الجرائم الإلكترونية.. التَّقاريرالمعمَّقة تغيب عن وسائل الإعلام المحلية

  • 2022-04-12
  • 12

عمّان 13 نيسان (أكيد)-سوسن أبو السُندس-غابت التَّغطية الإعلامية المُعمقة عن قضية انتشار الجرائم الإلكترونية في المجتمع الأردني، رغم تحذيرات دائرة الجرائم الإلكترونية في إدارة البحث الجنائي التَّابعة لمديرية الأمن العام، على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التغطية الإعلامية المرافقة لتحذيرات الأمن العام من خلال اختيار خمس وسائل إعلامية في الفترة الممتدة بين الأول من شهر كانون الثَّاني إلى الثَّامن من شهر نيسان 2022 عبر استخدام خاصية البحث المتقدم المتعلِّق بالوسيلة الإعلامية واستخدام الكلمات المفتاحية التالية: "الابتزاز الإلكتروني، الجرائم الإلكترونية، وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، ابتزاز، تهديد إلكتروني"، وذلك بهدف شمول أوسع حجم ممكن من المواد المنشورة.

وبين الرَّصد وجود 100 مادة صحفية اكتفى معظمهابنسبة 70 بالمئة بنشر التحذيرات والبيانات الصادرة عنمكتب مديرية مكافحة الجريمة الإلكترونية، دون البحث بشكل أعمق في تلك القضايا، إضافة إلى عدم احتواء التقارير على نصائح توعوية للوصول إلى تحقيق الأمان الرقمي، وجاءت عناوين بعض الوسائل كما يلي:

الجرائم الإلكترونية تجدد تحذيرها من روابط وهمية

تحذير من روابط "لتسجيل دعم الفقراء"​

الأمن يحذر من أساليب احتيالية مالية إلكترونية بانتحال الشخصيات.

وخلص (أكيد) إلى رصد عدة تقارير قدّمت محتوى مختلفًا، وتحمل قصصًا ذات قيمة إخبارية من بينها: رغم تحذيرات الأمن.. أردنية تتعرض للاحتيال بـ 480  دينارا عبر "الإيميل" وذكرت مثالًا لعملية الاحتيال،وقالت إن الفتاة تلقت بريدًا إلكترونيًا عبر بريدها الشخصي، يحمل اسم مديرها المباشر، ويتضمن البريد طلبًا من مديرها بشراء منتجات إلكترونية، وهكذا تمّت عملية الاحتيال.

الواقع الرقمي في الأردن:

تبين من خلال رصد (اكيد) وجود 9 ملايين و400 ألف مستخدم للإنترنت في الأردن، بحسب ما جاء في بيانات رسمية صادرة عن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، وبنسبة انتشار بلغت 89 بالمئة من إجمالي عدد السكان، وتُعد هذه الأرقام مرتفعة نسبيًا مقارنة بمعدل انتشار الإنترنت في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والبالغة 75بالمئة بحسب موقع إنترنت وورلد ستات.

لا شك بأنَّ تضاعف أعداد مستخدمي الإنترنت يفرض وجود تدابير قانونية وتقنية تنظيمية وإعلامية، للحد من المشاكل المترتبة على زيادة استخدام الإنترنت مثل زيادة نسب الجرائم والهجمات الإلكترونية.

 ورصد )أكيد( أعداد الجرائم الإلكترونية خلال عام 2021، فقد أعلنت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية عن9275 قضية جريمة إلكترونية.

وتشير جمعية "تضامن" إلى أنَّ العنف والتحرش الالكتروني يهددان 2.7 مليون أنثى في الأردن يستخدمن الإنترنت من بينهن مليون طفلة.

وأعلنت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية عبر منصة "Facebook" الخاصة بها عن استقبالها مجموعة كبيرة من البلاغات والشكاوى حول انتحال صفة مؤسسات بنكية ومصرفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توهم الضحايا بأنهم يتواصلون معهم عبر حسابات رسمية تابعة لجهات معترف بها، بهدف استدراجها إلى معاملات وجوائز وهمية تنطوي على عمليات احتيال مالي إلكتروني.

وتبين لـ (أكيد) أنَّ وحدة الجرائم الإلكترونية دعت إلى ضرورة عدم الوثوق بالحسابات والصَّفحات الوهمية التي تنتحل أسماء المؤسسات البنكية والمصرفية، والتأكد من وجود العلامة الزرقاء التي توثِّق الصَّفحات الرَّسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم الاستجابة لأيَّمعاملات مالية أو دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل بشكل مباشر مع المؤسسة المعنية وليس عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويرى (أكيد) أنَّ تحذيرات وحدة الجرائم الالكترونية جاءت في ظل غياب واضح للصِّحافة المتخصصة في الواقع الرَّقمي التي من شأنها أن تقدِّم تغطيات إعلامية معمّقة توعوية أو استرشادية.

ما المطلوب من الإعلام؟

تقول الصَّحفية المتخصِّصة بحقوق الإنسان نادين النِّمري لـ(أكيد): إنَّ الجرائم الإلكترونية ذات أشكال متعددة ما بين تنمر أو ابتزاز أو سرقة حسابات بنكية أو اختراق لحسابات التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى التَّحرش الجنسي، وجميع هذه الأشكال تفتقر إلى صحافة تبحث في عمق الأشياء، وتوفر تقارير حوارية أو نقاشية.

وأضافت بأنَّ بعض التقاريرالصَّحفية ذات طابع "سطحي"، إذ تكتفي فقط بنقل التصريحات والتحذيرات، وعزت سبب قلة التَّقارير المتعمّقة إلى عدم وجود صحافة متخصصة بالحقوق الرقمية.

وشدّدت على أهمية أن تبادر الوسائل الإعلامية إلى تسليط الضوء على النَّواحي التَّشريعية، وتحديدًا قانون الجرائم الإلكترونية، للعمل على مراجعة بنوده، وطرح الأسئلة على المختصين فيما يتعلق بمدى توافق قانون الجرائم الإلكترونية مع قانون العقوبات، والوقوف على بعض المصطلحات التي تصفها بأنَّها "فضفاضة"،وتفتح الباب على مصراعيه لتسلّل ضعاف النفوس.

ويرى (أكيد) أنّ التغطيات الإعلامية تفتقر للجانب التوعوي حول الاستخدام الآمن على شبكة الإنترنت، ولا وجود للقضايا المتخصصة في تعزيز الحقوق الرقمية التي تعتبر جزءًا من حقوق الإنسان، وهي  ضرورية للوصول إلى مجتمعات سلمية وآمنة.

الممارسات الفضلى في تغطية الجرائم الإلكترونية:

يدعو (أكيد) إلى الممارسات الفضلى في تغطية الجرائم بشكل عام بحسب ما وردت في ميثاق الشَّرف الصَّحفي والتي تنص على أن يلتزم الصحافيون بمساندة عدالة القضاء، وتأكيد سيادة القانون، وعدم التَّحيز لجانب على آخر أو قضية على أخرى من القضايا التي لم يصدر فيها حكم، وفي هذا الجانب لا ينشر الصحافيون معلومات حصلوا عليها من مصادر غير قضائية منعت الهيئات القضائية خطيًا نشرها، ولا يشمل هذا الحظر نشر المادة الصحفية إذا كانت تسلط الضوء على الفساد الظَّاهر في الإجراءات التي تسبق المحاكمة.

وينوه (أكيد) إلى ضرورة أن يلتزم الصحافيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد وسرية الأمور الخاصة بالسكان، وذلك طبقًا للمبادئ الدولية والأخلاقيات الصحفية والقوانين المعمول بها في المملكة.