عمّان 20 تشرين الأول (أكيد)- تقرير: عُلا القارصلي، كاريكاتير: ناصر الجعفري-شدّد الملك عبدالله الثاني في مناسبات متعدّدة على موضوع الأمن الغذائي بشكل مباشر وقوي، نظرًا لأهمية الموضوع وارتباطه الوثيق بالأمن الوطني، لا سيما بعد تفاقم الأحداث التي تشهدها المنطقة من اضطرابات أمنية واقتصادية، وتغير مناخي، وتلوث بيئي، وجائحة كورونا وغيرها.
وبالرغم من مركزية الأمن الغذائي في احتياجات الأردن، والتأكيدات الملكية على ذلك، فإن وسائل الإعلام الأردنية استمرت في تغطياتها التقليدية لهذا الموضوع الحيوي من بوّابات عرض الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي (2021-2030)[1]، ورؤية التحديث الاقتصادي[2]، والخطة الوطنية للزراعة المستدامة (2022-2025) [3]، والاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة، دون تغطية شاملة ومعمقة لقضية الأمن الغذائي، التي كان يُنتظر من الإعلام تناولها بشكل أكثر مهنّية، وتقديم ما هو جديد للمتلقي بما يتعدى حدود نقل الخطط الوطنية والإقليمية المتوفرة على منصّات عدّة.
وبما أن هناك اجتهادات مختلفة في النظر إلى موضوع الأمن الغذائي، فإنه من المفيد الإشارة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، قد عرّفت الأمن الغذائي على أنه "الحالة التي يتحقق فيها الحصول المادي والاقتصادي على الغذاء الكافي والآمن والمغذي لكل الناس وفي كل الأوقات بشكل يلبي احتياجاتهم الغذائية، كما يناسب أذواقهم الغذائية المختلفة بما يدعم حياة نشطة وصحّيّة". كما أن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي قد اعتمدت هذا التعريف نفسه.
تتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام الأردنية لقضية الأمن الغذائي من خلال رصد عينة عشوائية عبر منهج البحث المتقدم في محرك البحث جوجل باستخدام الكلمات المفتاحية التالية: الأمن الغذائي في الأردن، مركز إقليمي للأمن الغذائي، الاجتماع الرباعي، وذلك بهدف شمول أكبر عينة ممكنة في الرصد من تاريخ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي بتاريخ 31 أيّار2021 حتى 30 أيلول 2022، أي بعد انتهاء الاجتماع الرباعي لوزراء الزراعة الذي عُقد في عمّان لبحث سبل تعزيز التعاون بين الأردن وسوريا ولبنان والعراق لإيجاد الحلول الممكنة للأزمات الغذائية، والعمل مع المنظمات الدولية لدعم وتطوير الإنتاج الزراعي. وقد وفّر الرصد عيّنة اشتملت على 247 مادة لوسائل إعلام متعددة، منها أربع صحف يومية، ومحطة تلفزيونية، و45 موقعًا إخباريًا.
وجاء بنتيجة الرصد، حضور عنصر المتابعة، وغياب عنصر العمق في التغطية، حيث تمثّلت أكثر المواد الصّحفية بأخبار تنقل تصريحات الملك والمسؤولين، وتتحدث عن الخطط الوطنية والإقليمية بطريقة سطحية لا تعطي المتلقي المعلومات التي ينتظرها. فلم تكن التغطيات توضح مضمون الخطط بشكل كافٍ، كما لم تشرح الجدول الزمني لتنفيذ هذه الخطط، وبالتالي ابتعدت وسائل الإعلام عن إدراك مكانة الأمن الغذائي ليس فقط في توفير احتياجات الأردن من الغذاء، بل كذلك في دوره بتطوير سياسات الاعتماد على الذات في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي.
ولاحظ (أكيد) استخدام التغطيات لكلٍ من مصطلحي المركز الإقليمي والمرصد الإقليمي دون شرحهما، ما قد يؤدي لتشويش المتلقي وجعله يعتقد أن المصطلحين لهما المعنى نفسه، حيث لم توضح وسائل الإعلام أن المركز الإقليمي هو أحد أهداف الخطة الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، ويتمثل بجعل الأردن مركزًا للتخزين، وتوفير الخدمات اللوجستية، والإنتاج الزراعي، وتصنيع الأغذية، وأنظمة الري والبيوت الزراعية، ونقل المعرفة والتقنيّات الحديثة، وكذلك جعل الأردن مركزًا لتقديم خدمات الطوارئ لدول الإقليم. أما المرصد الإقليمي، فهو إحدى توصيات الاجتماع الزراعي الرباعي، ومبادرة الأردن لاستضافته، وهو جعل الأردن صرحًا إقليميًا تلتقي فيه الخبرات المحلية والدولية؛ لجمع بيانات الأمن الغذائي وتحليلها، بما يمكّن صانعي القرار في الدول الأربع المعنية من التنبؤ بالأزمات الغذائية، ورسم السياسات المناسبة لتفاديها، وتقديم الحلول الناجعة والعاجلة.
ووجد (أكيد) بعد رصد التغطيات الخاصة بالأمن الغذائي أنّ أبرز ما غاب عن الإعلام ما يلي:
أولًا: ندرة تقديم التغطيات المعمقة التي تشرح التحديات التي تواجه الأمن الغذائي وطريقة الوصول إلى حلول ناجعة لهذه القضية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأمن الوطني.
ثانيًا: ندرة التغطيات التي توضح أهداف الخطط والفترات الزمنية المتوقعة لتنفيذها بطريقة مفصلة، وعدم متابعة التنفيذ وذكر النتائج التي حققتها كل خطة بحسب الفترات الزمنية المذكورة فيها.
ثالثًا: ذكر المصطلحات المتعلقة بالأمن الغذائي دون شرح لها ودون الإشارة لمصدرها، ما قد يؤدي إلى تشويش المتلقين.
رابعًا: عدم توضيح الضرر على الأمن الوطني والاقتصاد في حال لم يصل الأردن إلى الأمن الغذائي.
ويوصي (أكيد) وسائل الإعلام المحلية بضرورة الالتزام بالمعايير المهنية عند القيام بمثل هذه التَّغطيات وفي مقدمتها الدِّقة والشمول والتكامل.
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2024 جميع الحقوق محفوظة Akeed