اغتيال شيرين أبو عاقلة... قوة الإعلام تنفي روايات متعدِّدة وتضع الحقيقة في مسارها

  • 2022-05-15
  • 12

عمّان 16 أيّار (أكيد)–تقرير: زيد المومني- كاريكاتير: ناصر الجعفري

أظهرت وسائل الإعلام قوتها وأهميتها بنقل الواقع كما هو، ومحاكمة المعلومات قبل وصولها لجمهور المتلقين والتَّحقُّق منها، وأثبتت أنَّ الإعلام يستطيع أن يكون علامة فارقة بالأحداث والوقوف مع رفاق المهنة والمهمشين والضَّحايا والانتصار لهم بنقل الحقيقة كما هي.

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، تغطية وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية؛ لحادثة اغتيال الصِّحفيّة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بمخيم جنين في الأراضي الفلسطينية، وتبين أنَّ وسائل الإعلام تتبعت الحادثة، وحاكمت كلَّ المعلومات التي نُقلت لجمهور المتلقين، وحتى المعلومات الخاطئة والزَّائفة نشرتها ونشرت مقابلها الواقع وما حدث من خلال مسؤولين من جميع الأطراف وشهود عيان وخبراء، وانتقلت لمراحل متقدِّمة من التَّحقق بالتَّقصي، ورسم حادثة الاغتيال، واستخدام أساليب الإعلام الحديثة وبتكنولوجيا متطورة للوصول إلى حقيقة ما جرى.

 ووجد (أكيد) أنَّ وسائل الإعلام في هذه الحادثة دعمت عمل الصَّحفي والمتمثل بشخصية شيرين أبو عاقلة، ونقل الخبر إلى الجمهور برغم ما قد يُعرّض حياته للخطر، وظهر أنَّ حضور وسائل الإعلام جعل من قضيتها الحدث الأبرز والعنوان العريض على مختلف المنابر الإعلامية، وأسهم في إرجاع أصابع الاتّهام إلى الجاني مرتكب فعل القتل والمتَّهم فيها بشكل مباشر وهو الجيش الإسرائيلي، المسؤول عن حادثة اغتيالها، وأجبره على التراجع عن إنكاره المتكرر في البداية من التورط في عملية الاغتيال لتتغيَّر روايته خمس مرَّات انتهت في المرَّة السَّادسة بقوله: "إنَّ جنديًا اسرائيليًا كان متواجدًا في منطقة الحدث وأطلق النَّار على الصَّحفية شيرين أبو عاقلة".

ولاحظ (أكيد) أنَّ خبر مقتل الصَّحفية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين، وهي في الميدان ترتدي سترة زرقاء تحمل بوضوح كلمة "صحافة"، انتشر بشكل كبير وواسع حتى غلبت مشاعر الحزن والصدمة على جمهور المتلقين ورفاق مهنة الصحافة من مختلف دول العالم. وفي الوقت الذي كان مشهد الاغتيال يُبث ويُعرض على مختلف وسائل الإعلام، ذهب مسؤولون ومتحدثون إسرائيليون نحو تشتيت الرأي العام العالمي وإغراقه برواية غايتها تحميل مسؤولية الاغتيال المأساوي للطرف الفلسطيني، وتحديدًا لمسلحين فلسطينيين قيل إنَّهم كانوا يُطلقون النار بشكل عشوائي، وبثّوا مقطعًا مصورًا "فيديو" لأحد الفلسطينيين وهو يُطلق الرصاص، زاعمين أنَّ تلك الرَّصاصات هي السَّبب في مقتل المراسلة شيرين أبو عاقلة، الأمر الذي عملت وسائل إعلام وصحفيون على تفنيده وكشف زيفه من خلال التأكيد على اختلاف المكان الذي قُتلت فيه شيرين أبو عاقلة، عن مكان إطلاق النار العشوائي المزعوم، لتقوم بعدها السلطات الإسرائيلية بالتراجع عن مزاعمها، والاعتراف باحتمال أن نيرانًا إسرائيلية هي من قتلت الصحفية شيرين أبو عاقلة، وعندها أعلنت جهات رسمية إسرائيلية عن نيتها إجراء تحقيق لكشف ملابسات حادثة الاغتيال.

