عمَّان 29 أيّار (أكيد)- تقرير: شرين الصَّغير، كاريكاتير: ناصر الجعفري-
مع بداية الصّيف، تبدأ حوادث الغرق سواء في قناة الملك عبدالله في مناطق الأغوار أو في البرك الزراعیة أو في برك السِّباحة في المنازل والحدائق والمنتجعات، وهي من الحوادث الموسمیة التي تشھدھا المملكة.
وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام لهذه الظَّاهرة، وتبين أنَّ جمهورالمتلقين وقع ضحيّة لتغطية إعلامية مكرّرة من سنوات سابقة، إذ ما زالت هذه التَّغطيات تكتفي بالسّرد الخبري دون تغطيات معمّقة أو متابعة، بالرغم من أنّ حوادث الغرق متكرّرة، وتحتاج إلى تغطية معمقة تضع هذه القضية بشكل مكثف على طاولة الرَّأي العام.
وتنقل التَّغطيات الإعلاميّة للمتلقين الأرقام بدقّة، لكن دون تناول التفاصيل التي تسلّط الضّوء على السّبب الحقيقي لحالات الغرق أو تقديم حلول جذريّة للحدّ من هذه الظّاهرة، ما يعطي انطباعًا متباينًا لدى المتلقين، ومثيرًا للعديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لتكرار هذه الظاهرة، وعن غياب تصريحات المسؤولين وماذا فعلوا للحد منها، أي أنَّ المعلومات منقوصة، وهذا ينطوي على مخالفة معيارالدّقّة وعدم الذَّهاب بعيدًا في البحث المعمَّق، وبالنتيجة يكون جمهور المتلقين هو الضَّحية.
ورصد (أكيد) مادة إخبارية تبين أنَّ منظمة الصّحة العالميّة عدَّت الغرق ثالث أهم أسباب الوفيات في العالم، وِأن شخصًا واحدًا يموت غرقًا كل تسعين ثانية في كل أنحاء العالم ما دفع ذلك خبراء الصحة للقول إن الغرق أصبح مشكلة صحية عامة مهملة، وإنه يعد من الأسباب الرئيسة العشرة للوفاة بين الأطفال في كلِّ أنحاء العالم، وقد دعوا لاتخاذ إجراءات لإنقاذ الأرواح. وعلى الرُّغم من ذلك، فقد قال خبراء من منظمة الصحة العالمية بأنَّه لا توجد استراتيجيات واسعة لمنع الغرق، وتقليل الارتفاع المروع لعدد الوفيات.
وقال التقرير الذي أعدته منظمة الصحة العالمية لسنة 2021: "يشكل الغرق تهديدًا خطيرًا للصحة، والذي أودى بحياة 372 ألف شخص في كلِّ أنحاء العالم". لكن صعوبات في الإبلاغ عن البيانات تؤدي إلى أنه قد يكون هناك سوء تقدير، ففي بعض الدول أظهر المسح أن معدل الوفيات يصل إلى خمس مرات أعلى من تقديرات منظّمة الصّحة العالميّة.
ظاهرةٌ بهذا الحجم، دفعت (أكيد) لتتبع التغطية الإعلامية المرافقة لحالات الغرق، وكيفية تغطية وسائل الإعلام لها. وأجرى رصدًا علميًا لمعرفة أنماط التغطية الإخبارية لعينة من وسائل الإعلام الأردنية شملت 30 وسيلة إعلامية للفترة الممتدة من بداية 2018 وحتى 22 أيَّار من عام 2022، وتبين تواضع التغطية الإعلامية، وأنها قائمة على أسلوب السرد الخبري بنسبة بلغت 95 بالمئة من التغطيات الإعلامية، وضعف التقاريرالمعمّقة والمتخصّصة والتي مثّلت ما نسبته 5 بالمئة فقط.
التغطية الإعلامية وعينة الرَّصد:
صُمّمت عينة الرصد بحسب الوسيلة الإعلامية، وتكوّنت من عدة وسائل إعلامية، وشملت 25 موقعًا إخباريًا، وصحيفتين يوميّتين، وثلاث وسائل مرئية، وتحدَّدت مهمة الرَّصد في معرفة حجم اهتمام وسائل الإعلام الأردنية بموضوع الغرق في السدود والبرك ومدى متابعتها.
وللوقوف على نمط التغطية الإعلامية، جرى تصنيف المواد الإخبارية إلى قسمين، هما: تغطية معمّقة، وتغطية بصيغة سرد إخباري، وعكست نتائج الرصد تواضعاً شديداً في حجم التغطية الصحفية المعمقة.
