خطاب كراهية في 12% من مواد إعلامية تناولت قضية "مؤمنون بلا حدود"

  • 2018-11-12
  • 12

أكيد – رشا سلامة                              

  طفى على السطح خطاب كراهية تداولته وسائل إعلام ومواقع إخبارية ومنصات تواصل اجتماعي، محلية وعربية، حول منع انعقاد مؤتمر مؤسسة "مؤمنون بلا حدود"، الذي كان مقرّراً في عمّان مطلع الشهر الحالي، وما أعقبه من خطف واعتداء جسدي على أمين عام المؤسسة يونس قنديل.

وتوزّع خطاب الكراهية الذي تمثّل في الإساءة اللفظية المباشرة والوصم والشتم والتحريض والتمييز والدعوة للاستقطاب وتكريس الصور النمطية، على طرفيّ النزاع في هذه القضية: المؤسسة وأمينها العام يونس قنديل من جهة، ومن جهة أخرى جماعة الإخوان المسلمين؛ ذلك أن إلغاء المؤتمر جاء بعد مطالبة من النائب ديما طهبوب، عضو كتلة الإصلاح التي يعدّ قوامها حزب جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن.

وأظهر الرصد الذي أجراه "أكيد"، منذ 1 حتى 13 تشرين الثاني 2018، والذي طالَ وسائل إعلامية ومواقع إلكترونية، محلية وعربية، 45 مادة حملت خطاب كراهية (بنسبة 12%)، من أصل 384 مادة هي المجموع الكلي للمنشور، وبواقع 25 مادة (بنسبة 56%) كانت ضد مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" وأمينها العام يونس قنديل، في مقابل 20 مادة (بنسبة 44%) احتوت على خطاب كراهية ضد جماعة الإخوان المسلمين.

نُشِرَت المواد الآنفة بواقع 37 مادة عبر المواقع الإلكترونية (بنسبة 82 %)، في مقابل 8 مواد في وسائل الإعلام (بنسبة 18 %)، فيما احتوت منصات التواصل الاجتماعي على ما لا يمكن حصره، محلياً وعربياً، من خطاب كراهية ضد الطرفين، ظَهَرَ في المنشورات والتعليقات الواردة عليها. لذا، اقتصر رصد "أكيد" على المواد المنشورة إعلامياً فحسب.

القضية من بدايتها

يُعزّز فهم ما سبق تتبّع القضية منذ بدايتها؛ إذ تناقل الإعلام، مطلع الشهر الحالي، منع وزارة الداخلية إقامة مؤتمر تابع لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود"، في ما وُصِفَ بالاستجابة لضغوطات نوّاب يُحسبون على التيارات الإسلامية في الأردن، وهو ما استحسنته مقالات في صحف أردنية آنذاك.

ما سبق، جعل أصابع الاتهام جاهزة من قِبل كثير من الإعلاميين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما من تناقلوا خبر منع المؤتمر آنذاك، منتقدين الإجراء. وتناقلت مواقع إلكترونية، في هذا الصدد، عزم "مؤمنون بلا حدود" مقاضاة عدد من النوّاب الذين يُرى أنهم كانوا يُحرّضون ضد قنديل.

في هذا السياق الاستباقي لنتائج التحقيقات الأمنية، ظهرت عناوين مثل "جماعة الإخوان الإرهابية تترك بصماتها على واقعة خطف يونس قنديل!" و"القصة الكاملة.. تفاصيل تحريض الإخوان ضد المفكر الأردني يونس قنديل". في المقابل، أحدثت بعض المواقع الإلكترونية ما يشبه الدفاع الاستباقي، فبادرت بنقل تعليق القيادي في جماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد على الحادثة، ليتصدّر اسمه العناوين، مثل "بني ارشيد يتحدث عن اختطاف أمين عام مؤسسة مؤمنون بلا حدود يونس قنديل" و"بني ارشيد يدين العمل الجبان بحق يونس قنديل".

أخبار كثيرة اختار كُتّابها إسباغ النعوت على الأحداث التي يُفترض بناقلها الحيادية، فظَهرت مصطلحات من قبيل "اعتداء وحشي" و"الحادث المؤلم"، لتذهب أخرى لسرد تفاصيل لم يجرِ التأكد منها بعد.

وقدّمت مشاركات إعلامية، حول الحادثة، إحالات لنصوص أدبية كلاسيكية مثل "قصة موت مُعلن" لغابرييل غارسيا ماركيز، فيما تناقلت حسابات عدة على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو للنائبين خالد رمضان، الذي انبرى للدفاع عن قنديل، في مقابل صالح العرموطي الذي تناقلت المواقع قوله "لازم يموت"، عن قنديل، وهو ما نفاه عبر تصريحات إعلامية لاحقة.

وتحدّث مثقفون عن تعرّضهم لتهديدات عقب حادثة قنديل، كما استحضر آخرون، عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، حالات تضييق سابقة.

واقتصرت مشاركات الحكومة إعلامياً، حول الحادثة، بتصريحات لوزير الثقافة والشباب د. محمد أبو رمان، يقول فيها إنه عاد قنديل بتوجيه من رئيس الوزراء د. عمر الرزاز وأن القضية متابعة من قِبل الأجهزة المختصة.

مخالفات مهنية  

لم تكد أنباء تتوالى مساء يوم الجمعة 9 نوفمبر، مفادها اختفاء قنديل، حتى تناقلت وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، المحلية والعربية، الخبر بكثير من المخالفات المهنية، والتي أكثر ما ظهرت في اليوم الذي يليه حين عُثِرَ على الرجل مخطوفاً وعلى جسده آثار "تعذيب".

أكثر ما برزَت المخالفات المهنية في استباق الحُكم قبل أن تتحدث الأجهزة الأمنية أو يتأكّد فعل الاختطاف، وهو ما يعدّ مخالفة مهنية في التغطية الإعلامية لأخبار من هذا القبيل، ومن ثم صير للتعامل مع الفاعلين على محمل الجزم على الرغم من كون القضاء لم يبتّ في الأمر بعد.

 كما استُخدِمَت عناوين حمَلت طابع الإثارة أكثر من التزامها بمسطرة المهنية ومعاييرها، عدا عن نشر صور قنديل وهو في ظرف صحي حرِج وتناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً في الفترة الأولى من إنقاذه حين كان يعاني ما يشبه الغيبوبة المتقطعة.

ولم يُوجّه قنديل الاتهامات لطرف محدّد؛ إذ اكتفى بوصف من اختطفوه وألحقوا الأذى بجسده أنهم  "يد الغدر والبطش"، كما لم ينفكّ يدعو لـ "التعقل والابتعاد عن التحريض"، في مقابل مواد صحافية ذهبت للتشكيك بمصداقية الاختطاف والإيذاء الجسدي، وهو ما رفدته تعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً يرى أصحابها أن ما حدث فعل مفبرك؛ لاجتذاب الأضواء. 

قنوات تلفزيونية عدة نقلت تصريحات قنديل متلفزة وهو يرقد في المستشفى، وهو ما تم تناقله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبرغم تنبيه "أكيد" مراراً على ضرورة التروّي في نقل روايات الضحايا وذويهم، فإن في حالة قنديل ما قد يُبرّر التصريحات المأخوذة منه؛ لتمتعه بتركيز جيد وإدلائه بتصريحات موزونة بل ودقيقة لغوياً، عدا عن كون الإعلام تبنّى القضية بشكل ملحوظ، ليربطها في مرات باغتيال الصحافي ناهض حتّر الذي قضى في العام 2016.