ياسر المصري: احتفاء إعلامي بالفنان ما بعد الوفاة

  • 2018-08-24
  • 12

 أكيد- رشا سلامة

 في وقت لم تتجاوز فيه المواد الصحافية التي تناولت أعمال الفنان الراحل ياسر المصري ثلاثين مادة في العام 2017، والتي كان معظمها خبرياً قصيراً يتحدث عن تجسيده شخصية الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، فإن عدد المواد التي تناولت الحادثة التي قضى بها، يوم 23 أغسطس 2018، وجنازته في مدينة الزرقاء، وصلت لما يزيد على مائة وثلاثين مادة حتى اللحظة.

ولم تزد المواد الصحافية التي تحدثت عن المصري، منذ مطلع العام الحالي 2018 حتى ما قبل الوفاة، عن ثلاث عشرة مادة، معظمها خبري يتناول تجسيده شخصية يحيى البرمكي ضمن عمل يتحدث عن هارون الرشيد، فيما لم تتجاوز المواد الصحافية المتعلقة به، في العام 2016، ست مواد.

وهيمنت صور وفيديوهات الحادث الذي تعرّض له الفنان ياسر المصري وجنازته على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على السواء، في وقتٍ لم تُقدّم فيه نبذة أوسع من تلك المقتضَبة على صفحة ويكبيديا، وحتى هذه النبذة كانت مستثناة في كثير من الأخبار.

مواد صحافية كثيرة ركّزت على ما يشبه "التقليعة" الثابتة عند رحيل شخصية شهيرة، وهي العودة لتغريداتها الأخيرة وإسقاطها على الحادثة، رغم أن التغريدة التي جرى تداولها عن "النهايات الحزينة" تعود للعام 2016. تعليق آخر حظيَ برواج لافت كان المصري قد كتبه قبل وفاته بساعات على صفحة الـ "فيسبوك" الخاصة بالمخرج فايز دعيبس يقول فيه "اللهم إنك عفوّ تحبُ العفو فاعفُ عنا".

مواد أخرى اتخذت طابعاً دينياً في تناول حادثة الوفاة، منها ما حمل عنوان "بماذا بشّر إمام المسجد الفنان الراحل ياسر المصري خلال صلاة الجنازة"، لتتناول أخرى الحادثة من مدخل زوجته الزميلة نسرين الكرد، فيما اختار بعض أخر تناول وفاته من منظور دعمه للسعودية في أزمتها الدبلوماسية الأخيرة مع كندا.

قلة من المواد الصحافية ركزت على الرؤى الفنية الموجودة لدى المصري، والتي عبّر عن كثير منها ضمن لقاء صباحي في التلفزيون الأردني صبيحة الحادثة، فيما حاولت مواد صحافية تسليط الضوء على أعمال المصري المزمعة، لكنها لم تقدم معلومات وافية للقارئ كمثل التي وَعَدَ بها العنوان، لتختار عناوين أخرى طابع الإثارة حول تفاصيل الحادث الذي تعرّض له المصري.

وركّز قسم كبير من الأخبار على النعي الذي تقدّمت به نقابة الفنانين الأردنيين وإقامتها واجب العزاء في مقر النقابة، فيما ركّز بعض آخر على التعازي التي قدّمتها نقابة الصحافيين للزميلة الكرد، ليركّز قسم ثالث على النعي الذي قدّمته وزارة الثقافة الأردنية.

يستدعي الاحتفاء اللحظي بالفنان الأردني عند وفاته مواقف أخرى مشابهة، كمثل ما حدث مع المخرج المسرحي الراحل نادر عمران، الذي توالت الأخبار والرثائيات عن وفاته، فيما لم يتجاوز عدد المواد الصحافية التي أورَدَت اسمه منذ مطلع 2016 حتى الوفاة في نوفمبر 2017 ثلاث مواد ذكِرَ فيها فقط كمخرج لعمل ما، من دون الوقوف عند تجربته أو حتى التطرّق لمرضه.

نقيب الفنانين السابق، ومن أوائل من أوردوا خبر وفاة المصري، الفنان ساري الأسعد، يقول ل"أكيد"، "على المبدعين أن يرحلوا لمدة ما ويعودوا؛ حتى يروا ما يُكتَب عنهم في وسائل الإعلام".

يكمل أن المبدع يعاني في حياته من "التهميش وقلة الاحتفاء"، فيما يظهر "الحب الجارف" عقب الوفاة. يدلّل على ذلك بتجربة المصري "الذي قدّم أعمالاً على قدر كبير من الأهمية، لكن لم يُكتَب في تقييم تجربته الفنية عشرة أسطر".

ويضيف الأسعد أن هناك "خللاً ما"؛ إذ لا تُقام حتى حفلات التكريم للفنانين وهم على قيد الحياة، بل يحدث هذا عند وفاتهم ما لا يجعلهم يختبرون النشوة التي يُفترَض أن يشعروا بها نظير ما قدّموه.

وذاع صيت المصري، المولود في العام 1970، عند تجسيده شخصية الشاعر نمر بن عدوان، وشخصية عناد في مسلسل "عيون عليا"، عدا عن أدائه مؤخراً شخصية عبد الناصر في مسلسل "الجماعة 2"، ومشاركته في فيلم "كف القمر".

 كما امتدّت موهبة المصري لحقول عدة لا تتوقف عند التمثيل فحسب؛ إذ كان دارساً للموسيقى ومدرّباً للرقصات الشعبية ومقدّماً إعلامياً، بالإضافة لإلمامه الواسع بالشعر النبطي.