أكيد- سوسن أبو السُندس-تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، تصريحات لشخصيات مسؤولة قامت وسائل إعلام بتغطيتها ونقلها وتحدَّثت عن ارتفاع الأسعار في الأردن وربطها بالحرب الرُّوسية الأوكرانية، وتبين من خلال الرَّصد، تضاربًا في هذه التَّصريحات بعضها يؤكد عدم ارتفاع الأسعار وأخرى تبين احتمالية ارتفاعها.
ورصد (أكيد) عدَّة تصريحات نشرتها وسائل الإعلام من بينها، أسعار المواد الغذائية "ولَّعت" والاحتكار دمّرنا وكان هذا التَّصريح على لسان نقيب أصحاب المطاعم والحلويات عمر العواد، وعنونت بعض وسائل الإعلام موادِّها بـ لا صحة لما يدَّعيه البعض أنّ الأسعار ارتفعت في الأردن وكان على لسان رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق وتمَّ تبادل هذه التَّصريحات عبر وسائب الاتصال المتاحة.
وربطت وسائل إعلام محلية ارتفاع الأسعار واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتصاعدت في الوقت ذاته التحذيرات من تبعات الحرب على دول العالم، وارتفعت أسعار القمح عالميًا إلى أعلى مستوى لها منذ 9 أعوام وانتشرت بعض التغطيات الإعلامية على مواقع عربية خصَّت الأردن ببعض التحليلات مثل: شظايا" أزمة شرق أوروبا تصل إلى أسواق الأردن، و الأزمة الأوكرانية ترفع فاتورة الأردن من القمح والشعير.
ورصد (أكيد) تغطية وسائل إعلام محلية لتبعات الأزمة الروسية الأوكرانية وربْطِها مع غلاء الأسعار، ليجد أنّ وسائل الإعلام أسهمت في ربط فكرة غلاء الأسعار مع الحرب الروسية الأوكرانية، وعنون بعضها بـ هل ستشهد الاردن أرتفاعا باسعار الخبز بسبب الحرب في اوكرانيا؟، وأخرى عنونت بـ على الأردن التحوّط خوفاً من أزمة غذائية في العالم، وتسبَّبت هذه الأسئلة بترويج شائعات غير دقيقة عبر مواقع التَّواصل الاجتماعي تسبَّبت بتضليل جمهور المتلقين حول قِلة المخزون الاستراتيجي لمادة القمح، ومن التغريدات التي تم تناقلها على موقع "تويتر": تحذيرات من بوادر أزمة في سعر الخبز، وتغريدة أخرى بعنوان: الأردن سيشهد أزمة خبز.
وعلى مدار الأيَّام التي بدأت بها الحرب الروسية الأوكرانية، لاحظ (أكيد)، أنَّ الرَّأي العام مشوشاً إلى أن أكدّ الناطق الاعلامي في وزارة الصناعة والتجارة ينال برماوي في تصريح رسمي له أنّ الأردن لم يستورد القمح خلال عامي ٢٠٢١ - ٢٠٢٢ من روسيا بسبب فرض الأخيرة ضرائب تصدير على القمح والشعير والذرة، مشيرًا إلى أنّ المخزون الاستراتيجي من القمح آمن ويكفي لمدة ١٥ شهرًا.
التَّصريح الرّسمي الحكومي غيَّر اتجاهات التغطيات الإعلامية، وعنونت بعض وسائل الإعلام مواد تغطيتها بكلمات تطمئن المتلقين على الأمن الغذائي الأردني ومن بينها: مخزوننا من القمح آمن ويغطي استهلاكنا لمدة 15 شهرًا.
ماذا غاب عن الإعلام في تغطية ارتفاع أسعار القمح والشعير؟
يرتبط الأمن الغذائي بالأمن القومي لأيِّ بلد كان، حيث ورد في كتاب حمل عنوان التهديدات الأمنية الناشئة في الشرق الأوسط، أنّ الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة والهجرة تعتبر قضايا شديدة الأهمية ولها علاقة مباشرة في الأمن القومي، ويتطلب ذلك حرصًا كبيرًا من قبل وسائل الإعلام في عدم الإضرار بهذا الأمن عند تغطية المواضيع ذات الصِّلة.
ويرى (أكيد) أنَّ الدِّقة في التَّغطية الإعلامية تستلزم الإبتعاد عن المعلومات الناقصة أو المغلوطة التي من شأنها التأثير على الرَّأي العام دون أدلة، فقد كان من الأولى على وسائل الإعلام التأكد من مصادر استيراد القمح في الأردن قبل نشر الشائعات، التي من شأنها أن تزيد من أعداد المتابعين أو تزيد أعداد الدخول إلى الموقع على حساب المصداقية الإعلامية.