الجدول (2): نمط التغطية الإعلامية لحوادث الغرق
المجموع |
التغطية المعمقة |
السرد الإخباري |
الوسائل |
|||
% |
التكرارات |
% |
التكرارات |
% |
التكرارت |
|
100 |
19 |
5.3 |
1 |
94.7 |
18 |
صحف يومية |
100 |
23 |
39.1 |
9 |
60.9 |
14 |
تلفزيون |
100 |
69 |
2.9 |
2 |
97.1 |
67 |
مواقع اخبارية |
ماذا غاب عن التَّغطيات الإعلامية؟
يرى (أكيد) أن التغطيات الإعلامية متواضعة جدًا، ولا ترقى لأهمية وخطورة الحدث، وقامت وسائل الإعلام بمخالفة معيار الدِّقة الذي يتطلب عدم تقديم محتوى بمعلومات ناقصة، لأن نقص المعلومات يؤدي إلى تشويه الوقائع. كما أنَّ المتلقي بحاجة إلى أن يعرف من الصحفي تفسيرًا واضحًا لسبب تكرار مثل هذه الحوادث، ومن المفترض في وسائل الإعلام أن تتابع كل حدث بشكل منفرد وما يتطلبه من حلول مستدامة، ومراقبة الجهات المعنية بمتابعتها للأحداث، وكيفية التعامل معها، والابتعاد عن المتابعة بصورة كلية للمشكلة.
وينوه (أكيد) إلى أن تقديم تقارير معمقة يوفّر إضاءة مهمة لأهمية المشكلة وتكرارها، لذلك كان لا بد للصحفيين من العودة إلى طرق منظمة الصحة العالمية للوقاية من الغرق، حيث إنَّ قضية الغرق تحتاج لتغطيات سابرة وعميقة.
ويشير (أكيد) إلى أهمية الوظيفة الرقابية التي يجب على الصحافة عدم الاستغناء عنها، ونقل جميع القضايا المتعلقة بالمشاريع الوقائية الخاصة بالسدود من حيث الحواجز ووضع لافتات تحذيرية ومتابعة تنفيذها، فيما يحتاج تنفيذ ذلك إلى خطط وحزمة من المشاريع التي لا تجد لها حضورًا كافيًا في التقارير.
ويشير(أكيد) في الوقت ذاته إلى أهمية خلق صحافة توعوية متخصصة، وهو ما يعد عاملًا أساسيًا للتغيير في المجتمع، ويسهم في تحقيق غايات اجتماعية تنموية، إذ يمثل عنصرًا مهمًا في تهيئة متطلبات التغييرعن طريق تشكيل مقدار من الوعي في نظر الفرد إلى مختلف القضايا والمشكلات، مثل الوقاية من حوادث الغرق وغيرها، عن طريق تشخيص الظاهرة، وتوضيح الأسباب المؤدية إليها وطرق الحدّ منها. فوسائل الإعلام التوعوي تعمل على تشكيل وعي الجمهور عن طريق تقديم مادة إعلامية هادفة، مستعينة بعناصر التشويق والـتأثير والإقناع (الحمالات الإعلامية)، وبالتالي تقوم بتعديل سلوك الجمهور المستهدف وتصويب اتجاهاته: سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات أو هيئات... Top of FormBottom of Form
ويشير (أكيد) إلى أنَّ المادة الصحفية التي تتسم بالمصداقية العالية يفترض أن تقدم للمتلقي تفسيرًا واضحًا لجميع الأسباب، وفي حال أغفل الصحفي بندًا بسبب قلة المعلومات أو لعدم قدرته على الحصول على المعلومات، تعدّ المادة الصحفية مخالفة لمعيار الشمول.
ووجد (أكيد) أنّ نمط التّغطيات يؤثّر على شكل وحجم المعلومات الحقيقيّة المتاحة للجمهور، ما يتسبّب في عدم وضوحها وانتشار الشائعات، وهذا يؤثر سلبًا على شفافيّة الإعلام ومصداقيّته. والإعلامي بقدَرما يلتزم بالمعايير المهنيّة والأخلاقيّة في عمله، فإنَّه يقدِّم خدمة حقيقيّة لجمهوره، ويكفل الاحترام لأدائه وشخصه.
ولاحظ (أكيد) أن وسائل الإعلام، فيما عدا إيراد الأرقام الصمّاء عن ضحايا الغرق في السدود والقنوات والبرك الزراعية، فإنها لا توفر بشكل منتظم معطيات إحصائية كافية للوقوف على الحجم الفعلي للمشكلة وتقييم تطورها، بما يسمح بتحديد الفئات السكانية المتضررة، والخروج بالاستخلاصات المناسبة التي من شأنها التأشير على مسؤولية الجهات المعنية في تنفيذ الحلول اللازمة، وبخاصة على صعيد التوعية والوقاية.
وبحسب معايير (أكيد) المنشورة على موقعه الإلكتروني، فإنَّه يجب أن تكون المادة الاخبارية شاملة ومكتملة وغير مجتزأة أو انتقائية، وتضمن تتبع الخبر من نشأته حتى نهايته، وبحث العناصر المكملة له، سواء عن طريق المصادر الأصلية أو أقسام المعلومات.
وبعد هذه التَّحقق، فقد خلُص (أكيد) إلى ما يلي:
أولًا: لم تصل وسائل الإعلام لأيِّ تحقيق صحافي من أرض الواقع يبيّن الحقيقة الكاملة لجمهور المتلقّين.
ثانيًا: في مثل هذه القضايا يجب اتّباع معيار المتابعة والبحث العميق.
ثالًثًا: المواد المرصودة متواضعة جدًا لا ترقى لحجم المشكلة.
توصية (أكيد):
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2024 جميع الحقوق محفوظة Akeed