قضية "الدخان".. تساؤلات شعبية وضبابية حكومية وشائعات

  • 2018-07-22
  • 12

أكيد- أثار البيان الحكومي الذي صدر على لسان وزيرة الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات فيما عرف بقضية "الدخان"، مزيدا من التساؤلات النيابية والإعلامية والشعبية حول تفاصيل القضية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في كلمته ردا على مناقشات مجلس النواب لبيانه الوزاري يوم الخميس  19 تموز 2018.

وكشف البيان الحكومي عن معلومات في القضية ووجود شبهات فساد بحق رجل الأعمال عوني مطيع المشتبه بتورّطه في قضيّة إنتاج وتهريب مادّة الدخان بطرق غير قانونيّة الى جانب سبعة أشخاص أخرين تم منعهم من السفر، بعد أن غادر مطيع المملكة قبل يوم من عملية المداهمة والضبط لمواقع انتاج السجائر.

ورغم نشر وسائل اعلام للتصريح الحكومي على لسان غنيمات تحت عنوان "التفاصيل الكاملة لقضية مصنع الدخان"، الا أن أصواتا في وسائل إعلام ومنصات تواصل اجتماعي اعتبرت بان هذه المعلومات غير كافية ويجب على الحكومة الإجابة عن الأسئلة المثارة حيال هذه القضية.

تساؤلات الجمهور

ومن الأسئلة التي طرحها الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، هل القضية قضية فساد أم هي تهرب ضريبي وجمركي؟ وهل كانت المصانع مرخصة؟ وكيف تعود مصانع للعمل بعد ضبطها ومصادرة الأليات فيها؟ ومنذ متى تعمل هذه المصانع؟ وهل يحق للمصانع المضبوطة تزوير أنواع ماركات عالمية من السجائر؟ وهل هي مطابقة للمواصفات والمقاييس؟ وهل تم فحصها بعد ضبط المصانع؟ وهل تم سحب الكميات المتبقية من الأسواق؟.

كما ثار تساؤل حول صحة اتخاذ حكومة الدكتور هاني الملقي السابقة قرار بتخفيض قيمة الضرائب والرسوم المستحقة على المصانع والمقدرة بنحو"150" مليون دينار بحسب كتاب رسمي موقع من وزير المالية السابق عمر ملحس وموجه الى الملقي تداولته مواقع ومنصات الكترونية، الى 5 ملايين دينار؟.

ضعف المعلومات المتدفقة من الحكومة والمقتصرة على البيان الرسمي، أدى الى خلق حالة من الضبابية في وسائل الإعلام تخللها اتهامات لأشخاص وشخصيات عامة في منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة الذي استغرب في بيان أصدره السبت 21 تموز 2018 " ما وصفها المحاولات البائسة للزج باسمه في القضية وتداول صور مع أحد الأشخاص المتهمين بالقضية".

ونشرت وسائل تواصل صورة للمشتبه به الرئيس في القضية مع الطراونة الذي أكد "أنه كان حينها في احتفال للتبرع لأحد الأندية وليس مسؤولا أو معنيا بمن حضر فهو يلبي معظم الدعوات الموجهة إليه"، مطالبا الحكومة "بمكاشفة للرأي العام".

كما أدلى المشتبه به في القضية بتصريحات صحافية عبر الهاتف من موقع تواجده في لبنان، تداولتها مواقع إخبارية، قدم فيها وجهة نظر تجاه ما يتهم به، وحاول أن يبرر وينفي ما أسند له، مؤكد أن "مغادرته للمملكة لم تكن هروبا وأنه سيعود قريبا"، وساهمت هذه التصريحات في تعميق الجدل الدائر إعلاميا حول القضية.  

رواية إسرائيلية

وتداولت وسائل إعلام ومنصات تواصل اجتماعي رواية إسرائيلية حول قضية "الدخان"، وردت على لسان الباحث الإسرائيلي إيدي كوهين، قال فيها ان "قضية إنتاج وتهريب الدخان، والتي أثيرت أخيرا في الأردن، ليست كذلك".

وقال كوهين في تغريدة على تويتر "'تفكيك شبكة تصنيع وتوزيع مخدرات كبرى في الاْردن كانت تعمل على مستوى المنطقة كاملة وتهرب المخدرات الى الدول المجاورة، الشبكة تم كشفها بتعاون استخباري أمريكي سعودي إسرائيلي، وأسماء أردنية كبيرة جدا متورطة، والقصة لا دخان ولا غيره".

ولم تنف أية جهة رسمية صريحة تصريحات كوهين رغم انتشارها بشكل واسع وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق "واتس اب"، الا أن نفيا لها جاء على لسان "مصدر مسؤول" لم يلق رواجا في وسائل إعلام وأدوات "السوشال ميديا"، مقارنة بخبر كوهين الذي وجد طريقه سريعا الى الصفحات الاجتماعية رغم انحسار تداوله اعلاميا، ذلك أن المصدر الصريح يضفي مصداقية وقوة على الخبر.

