أكيد- أنور الزيادات
تداولت العديد من المواقع الإخبارية المحلية قصة فتاة تبلغ من العمر 15 عشر عاما، اختفت 11 عشر يوما، قامت بعد ذلك بتسليم نفسها إلى إدارة حماية الأسرة التابعة للأمن العام، ونشرت مواقع عديدة صورة الفتاة وأسمها من مقطعين، مرتكبة مخالفات مهنية وأخلاقية.
وتناول موقع إخباري القصة تحت عنوان "10 ايام على اختفاء مريم في ظروف غامضة بجبل الحسين" وتضمن تصريحات لعمها قال فيها "ان العائلة تقدمت ببلاغ إلى الأجهزة الأمنية حول تفاصيل اختفائها بتاريخ 6-3-2018 مناشدا من يملك معلومات عنها، ابلاغ أقرب مركز أمني، أو الاتصال على رقم هاتفه متضمنا الخبر اشارة على لسان مصدر أمني أنه جرى التعميم على الفتاة، وأن البحث جار عنها".
كما نشر موقع أخر الخبر تحت عنوان مریم.. خرجت ولم تعد مرفقا أيضا صورة الفتاة واسمها من مقطعين، فيما خبر أخر تحت عنوان اختفاء الفتاة "مريم" وذووها يناشدون البحث عنها: جاء فيه "ناشد ذوو الفتاة مريم"، المواطنين والأجهزة الأمنية، مساعدتهم في البحث عنها".
وبعد أن قامت الفتاة المختفية بتسليم نفسها مساء الجمعة للأجهزة الامنية نشرت مواقع إخبارية القصة مرفقة بصورة الفتاة تحت عناوين مختلفة :منها مريم "الفتاة المفقود" تُسلم نفسها لحماية الأسرة،العثور على الفتاة "مريم" بعد 11 يوما من اختفائها، فك لغز اختفاء مريم بجبل الحسين، لكن يسجل لبعض المواقع أنها تناولت هذه القضية دون ارفاق الخبر بصورة الفتاة فيما كان العنوان "العثور على مريم بعد فقدانها 11 يوما".
ويتضح أن الصالح العام والإهتمام بمصلحة الأفراد والالتزام بالمهنية ليست دائما ما يحرك عمل بعض المواقع الإخبارية، فبعد العثور على الفتاة قام أحد المواقع بنشر خبر فقدان فتاة "الفتاة مريم .. خرجت منذ 11 يوماَ ولم تعد.،وهنا لم يتم التأكد من صحة المعلومة وما استجد على القضية, كما أن نشر صورة الفتاة بلا قيمة اخبارية.
وقال الصحفي المختص بقضايا حقوق الأنسان خالد القضاة لمرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) "لا يجوز نشر صورة الضحية، وفي مثل هذه الحالة فقدان فتاة يمكن نشر الأوصاف والعلامات الفارقة التي تمكن من التعرف عليها ، لكن نشر صورتها يتسبب بوصمة تلاحقها في مستقبلها".
وأوضح أن "أمر الإختفاء خاصة في مجتمعاتنا يتسبب برسم صورة غير جيدة في أذهان الأشخاص حول عملية الإختفاء، مشيرا الى أن "نشر الصورة في مثل هذه الحالات يكون هدفه لدى بعض المواقع الحصول على دخول أكبر، وليس المصلحة العامة وسلامة الفتاة ومصلحتها الشخصية، متساءلا عن القيمة الإخبارية لنشر الصورة".
وأشار الى أن "نشر الصورة لا يخدم الصالح العام، ولا يحدث أثر ايجابي، بل يحمل في طياته اساءة للفتاة ويمكن ملاحقة كل من نشر الصورة قانونيا"، ويضيف "لا يجوز نشر صور الأطفال المعاقين، والنساء المعفنات حتى بوجود موافقة ولي الأمر"، مشددا على ضرورة تجنب نشر صور الاشخاص في حالة الإنكسار والإنهيار.
بدورها قالت المحامية هالة عاهد لمرصد (أكيد) أن "نشر صور الأطفال له ضوابط عديدة وفي حالة الاختفاء يجب الحصول أيضا على موافقة أمنية للنشر، فقد يتسبب النشر بمخاطر على حياة الشخص المفقود".
وتضيف في حال نشر صور الأطفال "لا تكفي موافقة ولي الامر، وموافقة ذوي الطفل كالعم مثلا غير قانونية فالعم ليس ولي الأمر، ونشر صورة طفل مختفي يشكل انتهاكا لحقه وخصوصيته".
وتضيف "هناك انتهاك أخر، خاصة أن الطفلة المختفية "عمرها اقل من 18 عاما " في سن المراهقة وفي مجتمعنا نشر صورة هذه الفتاه يضر بسمعتها، فهي ستتعرض للأقاويل.
وأشارت الى أن الموافقة الامنية ضرورية سواء كان الفرد بالغ أو قاصر مشيرة الى أن الجهات الأمنية تبدأ تحرياتها في العادة بعد 48 ساعة من الإختفاء، موضحة أن نشر الاعلان "بعد الموافقة الأمنية" أحيانا يكن مفيدا خاصة للأشخاص الذين لديهم اضطرابات عقلية.
ووصفت نشر الصور بعد العثور على الفتاة وتسليم نفسها بانه أقرب للتشهير فإعادة نشر الصورة انتهاك للخصوصية، والنشر بلا قيمة إعلامية، ولكن نشر خبر بدون صور واسم صريح أمر يلبي فضول الجمهور حول قصة أشغلتهم ولاقت اهتمامهم.
وتنص المادة 26 من قانون حق المؤلف على انه "لا يحق لمن قام بعمل اي صورة ان يعرض اصل الصورة أو ينشره او يوزعه او يعرضه دون اذن ممن تمثله"، مشترطا في جميع الاحوال عدم عرض اي صورة او نشرها او توزيعها او تداولها اذا ترتب على ذلك مساس بشرف من تمثله او تعريض بكرامته او سمعته او وقاره أو مركزه الاجتماعي.
كما تنص المادة (11) من ميثاق الشرف الصحفي الاردني "يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والافراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين ، وذلك طبقا للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها في المملكة".
وأعد مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" مجموعة إرشادات يمكن اتباعها للتعامل مع نشر صور وأسماء المجرمين والضحايا، إستندت الى مجموعة من المعايير الأخلاقية الصحفية العالمية في هذا المجال، في ظل عدم وجود تشريعات صريحة تعالج مسألة نشر صور المجرمين والضحايا، والاعتماد بشكل رئيسي على المواثيق النابعة من مبدأ التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة.
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2025 جميع الحقوق محفوظة Akeed