللهجة أو غيرها من صفات الفرد التي تعتبر خارج القضية العلمية أو الفكرية المطروحة، أسلوبًا لا أخلاقيًا وغير حضاري في أسلوب الحوار وحدود النقد المباح.

ورصد (أكيد) عدداً من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، حملت معاني التهديد لمدير الشَّركة في حالة عدم تساقط الثلوج، أو استخدام اسمه ضمن نكات تتعلّق بالتزود بالمأكولات أو مستلزمات الثلوج والأجواء الباردة، ومنها ما حمل معنى التهديد بالرمي من ارتفاع 700 متر! وإن كان التهديد مطروحاً تحت رداء الفكاهة.

كما رصد (أكيد) بعض وسائل الإعلام التي ساهمت في الترويج لهذا التنمّر والاستهزاء، عبر نقل المنشورات والصور المعدلة الناقدة أو المستهزئة بالشخصية المذكورة، مخالفة بذلك المعايير المهنيّة الأخلاقية.

وكان مدير شركة الرَّصد قد أشار في مقابلة أجراها على إحدى القنوات المحلية إلى تعرضه وعائلته إلى التهجم والسبّ والقذف، بعد تداول رقمه الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يعتبر انتهاكاً لخصوصيته، وتجاوزاً على خصوصية عائلته التي تقع خارج نطاق الأشخاص المعنيين بالقضية.

ويشير (أكيد) إلى أن علم الأرصاد الجوية هو علم قائم على التنبؤ والاحتمالات، ما يعني وجود مساحة للخطأ، كما أن الحالة الجوية بكل ما يحيطها من عوامل قابلة للتغيّر بين لحظة وأخرى، وذلك خارج عن قدرة المتنبئ أو تحكمه في النتائج.

وينوّه (أكيد) إلى ضرورة تقيّد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالضوابط الأخلاقية والمهنيّة في النشر، حيث يمثّل مشتركو وسائل التواصل الاجتماعي فرعاً من فروع الصحافة الرقمية الحديثة، أو ما يعرف بمصادر المعلومات الشعبية، التي يسهم بها الأفراد العاديون والمواطنون في مواكبة الأحداث الجارية، وربما يقومون بنقل ما يجري على أرض الواقع بشكل استباقي قبل وسائل الإعلام الرئيسية، وهذا ما يجعل لمواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاته قوة وسلطة تؤثر في الرأي العام إيجاباً أو سلباً، ولا بد من استخدام هذه القوة بما فيه مصلحة جمهور المتلقين وحفظ حقوقه ومساحة خصوصيته، عبر الالتزام بمعايير النشر وأخلاقياته المتوفرة على موقع المرصد.

ويرى (أكيد) في هذه التَّغطية ما يلي:

أولًا: يجب البحث عن مصادر معلومات موثوقة وعلمية لا يقف خلفها الرِّبح التِّجاري ولا يتم اللجوء إلى المعلومات التي تقف خلفها شركات ربحية  إلا في حالة عدم وجود المعلومات الموثوقة من مصادر علمية لا تبحث عن الربح.

ثانيًا: يجب تحقيق التَّوازن في التَّغطية الإعلامية وعدم توفير مساحات بث طويلة لجهات ربحية تجارية على حساب الأخرى.

ثالثًا: يجب أن تضع وسائل الإعلام ضوابط لتغطيتها الإعلامية يكون محورها تقديم المعلومات بحيادية وموضوعية لجمهور المتلقين بعيدا عن ترويج منتجات عبر شاشاتها على حساب هذا الجمهور.

رابعًا: قضايا الأحوال الجوية والصحة والتعليم وغيرها هي قضايا أمن مجتمعي ووطني يجب تناولها بعيدًا عن التَّهويل والمبالغة وانعدام التوازن وغياب الموضوعية.