"أتى على الأخضر واليابس".. تغطية إعلامية سطحية لحريق غابات اليرموك

  • 2022-05-24
  • 12

عمَّان 25 أيَّار (أكيد)-تقرير: سوسن أبو السُندس. كاريكاتير: ناصر الجعفري

نقلت وسائل إعلام محلية حادثة حريق في محمية غابات اليرموك بمنطقة أم قيس في محافظة إربد شمال المملكة، ووجد مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) ضرورة تتبع هذه التَّغطية، ليتبين أنَّ التَّغطية كانت متواضعة رُغم أنَّ هناك ضررًا لحق بـ 1200 دونم من هذه الأراضي التي تتصف بتضاريس جبلية، وأعلنت مديرية الدّفاع المدني أنها تعاملت مع الحريق الذي نشب بأعشاب جافة وأشجار حرجية ومثمرة.

وتتبع (أكيد) التَّغطية الإعلامية المرافقة لخبر الحريق، وذكرت الأخبار الأولية أن الحريق أتى على مئات الدونمات من الأراضي الحرجية التابعة للمحمية، والتي تضم غالبيتها أعشابًا جافة وأشجارًا ذات كثافة عالية.

وعنونت بعض الوسائل بـ حريق ضخم بمنطقة أم قيس في إربد مرفقًا بالفيديو والصور، وتبع ذلك الخبر عنوان تكرّر في عدة مواقع إخبارية بأنَّ  الدفاع المدني يسيطر على حريق أم قيس.

ورصد (أكيد) عينة اشتملت على محطتين تلفزيونيّتين، وصحيفة يومية مطبوعة، و30 موقعًا إلكترونيًا، في الفترة ما بين 15 إلى 19 أيّار، وقد وفّرت العينة 40 مادة من وسائل الإعلام المرصودة، ووجد أنّ عدد كلمات جُلّ هذه الأخبار وتحديدًا في المواقع الإخبارية لا تزيد على مئة كلمة، واعتمدت على التصريحات والبيانات الصادرة عن الدّفاع المدني. وتجلّت الصِّبغة التحريرية للوسائل الإعلامية في عناوين تغطيات إخبارية ابتعدت فيها عن التهويل، إلا أنَّ 16 مادة من العيّنة أضافت عبارة "شاهد بالفيديو" للعنوان لجذب انتباه جمهور المتلقين. ويُظهر المقطع المصور أماكن الحريق لكن دون أيَّ تفاصيل ذات قيمة إخبارية، فيما نسبت بعض المواقع الفيديو إلى مراسليها.

تناقض في الأرقام:

وجد (أكيد) من خلال الرَّصد أنّ 36 مادة من العينة لم تذكر أسباب الحريق، أمّا الوسائل التي توسّعت في رصد الأسباب، فقد تبينّ لـ (أكيد) وجود تناقض في ادّعاءاتها، فقد جاء في التقديرات الأولية لسبب الحرائق، والتي نُشرت على بعض المواقع، أنها بقايا فحم مشتعل من أحد الزوار، في حين نقلت مواقع  تصريح مدير المناطق المحمية في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عثمان الطوالبة، والذي أكد فيه أنّ المنطقة التي اندلع فيها الحريق من المناطق المحمية التي لا يدخلها الزوار ولا حتى أكثرية موظفي المحمية.

 ورصد (أكيد)  تناقضًا آخر في تحديد حجم الأضرار الناتجة عن الحريق، فقد ذكرت 22 مادة أنّ الحريق أتى على 1200 دونم بناء على تصريحات الأمن العام، بينما استندت تسع مواد لتصريحات الطوالبة الذي قال إنَّ الحريق أتى على 1630 دونمًا من أراضي المحمية، وذكرت تسع مواد أخرى أنّ الحريق تسبَّب بضرر لـ 1500 دونم.

ماذا غاب عن التغطيات الإعلامية؟

يرى (أكيد) أنَّه على الرغم من التَّغطية الإعلامية المواكبة للحريق، إلا أنَّه غاب عن وسائل الإعلام مساءلة أصحاب القرار المسؤولين عن مناطق الحريق، إذ تعدّ المنطقة المتضررة "محميّة"، ولذا تتطلب نوعًا من الرِّقابة والحماية للأشجار والطيور والحيوانات فيها، فضلًا عن المتابعة المستمرة للتحوّط من الأيدي العابثة بالمناطق الحرجية عمومًا سواء كان دون قصد من قبل المتنزهين، أو بقصد من أجل التحطيب.

ويشير (أكيد) إلى مسألة لم تلتفت إليها وسائل الإعلام بدرجة كافية، وهي أنَّ الحرائق بشكل عام تدق ناقوس الخطرحول قضية التغُير المناخي، وقد رُصد تقرير بعنوان: "حرائق الغابات ..الخسارة ليست شجرة بل نظامًا بيئيًا"، يلفت الانتباه لقضية التغيُر المناخي، ولارتفاع درجات الحرارة التي تُعدّ مسببًا آخر للحرائق، الأمر الذي يتطلب معه خططًا استباقية، وأنظمة إنذار مبكر، بما يكفل تحرك الجهات المعنية بالسرعة القصوى، وبأعلى درجات الفاعلية لوقف انتشار الحرائق، وحصر الأضرار في أضيق نطاق. 

وينوه (أكيد) إلى ضرورة بث مواد توعويّة تتعلق بالسلامة العامة حول عدم التسبب بالحرائق  في أوقات التنزه، وعدم ترك بقايا النَّار دون التأكد من إطفائها بالكامل، وزيادة الحيطة والحذر في التعامل مع الأعشاب اليابسة سريعة الاشتعال.

وذكرت بعض التغطيات الإعلامية أنَّ المحمية المتضررة قريبة من بعض القرى، ما يستلزم نشر مواد توعوية في كيفية التعامل مع الحرائق للحرص على عدم وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح.

ويشير مرصد (أكيد) إلى معاييره المهنية المنشورة على موقعه إلى تحري الدّقة في تغطية الأخبار، وتفادي الأخطاء المعلوماتية، وإرجاع الأمورإلى مصادرها، حيث تعدّ الدقة في المعلومات حجر الأساس لمصداقية الوسيلة الإعلامية.