عمّان 25 أيلول (أكيد)- تتباين وجهات النظر حيّال التغطية الإخبارية للقضايا المرتبطة بالصدمات، خصوصًا تلك التي تتعلق بالضَّحايا (Post-Traumatic Interviews) وذويهم، من حيث مدى موازنتها بين حقِّ الضَّحايا في إسماع صوتهم والتعبير عن دواخلهم واحتياجاتهم من خلال الإعلام من ناحية، وبين عدم المساس بخصوصيتهم وتعريض حياتهم للخطر من ناحية أخرى، على اعتبار أنَّهم لا يزالون تحت تأثير الصَّدمة، وأنَّ هناك إمكانية لازدياد نسبة وقوعهم في أخطاء قد تُعرِّضهم لمشاكل أو ضغوطات أو وصمات اجتماعية لاحقًا.
يرى مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، بأنَّ هذا الأمر يضع الصِّحافيين في وسائل الإعلام المختلفة أمام مسؤوليات جِسام تعكس حساسية الموقف، ومدى مواءمته لأخلاقيات النشر، وتتطلب منهم بالتالي حُسن التصرف في مثل هذه المقابلات لعدم الوقوع في الأخطاء وفقًا لتوصيات شبكة الصحافيين الدوليين.
وسيلة إعلام محلية نشرت مقابلة هاتفية أجرتها في برنامجها الصباحي مع والدة وجدّة الأشقاء الثلاثة الأطفال المتوفين لدى انهيارعمارة اللويبدة بهدف كسب التعاطف مع السيدة من قبل الجمهور ومساندتها في محنتها بحسب ما جاء في الحلقة باعتبارها أختًا للأردنيين جميعًا.
تابع (أكيد) تابع الحلقة الإذاعية، ووجد أنَّها خالفت عددًا من معايير العمل الصحفي وأخلاقياته من خلال:
أولًا: يلحظ المتابع أن الحلقة وضعت الأم المكلومة في أجواء أسهمت في استرجاع حالة الصدمة والحزن التي هي فيها، ولم يُتح لها أن تتحدث عمّا يمكن أن ترغب بإيصاله للجمهور. وبما أن الأسئلة التي وُجّهت للأم والجدّة ركزّت على الخصوصيات، فلم تقدم الحلقة ما هو جديد حول مشاكل البناء إن وُجدت، أو حول أعمال الصيانة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام. فقادت الحلقة اللقاء مع السيّدتين في اتجاه واحد.
ثانيًا: حاولت الحلقة استعطاف الجمهور من خلال التقديم لدخول الضيفة "الوالدة" على الهواء للمشاركة في الحلقة بتكرار ذكر تفاصيل حادثة الانهيار ووفاة الأطفال، والإشارة إلى أن "الأم" شقيقة لكل الأردنيين، وأن الجميع يساندها في مصابها، ما تسبّب بدخولها في موجة من البكاء والانفعال، فظهرت بحالة ضعف إنساني، وهو ما يجب على الصحافيين الابتعاد عنه في تغطياتهم.
ثالثًا: سؤال الأهالي عن شعورهم عقب وقوع الحوادث ليس له قيمة صحافية أو إخبارية، أو فائدة للصالح العام، لذا يتعين تجنّبه، وألا يقحم الصحافي نفسه في تفاصيل مؤذية وأمور شخصية ودقيقة في حياة الضحايا، قد تشكّل لهم إحراجًا مع الآخرين، ولو بعد حين، وهو ما لم تتقيّد به الحلقة لدى سؤال والدة الأطفال عمّا ستفعل بعد الحادث، وسؤال جدّة الأطفال عن علاقة والدتهم بأقرباء زوجها، وما إذا كانوا سيمدّون لها يد المساعدة بعد وفاة الأطفال، ونقلت الحلقة روايتها للجمهور في غياب الطرف الآخر.
وعلى الرغم من أهمية نقل صوت الضحايا وذويهم للجمهور، فإنه نظرًا لخصوصية قضايا كهذه وارتباطها بالأسرة ومشاعر ذوي الضحايا، فإنه يتعين اختيار التوقيت المناسب لإجراء هذه المقابلات والحوارات، والتحضير الجيد لها حتى تأتي بالنتائج الإيجابية المرجوة لها، ولا تُضيف لآلام ذوي الضحايا غصات جديدة.
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2025 جميع الحقوق محفوظة Akeed