ورصد (أكيد) عدَّة ممارسات فضلى في تغطيتها لهذه الحادثة كان أبرزها عدم نقل وسائل الإعلام مناظر أو صور قريبة جدًا لحالة الصَّحفية شيرين أبو عاقلة وبشاعة الإصابة، وإنَّما تركزت الصورة على جسدها الملقى في مكان الحادثة مع نشر أصوات من حولها ومحاولاتهم إسعافها، حيث تركت هذه الصورة أثرًا كبيرًا في الرأي العام وعلى كل المستويات، وهنا يجب الإشارة إلى قوة ونباهة وفطنة المصور الذي ثبَّت الكاميرا وصوَّر المشهد بشكل كامل، بما يخدم قضية الصَّحفية ومهنة الصَّحافة بشكل عام.

وتبين لـ (أكيد) أنَّ عددًا من رواد مواقع التَّواصل الاجتماعي في منصَّات "فيسبوك"، و"تويتر"، و"إنستغرام"، و"تيك توك"، و"سناب شات" تناقلوا مقاطع مصورة ومحدودة جدًا صُوِّرت بكاميرا هاتف محمول، كان يبين الزَّميلة شيرين أبو عاقلة لحظة إسعافها وعمل إنعاش لها في المستشفى، وكان الأفضل عدم نشر هذه المقاطع حيث إنَّ نشرها لا يحمل قيمة إخبارية، وفي هذا الموقف كان يجب حماية جزء من خصوصيتها.

وأجمعت وسائل الإعلام على أنَّ شيرين أبو عاقلة كانت تنشر وتنقل الواقع الذي يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان انحيازها دائمًا للضَّحايا والمهمشين والمظلومين، وكانت تنقل الواقع الذي يجري بين جميع الأطراف، وملتزمة بوسائل الحماية والسلامة المهنية للصَّحفيين، وتعرَّضت للقتل والقاتل يعلم أنَّها صحفية.

وفتحت وسائل الإعلام المحلية برامج مباشرة لتغطية حادثة الاغتيال ونقلت بشكل متتالي تشييع جثمانها، وكان لهذا الحجم الكبير من التَّغطية دور كبير وفاعل في خلق رأي عام ضدَّ مرتكب الفعل، والمتهم فيه جندي إسرائيلي.

وتتبع (أكيد) من باب معرفة كلِّ الأطراف التي قدَّمت تغطيات صحفية لاغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، الصِّحافة الاسرائيلية، ورصد صحيفة هآرتس ويديعوت أحرونوت، وتبين أنَّها نشرت مواد تعتمد على الرِّواية الرَّسمية الحكومية، لكنها شهدت بمهنية الصَّحفية شيرين أبو عاقلة، ونقلت معلومات عن المصور الذي أصيب في الحادثة.

إلى ذلك يعتبر (أكيد) حادثة اغتيال الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة جريمة مروعة والغرض منها اغتيال الحقيقة وطمسها، وهي جريمة تنطوي على خرق للقوانين والأعراف الدولية على بُعد أيام من اليوم العالمي لحرية الصحافة، وتعبّر عن محاولة يائسة لمنع الإعلام من أداء رسالته، فيما أكد العالم رفضه الاعتداء على الصحفيين، وضرورة تعزيز سلامتهم للمحافظة على دورهم في إيصال الخبر والحقيقة للجمهور.

ويشير (أكيد) إلى أنَّ الصِّحفي الذي يقوم بدوره المهني والملتزم بأخلاقيات المهنة وينقل الواقع ولا ينحاز لأي طرف ويبتعد عن التَّضليل وتزييف الواقع، هو الصَّحفي الذي يترك أثرًا في المجتمع، ويخلص لسمعة رفيعة تشبه تلك السِّيرة التي تركتها الزَّميلة شيرين أبو عاقلة.