وينوه (أكيد) إلى الأثر النفسيّ الذي يلحق بالسكان عند نشر معلومات تمس أمنهم الغذائي والذي يُعدُّ مسؤوليّة جماعية ينبغي على وسائل الإعلام مراعاتها لخدمة المصلحة العامة، فتداول مثل تلك الأخبار يعد أمرًا مثيرًا للهلع والخوف بين المتلقين.
وحسب معايير (أكيد) فإنّ أيَّ محتوى إعلامي يمس الأمن الغذائي يجب أن يكون مدعومًا بحقائق ودراسات صادرة عن خبراء ومراكز للدِّراسات المتخصصة باعتبارها مصدر تحقُّق رئيسي من المعلومات، وأن لا تكون مهمّة الإعلام فقط نقل تلك التصريحات، دون التَّحقق من صحتها وأثرها جمههور المتلقين.
ماهو المطلوب من الإعلام ؟
يرى (أكيد) أن التصريحات المباشرة والفورية من المصادر الرَّسمية أو الموثوقة تعتبر مصدراً مهماً لوسائل الإعلام في صياغة موادها الإخبارية، خاصة إذا كانت تلك التصريحات صادرة عن جهات ومصادر ذات علاقة أو مسؤولة.
ويوصي (أكيد) بضرورة أن ينظر الصَّحفي إلى سياق التَّصريحات والظروف الراهنة والمرافقة لها، حيث جاء الحديث عن ارتفاع الأسعار في وقت تستعد فيه الأسواق لاستقبال شهر رمضان المبارك، ووالذي يتميز بزيادة الطلب على السِلع في الأسواق الأردنية، وبالتالي قد يسهم الهلع الناجم عن تلك الأخبار بحدوث عمليات تكديس للسلع أو قيام البعض بمساعدة الإعلام باستغلال الأزمة لتحقيق أرباح مضاعفة على حساب المستهلكين.
ويشير (أكيد) إلى أنّ على وسائل الإعلام بذل جهد مضاعف أمام التَّصريحات المتضاربة، حيث قامت وسائل الإعلام بتناقل التصريحات المتعلقلة برفع الأسعار دون أن تكشف جوانب التضارب فيها، وفي ذلك مخالفة لمعيار الدِّقة الذي يعتبر أساس المصداقية في الإعلام، ولا تتوقف الدِّقة عند التأكد من صحة الآراء والمعلومات، لكنها تحتاج أيضاً إدراكًا للسِّياق، وامتلاكًا للخلفية المهنية والمعرفية التي تحول دون ارتكاب الأخطاء.
وينوه (أكيد) إلى أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام وما لديه من سُلطة ومسؤلية اجتماعية، فقد كان الأولى تسليط الضوء باتجاه غياب الرَّقابة المسؤولة عن الأسواق وعن ضرورة أن لا ينجو المحتكرون من العقاب عِوضًا عن ربطها بالحرب وإن تمَّ ربطها يكون على أساس معلومات موثوقة ملتزمة بالحياد والوضوح.
ويشير (أكيد) إلى أنَّه يحدث في التَّغطيات الصَّحفية أن يجد الصحفي تصريحات متضاربة - في شأن ما - نظرًا لاختلاف مصادرها، فكل مصدر يرى الأمور من وجهة نظره وحسب أدلته، وبذلك يعتبر اختلاف بعض التصريحات أمرًا بديهيا في حياتنا اليومية، ومن هنا يأتي دور الصَّحفي بالتَّحقق والتَّمحيص من خلال التأكد من صحة المعلومات، وأنّ يواجه المسؤولين بتصريحاتهم ويطرح عليهم الأسئلة بشكل مباشر للحصول على إجابات واضحة، انطلاقًا من الدور الحقيقيّ للصِّحافة والمتمثّل بمراقبة السلطات وعدم إفساح المجال لما له أن يبثّ الرُّعب أو الهلع - أو حتى الطمأنينة في غير موقعها – بين المواطنين.
وبحسب معايير (أكيد) المنشورة على موقعه الالكتروني فإنَّ على الإعلام الإلتزام بسياق الموضوعية والحياد والتوازن في نقل التصريحات والحرص على التوازن بين المصلحة العامة والخاصة، وأن يعكس المحتوى وجهات نظر ومعلومات الأطراف كافة وبشكل متوازن، خصوصًا في التَّغطيات التي تشكل رأيًا عامًا للجمهور.
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2025 جميع الحقوق محفوظة Akeed