مخالفات مهنيّة جديدة في تغطية قضايا الانتحار

  • 2019-02-25
  • 12

أكيد – رشا سلامة –

   وَرَدَت مخالفات مهنيّة وأخلاقيّة جديدة في تغطية شبهة انتحار ومحاولة انتحار، منها الإفصاح عن جنسيّة محاوِل الانتحار، وتفصيل الطريقة والكيفيّة التي حاول الانتحار بها، وذِكر منطقة السيدة التي قضت والحيّز الجغرافيّ الذي تنتمي إليه، وإيراد مصطلح "شبهة انتحار" – في واحد من الأخبار – واستباق رأي الطب الشرعيّ والتحقيقات الأمنيّة في تحديد سبب الوفاة.

وإن كان الخبر الذي تحدّث عن شبهة انتحار قد أوردَ صورة تعبيريّة، فإنّ الخبر الذي تناوَل محاولة انتحار رجل من جنسيّة عربيّة قد أرفقَ صورة "مجهولة المصدر" ولم يتّضح ما إذا كانت تتبع للحادثة أم أنها أرشيفيّة، كما تمّ التصريح بجنسيّة الرجل، ما يُعدّ نوعاً من التمييز في التناول الإعلاميّ.

وتمّ تجهيل المصدر في خبر محاولة الانتحار من خلال القول إنّ "مصدراً طبيّاً" تحدّث عن كون حالته حرجة، فيما اختارت المادة الثانية استباق نتائج الطب الشرعي والتحقيقات الأمنيّة، وقول إنّ ثمة "شبهات انتحار" في الوفاة، مع تجهيل، كذلك، للمصدر الأمنيّ الذي أدلى بالتصريح.

وكان مدير المركز الوطني للطب الشرعي د. أحمد بني هاني قد صرّح لـ "أكيد"، ضمن مادة سابقة تناولت المعايير المهنيّة التي لا بدّ من اتباعها في تغطية حوادث الانتحار، أنه "لا يستطيع التصريح بالتفاصيل كلّها حتى وإن حاول صحافي ما التواصل؛ ذلك أنّ ثمة تفاصيل لا نتحدث عنها بسبب الخصوصيّة والحقوق الجزائيّة، عدا عن كون بعض هذه الحالات لم يُبتّ فيه قانونيّاً، وقد يؤثر النشر على سير التحقيق".

وأكملَ بني هاني، آنذاك، أنه غير مخوّل بالتصريح للإعلام في حال حدوث انتحار، لكنه يوضح الآليّة التي تصل من خلالها بعض الأخبار "ثمة صحافيين ذوي خبرة في هذا المجال ولهم الكثير من العلاقات مع الأمن وفي مرّات مع الطب الشرعي. يبحث هؤلاء عن السبق الصحافي ويظفرون بخبر انتحار طفل أو راشد، لكنهم لا يتابعون الأمر لاحقاً ولا يقدمون خدمة توعويّة للجمهور من خلال إظهار الأسباب والبحث عنها".

وأردفَ، في حينها، أنّ دور المركز الوطني للطبّ الشرعيّ "ينحصر في معاينة الجثة والإصابات التي تظهر عليها وتحديد ما إذا كانت هناك علامات عنف أو أي علامات جسديّة مصاحبة لفرضيّة الانتحار، مثل: وضعيّة الأصابع بعد الانتحار بإطلاق الرصاص مثلاً، ومن ثم يُعهَد للجهات الأمنية بالبتّ في الأمر وفقاً للتقرير"، مضيفاً أنّ المحقق الجيد هو من يحسم حالة الانتحار من عدمها من خلال التحقيق مع المتواجدين في الموقع ومع من يحيطون بالضحية، ويعزّز هذا بتقرير الطبيب الشرعي، الذي يتناول الجوانب السابقة.

وكان "أكيد" قد اقترح مجموعة من الممارسات المهنيّة في تغطية حوادث الانتحار، منها عدم الإشارة للضحيّة بطريقة قد تساعد المتلقّي على تحديد هويّتها مثل الإشارة إلى منطقة السكن، وعدم استباق النتائج قبل البتّ بها من قبل الطبّ الشرعي والتحقيقات الأمنية، وعدم الإسهاب في تفاصيل الانتحار وكيفيّة الإقدام عليه؛ لئلا يُحفّز ذلك آخرين على القيام بالأمر ذاته، عدا عن ضرورة متابعة الظاهرة من خلال تحقيقات موسّعة وليس الاكتفاء بالمسارعة في نشر مثل تلك الأخبار طمعاً في تسجيل السبق الصحافيّ للوسيلة الإعلاميّة.