ترجمة بتصرّف: رشا سلامة -
سواءً كنتَ ممّن لعبوا، خلال الطفولة، بدمية الـ "باربي" أو المجسّمات الخاصة بأبطال الحركة، وسواءً كنت ممّن شاهدوا "الجميلة والوحش" أو "باور رينجرز"، فإنك، في الأحوال كلها، كنتَ أسيراً لصور نمطيّة شكّلها الإعلام لديك حول الهيئة الخارجيّة والصفات الشخصيّة المنتظرَة منك كفتاة أو صبيّ.
ولعلّ من نافلة القول إنّ هذه الصور النمطيّة تُستخدَم من قِبل القائمين على الإعلام والإعلان؛ لاجتذاب المتلقّين وتحقيق مردود أكبر على صعيد الربح والشهرة، وإن كان الثمن إرسال رسائل مغلوطة في مرّات حول الهيئة الخارجيّة المنتظَرة وما يرتبط بها من معايير جمال، إلى جانب الصفات الشخصيّة المتوقعة من الطفل، سواءً كان ذكراً أو أنثى، والدور المناط بكل جنس وما يرتبط به من قصر وظائف بعينها على جنس بعينه، وهو ما يظهر أثره لاحقاً على شخصيّة كلّ منا.
ولعلّ الخطورة في هذه الصور النمطيّة تتمثّل في إسهامها في تكوين وعي مغلوط، يصبح راسخاً في ما بعد، لدى المتلقّي، حول الهيئة الخارجيّة والصفات الشخصيّة والأدوار المنوطة بكل جنس، منذ عُمر مبكر جداً. على سبيل المثال، أسهمَ الإعلام في تنميط الصورة الخارجيّة المبتغاة من الإناث وفقاً لما ظَهَرَت عليه الأميرات في هذه العروض التلفزيونيّة، وتم تنميط الجمال وِفقاً لهذا النسق، ما دفعَ بكثير من النساء لمحاولة محاكاة ما يرينه عبر الشاشة، سواءً كان هذا على صعيد لون البشرة والشعر، أو هيئة القوام، أو نوعيّة الملابس. وقد أسهم هذا الانشغال بهذه الصورة النمطيّة ومحاولة محاكاتها في إلهاء النساء عن أدوار أكثر أهميّة؛ في محاولة منهنّ لتلبية ما يتطلّع إليه المجتمع منهنّ من حيث المظهر الخارجي بل وحتى الصفات المتوقّعة منهنّ من قبيل الاستكانة والخنوع والركون لأعمال المنزل فحسب، بل صرنَ ينظرن لصفات مثل الشجاعة والاستبسال في القتال كما لو كانت صفات ذكوريّة عليهنّ إنكارها أو التحايل عليها.
أسهمت هذه الصور النمطيّة في تعليب الهويّة الجنسيّة لدى الأجيال الناشئة، ولم يتوقف الأمر عند حدّ اختيار الألوان التي تصنف ذكوريّة أو أنثوية فحسب، بل تأثّرت الصفات الشخصيّة والأدوار لاحقاً، ما انعكسَ بدوره على صفات النساء على وجه التحديد؛ مخافة اتهامهنّ بالذكورة؛ إذ درَجَت أجيال على كون وظائف بعينها هي حكر على الرجال مثل إدارة الشركات، أو القتال في الميدان، أو تقلّد مناصب سياسيّة، فيما بقيت المرأة، حتى وقت طويل، حبيسة أدوار مثل الطبخ، والتجميل، والتنظيف، والتربية فقط.
ولعلّ من الضروري إفساح المجال أمام الأطفال لتكوين هويّتهم، وبناء مظهرهم، وتشكيل شخصيّاتهم، والأدوار التي يرغبون بأدائها، بعيداً عن هذه الصور النمطيّة، وبعيداً عن الخوف من عدم تقبّل المجتمع لهم؛ لمخالفتهم ما درَجَت عليه أجيال من صور أوجَدَها الإعلام والإعلان، ولا يكون ذلك إلا بتقليص الدور الذي لعبه الإعلام والإعلان في تصوير هيئة الجنسين وصفاتهما والأدوار المنوطة بهما، وإن كان هذا ينطوي على صعوبة كبيرة لا سيّما مع رَوَاج الـ "سوشال ميديا" في الأعوام الأخيرة.
من الصعوبة بمكان التحكّم التام بما يراه الأطفال عبر الإنترنت وعبر الـ "سوشال ميديا"، والأصعب سيكون في قدرتك على التحكّم بتفسير ما يرونه وكيف يتعاملون معه، لكن ما بوسعك فعله هو إفهامهم التعميم الذي ترتكبه وسائل الإعلام والرسوم الكرتونيّة والإعلانات. كما سيكون مهمّاً أن تُفهِم الفتاة أنه ليس من الضروري أن تُشبه سندريلا، لا من حيث الشكل ولا الصفات الشخصيّة. عندها، وعبر الجهد المستمر والحثيث، سيشعر الناشئة أنهم تحت ضغط أقلّ وسيُدركون أنّ لديهم هامشاً أوسع للتعبير عن ذواتهم بحريّة.
الحلّ الأساسي يكمن في توقّف الإعلام والإعلان عن تكريس الصور النمطيّة.
فلنترك للأطفال مزيداً من الحريّة والمساحة للتعبير عن ذواتهم وما يريدون، بعيداً عن صناديق الصور النمطيّة.
رابط المادّة الأصليّة: http://dailycampus.com/stories/2018/10/17/effect-of-gender-roles-in-the-media-on-young-women
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2024 جميع الحقوق محفوظة Akeed