أيمن الحنيطي: أيدي كوهين يوظف مراكزه لنشر الفتن والفوضى في العالم العربي

وقال الإعلامي والمختص في الشأن الاسرائيلي ايمن الحنيطي في مشاركة على حسابه في "فيسبوك"، "المشكلة أن ايدي كوهين يعتقد نفسه قادر على التأثير على الشارع العربي بحسابه على تويتر، وهو يعرف تماما أنه ليس موضع ثقة من الإسرائيليين أنفسهم، أتابع الصحافة والإعلام الإسرائيليين يوميا وبشراسة، لم يصادفني يوماً أن صحفي أو صحيفة إسرائيلية مهنية نقلت عنه شيئاً".

وأضاف الحنيطي "ظاهرة ايدي كوهين تستوجب الدراسة بالدول العربية كلها التي لم يترك منها دولة الا وطالها بشروره، يوظف مراكزه "كيدم" و"حكمة" لتعليم اللغة العربية، لكن ليس بغرض التواصل ومد أواصر التعاون، بل بغرض الفتن ونشر الفوضى في العالم العربي أجمع".  

ويدلل انتشار مثل هذه الأخبار في وسائل اعلام، على عدم محاولة صحفيين تقصي الحقائق قبل نشرها وعلى الأخص القادمة من الجانب الاسرائيلي، في الوقت الذي يأتي قرار النشر دون التثبت من المعلومات، بسبب عدم القدرة على الوصول الى المعلومات من المصادر الرسمية حيال هذه القضية، ما يعني أن عدم الشفافية الرسمية يشكل بيئة خصبة لتداول الأخبار المزيفة وغير الدقيقة وانتشار الشائعات.

سميح المعايطة: كان من المتوقع متابعة التوضيحات والتصريحات الحكومية حول الموضوع

وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام السابق سميح المعايطة لمرصد (أكيد) ان "حجم المعلومات من المصادر غير الحكومية كان أكثر من المصادر الحكومية والتي اكتفت في بيان ايجابي أول حول الموضوع، ولكن كان من المتوقع ان تتابع التوضيحات والتصريحات الحكومية حول الموضوع".

وأوضح "ليس من الضروري الإفصاح عن الكثير من التفاصيل، لكن كان من المهم وضع الناس في تطورات القضية دون ترك المجال للتساؤلات وانتشار الشائعات أحيانا".

وحول أداء وسائل الإعلام قال المعايطة "من الطبيعي ان تهتم وسائل الإعلام المحلية بكل ما يتعلق بمثل هذه القضية ومتابعة ما يكتب عن الأردن في الإعلام الخارجي"، مشيرا الى أن "الخبر الذي كان مصدره اسرائيل ويتحدث عن أن القضية هي قضية مخدرات وليس مصنع دخان لم يأخذ صدى كبيرا في الإعلام المحلي".

وقال إن "الإعلام الإسرائيلي يحاول خلق التوتر في الساحة الأردنية، وعلى الحكومة التحقق  ونشر المعلومات الدقيقة حول الموضوع".

نبيل غيشان: المواطنون يريدون المعرفة بشكل أكبر وحقائق أكثر حول القضية

وقال النائب نبيل غشيان في تصريحات لمرصد مصداقية الإعلام الاردني (أكيد) ان "البيان الحكومي الأول أراح الناس في المرحلة الأولى، لكن المواطنين يريدون المعرفة بشكل أكبر وحقائق أكثر حول ما تم في القضية".

وقال إن "أي معلومات تأتي من الطرف الإسرائيلي يكون عليها علامة استفهام، ويجب علينا أن لا نأخذها كما هي، وعلى الحكومة أن توضح وبشكل صريح وبأسرع وقت ممكن الحقيقة والرد على مثل هذه المعلومات, اذا كانت صحيحة أو غير صحيحة".

وأضاف غيشان إن "الخبر كالرصاصة عندما تنطلق لا تعود، وعلى الجهات المعنية توضيح الحقائق بشكل سريع، فالمعلومات مثل كرة الثلج تتدحرج وتكبر بشكل سريع في حال غياب المعلومة الدقيقة، خاصة أن الثقة الشعبية بالحكومات والمصادر الرسمية لا ترتقي الى المستوى المطوب فهي ثقة ضعيفة".

نور الدين الخمايسة: مواقع تتبعت شائعات غير الموثقة وساهمت بإثارة الرأي العام

وقال المدرب الإعلامي والصحفي نور الدين الخمايسة لـ(أكيد) إن "أداء الحكومة الإعلامي كان جيدا رغم أن عليها توضيح بعض الأمور المتعلقة بالقضية التي ما زالت تثير الرأي العام".

وقال ان "التزام وسائل الإعلام تفاوت في إطار الممارسة المهنية، ففي الوقت الذي التزمت الصحف وبعض الفضائيات بالممارسة المهنية، كانت السمة البارزة في مواقع إخبارية التسرع غير المحمود، في ملاحقة ونقل الشائعات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي".

وأضاف ان "بعض المواقع حاولت نفي العدم، من خلال تتبع الشائعات غير الموثقة وساهمت بإثارة الراي العام بشكل أكبر".

ورغم المحاولات التي بذلها مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، للحصول على تعليق حكومي حول حجم تدفق المعلومات فيما يخص قضية "الدخان"، الا أنه لم يحصل على إجابة.