"تمييز على أساس الدِّين: مسيحي مسلم".. إعلام يلتزم وانفلات على التواصل الاجتماعي

  • 2022-05-17
  • 12

عمَّان 18 أيَّار (أكيد)- لقاء حمالس- كاريكاتير: ناصر الجعفري

 لا تندرج إهانة الشعور الديني والتَّمييز بين النَّاس على أساس ديني، واستخدام كلمات فيها ذم وقدح بهذا الإطار ضمن حرية التَّعبير، أسواء كان ذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة أم كان على منصَّات النَّشر العلنية المتمثلة بمواقع التَّواصل الاجتماعي المختلفة.

ويُعاقَب ناشر المحتوى المخالف لذلك أخلاقيًا ضمن ميثاق الشَّرف الصَّحفي، وقانونيًا بحسب نصوص قوانين المطبوعات والنَّشر والجرائم الإلكترونية والعقوبات ومنع الإرهاب.

تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، تغطية وسائل الإعلام ووسائل التَّواصل الاجتماعي للتَّمييز على أساس الدِّين بين المسيحي والمسلم، والتي رافقت حادثة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الجيش الاسرائيلي، وتبين أنَّ وسائل الإعلام أغلقت الباب في وجه مرور محتوى كهذا، ولم تسمح بنشر أيٍ منه بشكل مطلق، كما لم تقم بتغطية ما نشرته حسابات مشتركين على مواقع التَّواصل الاجتماعي.

وتبين لـ (أكيد) أنَّ حالة من الإنفلات وعدم احترام سيادة القانون قد سادت على حسابات مشتركين على مواقع التَّواصل الاجتماعي، ونشر عدد من المشتركين منشورات تمييز بين النَّاس على أساس ديني، واستخدموا بها عبارات تتضمن إهانة للشعور الديني وذم وقدح وإصدار أحكام كما لو أنها تندرج ضمن حرية التَّعبير.

ولاحظ (أكيد) أنَّ حالة الفوضى والانفلات على مواقع التَّواصل الاجتماعي استمرت على مدار أيَّام، وحسنًا فعلت كثير من الحسابات التي تولت التصدي لناشريها بمنشورات تبين أنَّ النَّشر في مثل هذه الحالات ضرره كبير على المجتمع والسلم الاجتماعي.

ورصد (أكيد) حسابات عامة يتابعها عدد كبير من المشتركين- ويعتذر عن نشر روابطها منعًا للإسهام بنشر المخالفة وتكرارها- تسبَّبت بنشر تعليقات وآراء ترقى لخطاب كراهية واضح ضدَّ فئات لها معتقداتها ويحق لها ذلك وفق الضوابط الإنسانية والأخلاقية والقانونية، ولا يحق لأي شخص استهدافها،َ وهذا من ثوابت الدَّولة التي تتعدد فيها الديانات.

وتبين لـ (أكيد) أنَّ هناك شخصيات اعتبارية، يتابعها على منصة التَّفاعل "يوتيوب"، ويشترك بها أكثر من مليون شخص، نشرت محتوى ملتزمًا بهذه الضوابط وطريقة التَّعامل مع الآخر الذي يدين بديانة مختلفة، وضرب أمثلة عديدة تبين أنَّ ما جرى من خطاب بهذا الإطار مخالف أخلاقيًا ودينيًا.

ووجد (أكيد) أنَّ سيادة القانون التي يحركها الأشخاص بالشكوى أو الحق العام كانت غائبة عن الحسابات التي قامت بنشر هذا النَّوع من القضايا، حيث إنَّ سيادة القانون تحقِّق الرَّدع العام والخاص، وتفصل بين حرية النَّشر والتَّعبير، وتقضي على مثل هذه الظواهر التي تتسبب بأذى معنوي لجمهور المتلقين قد يتطور إلى إذى ماديّ يهدِّد سلامة الأشخاص والمجتمع.

وتبيّن لـ (أكيد) بعد رصد استمر لأربعة أيَّام كاملة لـ 30 وسيلة إعلام محلية، توزعت بين ستّ محطات تلفزيون، وأربع صحف يومية مطبوعة، وخمس محطات إذاعة، وموقع متخصص، و14 موقعًا إلكترونيًا، تبيّن أنَّ هذه الوسائل التزمت، ومنعت مرور أيَّ محتوى بهذا الإطار، وركَّزت على القضية الأهم وهي عملية اغتيال الصحفية الفلسطينية، وهي ترتدي لباس الصِّحافة وأدوات السَّلامة المهنية، ولا تحمل سلاحًا، وتنقل واقع الحال  في الأراضي الفلسطينية منذ 27 عامًا بغض النَّظر عن ديانتها الذي هو حق لها فقط.

ولاحظ (أكيد) بعد رصد 22 حسابًا على مواقع التَّواصل الاجتماعي، توزعت بين 10 حسابات على "فيسبوك"، و10 حسابات على "تويتر"، وحسابين على المنصة المرئية "يوتيوب"، أنَّ هذه الحسابات تتضمن عددًا كبيرًا من المتابعين، وأنَّ هناك محتوى منشورًا يحمل إهانة للشعور الديني، وتمّت مشاركة منشورات من حسابات مشتركين خارج الأردن، تحمل مخالفات مهنية. وتعدّت هذه الحسابات إلى مشاركة معلومات زائفة على لسان مرجعية دينية مصرية، ومع أنه هذه المعلومات مباشرة، لكن الحسابات التي نشرت ذلك لم تقم بالنَّفي أو حذف المنشور.

ويرى (أكيد) بعد هذا الرَّصد ما يلي:

أولًا: حسنًا فعلت وسائل الإعلام بعدم نشر أي نوع من المحتوى أو الكلمات التي تذهب لإهانة الشعور الديني لأي طرف من الأطراف.

ثانيًا: حسابات مشتركين على مواقع التَّواصل الاجتماعي، هي من كتبت ونشرت كلمات مخالفة لا تندرج تحت إطار حرية التَّعبير، وهي مخالفة قانونيًا.

ثالثًا: في القضايا الكُبرى، يكون الوقوف مع القيم الإنسانية والنَّبيلة، ما يؤدي إلى الارتقاء بالمجتمعات وحمايتها من الفتنة والفرقة والعنف والتَّناحر على أسس من العنصرية والكراهية والتَّنمر على الآخرين.

رابعًا: الدَّولة بسلطاتها وقوانينها هي الضَّامن لحرية التَّعبير، وهي التي تفصل بينها وبين إهانة الشعور الدِّيني والذَّم والقدح للآخرين.

خامسًا: المعايير المهنية الضابطة لوسائل الإعلام تبين حدود حرية التَّعبير، وهذه المعايير قد لا تنطبق على منصَّات النَّشر العلنية لكنَّ الضوابط القانونية تنطبق على هذه المنصَّات عندما يصبح أمن الإنسان والمجتمع مهدَّد بسبب هذه المنصَّات وما يُنشر عليها.