"800 اعتداء جنسي ..." عنوان مُضلِّل في تحقيق وسيلة إعلام محلية

  • 2022-05-31
  • 12

عمّان الأول من حزيران (أكيد)- نشرت صحيفة يومية محلية تقريرًا في طبعتيها الورقية والـ بي دي إف، بعنوان "800 اعتداء جنسي  تفتح ملف القصور التشريعي بحق  ذوي الإعاقة"، أوحت فيه بوقوع 800 اعتداء جنسي على ذوي الإعاقة عام 2021، رُغم أنَّ هذا الرقم يُشير إلى إجمالي عدد حالات الاعتداء الجنسي المحولة للطِّب الشَّرعي في المملكة بشكل عام.

وتتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) التَّحقيق وأخضعه لمعاييره التي ينشرها على موقعه الإلكتروني ويعتمد عليها في تقييم المحتوى المنشور لدى وسائل، وتبين أنَّ هذه الوسيلة ارتكبت مخالفات مهنية متعدِّدة، أبرزها الآتي:

أولًا: استخدمت الوسيلة في نسختها الورقية عنوانًا للإثارة والتهويل بذكر إجمالي عدد الاعتداءات الجنسية المسجلة في المملكة كما لو أنَّها ارتُكبت جميعها بحق ذوي الاعاقة لإثارة فضول القراء. وظهر التناقض بين العنوان والمتن لدى إيراد إحصاءات نسبها التَّحقيق للطب الشرعي بوقوع 800 اعتداء جنسي العام الماضي (2021)، إضافة إلى تصريح لمدير المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور رائد المومني، أفاد فيه بمحدودية الاعتداءات الواقعة على ذوي الإعاقة.

ثانيًا: عرض التحقيق تفاصيل دقيقة لقضايا الاعتداءات الجنسية، وحدّد الأماكن والأوصاف، ما يشكل وصمةً للأشخاص والأماكن المذكورين، علاوة على استخدامه ألفاظًا غير ملائمة للنشر في الصِّحافة، ولا تناسب مختلف فئات المتلقين، وبهذا يكون هناك عدم تقدير للمصلحة من النشر، وللمصلحة الفضلى للضحايا.

ثالثًا: لم يراع التحقيق مبدأ الجّدة في تناول الحالات، وحقها في النسيان وفي الحياة بشكل طبيعي، تحديداً الحالة التي وقعت في أحد مراكز رعاية المكفوفين، والتي تم تداولها إعلاميًا في وقت سابق. وأغفل التحقيق الإشارة إلى تعديلات على قانون العقوبات، غلّظت عقوبة الاعتداء على ذوي الإعاقة.

رابعًا: أورد التَّحقيق أساليب جرمية يمكن تقمصها وإعادة تطبيقها من قبل البعض، ما يسهم في نشرها وإمكانية تقليدها، إضافة لمعلومات وأساليب يستخدمها الجناة لطمس آثار الجريمة، وهو ما يمكن أن ينشر وسائل  للإفلات من العقاب.

 خامسًا: وجه التحقيق إشارات تحريضية ضمنية اتّجاه مدارس ومراكز ذوي الإعاقة باعتبارها أماكن آمنة للاعتداء على ذوي الإعاقة، بالإشارة لوجود انتهاكات بحقهم تشتمل على اعتداءات جنسية وقعت على عدد منهم في مدارس "حكومية وخاصة"، ومراكز الرعاية دون أن يلتفت لمصلحة هذه الفئة بمواصلة التعليم والتأهيل واكتساب المهارات والإدماج في المجتمع، وهو ما يتنافى مع حقهم  في تلقي الدعم بحسب توصيات المجلس الأعلى للسكان.

سادسًا: أورد التحقيق في ختامه فقرة ملتبسة تتعلق بحق فئة الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد بممارسة الجنس، وتتبع (أكيد) التحقق في مضمون هذه الفقرة، فوجد أنَّ التحقيق اجتزأ بعض المعلومات من مقال توعوي  للدكتور أمجد جميعان مستشار أول الطب النفسي والطب النفسي عند الاطفال والمراهقين فيما يتعلق بالرغبات الجنسية لذوي الإعاقة نشرها في وقت سابق على صفحته الشخصية في فيسنبوك، وتم اختيار أجزاء من المعلومات التي كتبها جميعان حول طريقة تعامل ذوي أطفال التوحد مع ممارسة "العادة السريّة" خلال مرحلة المراهقة تحديدًا وتنبيه ذويهم لطريقة التعامل معهم في هذه الحالة، وهو ما يخالف أخلاقيات مهنة الصحافة لما يتسبب به من نشر معلومات مغلوطة وتلاعب بالحقائق العلمية والطبية.

ويشير (أكيد) إلى محاولة الصحيفة اتباع ممارسة فضلى اتجاه جمهورها بتعديل عنوان التحقيق في طبعتها الإلكترونية. ويؤخذ عليها عدم إصدار توضيح واعتذار حول الأخطاء الواردة في التحقيق.

 ويدعو مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) المؤسسات الإعلامية لتعزيز مهارات صحفييها العاملين في القطاعات المختلفة وخصوصًا في مجال حقوق الإنسان بالتدريب على أسس وأخلاقيات التغطيات الحقوقية المتوائمة وميثاق الشرف الصحفي وأخلاقيات المهنة لتوخي أقصى درجات الدقة والموضوعية، والابتعاد عن التهويل والمبالغة، وتقدير المصلحة من النشر، وعدم المشاركة في نشر الأخبار المغلوطة، ونشر الحقائق التي تهم الجمهور.