"مشان الله لا تضربوني" انتهاكات مهنية في نشر مقطع تعنيف لطفل مختطف

  • 2022-08-01
  • 12

أكيد- أفنان الماضي- تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لطفل يتعرض للتعنيف عارياً بينما كان يبكي ويقول: "مشان الله لا تضربوني".
وتحقق مرصد مصداقية الإعلام الأردني من حقيقة المقطع المتداول ليتبيّن ظهور
قصة الطفل في مواقع إخبارية في دولة مجاورة توضح ملابسات الحادثة، حيث أوضح أحد المراسلين الصَّحفيين أن جماعة مسلحة قامت باختطاف الطفل منذ نحو ثلاثة أشهر، مطالبين أهله بفدية تساوي 140 ألف دولار، وكان ذوو الطفل قد قدموا بلاغاً لدى الجهات الرسمية في دولتهم، كما ناشدوا الجميع من الداخل والخارج لمساعدتهم في جمع المبلغ المطلوب.

إلا أنَّ قصة الطفل انتشرت على صعيد منصات التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي والخارجي بعد أن قام المختطفون بإرسال مقطع يظهر الطفل أثناء تعرضه للضرب، مع تهديدٍ ببتر أصابعه إن لم يتم تسليم المبلغ.
ويرى (أكيد) بأن الإعلام وناشطي مواقع التواصل قاموا بتأدية الدور المهني والإنساني في مساعدة الطفل وذويه وإظهار قضيته للرأي العام من أجل الضَّغط على الجهات الرسمية، إلا أنَّ نشر المقطع تسبب بانتهاكات مهنية وأخلاقية وجب التنبيه لها، ومن ذلك إظهار الطفل في حالة ضعف إنساني، ما قد يتسبب بانتهاك كرامته، وما قد يؤدي إلى وصمه أو إصابته بأذى نفسي و اجتماعي بين أقرانه، وقد احتوى المقطع على ضرب وعبارات توسّل بينما كان الطفل عارياً يتلقى الضربات من قبل مختطفه.
ورصد (أكيد) عدداً من وسائل الإعلام المحلي التي قامت بالممارسة الفضلى أثناء تغطية الخبر، حيث اكتفت بإيضاح التفاصيل كافة وصفاً بالكلمات دون إضافة المقطع المخالف.
الدكتورة نهلا المومني الخبيرة في التَّشريعات الإعلامية والأخلاقيات الصَّحفية وعضو لجنة شكاوى الإعلام أوضحت لـ (أكيد) الأسلوب الأمثل للتعامل مع قضايا اختطاف الأطفال، بعيداً عن المخالفات والانتهاكات المهنية، حيث قالت  إنَّ مواثيق الشرف الإعلامي أكدت على أن يحرص الإعلاميون على بث المعلومات الكاملة والحقائق عن انتهاكات حقوق الانسان وان لا يقبل تجاهلها، وان يلتزموا بشكل خاص بالدفاع عن قضايا الطفولة وحقوقهم الأساسية المتمثلة في الرعاية والحماية. وقبل كل ذلك فإن حماية الطفولة والدفاع عنها التزام دولي بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل. وفي الوقت ذاته تنص المواثيق ذاتها على ان يحرص الإعلاميون على ان يراعوا في المحتوى الإعلامي المتعلق بالأطفال حمايتهم من اية مواد تؤثر سلبا على نموهم النفسي وعدم نشر ما يسيء لهم سواء اكانوا ضحايا او شهود، وكذلك الحال فإن اتفاقية حقوق الطفل الدولية  تؤكد على ضمان مبدأ حق الطفل في البقاء والنماء النفسي والعقلي السليم ومراعاة مصلحة الطفل الفضلى واحترام انسانيته وكرامته؛

وعليه فإن التغطية الإعلامية  يجب ان تتسم بالتوازن بين تحقيق مصلحة الطفل الفضلى والحفاظ على كرامته وبين نشر الحقيقة والمعلومات الكاملة عن القضية؛  بحيث  يتم نشر المعلومات  وحيثيات قضية الطفل بصورة كاملة ووافية وبيان الالتزامات المفروضة على السلطات على المستوى الوطني في هذا السياق لحثها على العمل على تحريره من الخاطفين،  وأيضا لحث المجتمع الدولي على الالتفات الى هذه القضية والقضايا المشابهة وتكاتف الجهود الدولية للتصدي لها ولبيان مدى أهمية تعزيز قيم السلام والاستقرار بين الدول. وفي الوقت ذاته وتحقيقا لمصلحة الطفل الفضلى عدم  نشر الفيديو الذي يتعرض خلاله للضرب والاهانة من قبل وسائل الاعلام لما ينطوي علىيه من إساءة للطفل ولمشاعر ذويه ولما يشكل انتشاره على نطاق واسع من اذى نفسي كبير لاحقا خاصة بعد اطلاق سراحه، والاستعاضة  عن نشر هذا الفيديو بايراد ما يتعرض له الطفل مع نشر صورته الطبيعية وتغطية الوقائع كافة ومناشدات الاهل واجراء مقابلات معهم ومع السلطات المحليةوغير ذلك من الوسائل.

ولا بد من الإشارة في هذا السياق الى ان نشر هذا الفيديو مع التعاطف الواسع من قبل الافراد على المستوى الوطني والدولي وما رافقه من جمع للاموال المطلوبة سيدفع العديد من العصابات الاجرامية الى استخدام الوسيلة الاجرامية ذاتها لتحقيق النتيجة الجرمية التي يهدفون اليها ويزداد هذا الامر خطورة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة حيث تغيب السلطات، وتغيب معهم فكرة ومبدأ سيادة القانون.