تجذير أخلاقيّات الصّحافة وثقافتها في غُرف الأخبار والمُحتوى الإعلاميّ*

  • 2020-11-18
  • 12

أكيد – ترجمة بتصرّف: دانا الإمام

لطالما كان الحديث عن أخلاقيّات مهنة الصّحافة مقتصراً على المُحتوى الذي يُنتجه العاملون في هذا المجال، لكنْ هناك ارتباط لا يُمكننا إغفالُه بين الثقافة التي تسود غُرف الأخبار في المؤسّسات الصّحفيّة من جهة وبين المُحتوى الذي يتمّ إنتاجه من جهة أُخرى، وهو ما يجعل أيّ حوار يُغفل هذه المُعادلة، منقوصاً. وتبقى مُمارسة أخلاقيّات الصّحافة مُجتزأةً إلى أنّ تتحوّل غُرف الأخبار إلى مناخات تُراعي مبادئ الإنسانيّة، والمُحاسبة، والدقّة، والعدالة، والاستقلاليّة.

كما أنّ الأخلاقيّات الصّحفيّة مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتقديم ما يلزم للموظّفين والعاملين في المؤسّسات الإعلاميّة، وتوفير ضمانات بأن تكون غرف الأخبار انعكاساً حقيقيّاً للجماهير والمجتمعات التي تخدمها وسائل الإعلام وتروي قصصها، وأن تكون غرف الأخبار بيئات جاذبة لمن جرت العادة على إقصائهم من العمل في الإعلام.

الأشهر الأخيرة أبرزت أهميّة الصّحافة ذات القيمة الإخباريّة والارتباط الوثيق بما يهمّ الجماهير، كما قدّمت العديد من المؤسّسات الإعلاميّة أداءً متميّزاً اتّسم بالدقّة وتمثيل شرائح واسعة من المجتمع رغم التحدّيات الكبيرة التي فرضتها جائحة "كورونا" وصعوبة الحصول على إجابات مؤكّدة لكثير من الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الصحفيّين والمُتابعين.

وقد لا يكون من الممكن العودة بالعمل الصّحفيّ لفترة ما قبل "كورونا"؛ نظراً للاختلاف الجذريّ الذي طال طُرق تجميع المعلومات وبثّها للجماهير، إلّا أنّ عدداً كبيراً من العاملين في مجال الإعلام مُنهَكون بعد أشهر مليئة بالأخبار العاجلة، والتّغطيات المستمرّة، والعائدات الماليّة المتدنّية، لا سيّما مع ازدياد ملحوظ في انتشار المعلومات المغلوطة والأخبار غير الدّقيقة.

وتُثبت العديد من الاستطلاعات ضعف التنوّع العرقيّ والديموغرافيّ بين قيادات المؤسّسات الإعلاميّة في الإعلام بصورة عامّة، إضافة إلى ضعف التنوّع بين العاملين في غُرف الأخبار، وهو ما يؤثّر سلباً على شموليّة المنتَج الإعلاميّ وقدرته على تمثيل أوسع شريحة ممكنة من الجمهور. كما يُشكّل غياب المثل الأعلى في المهنة تحدّيا إضافيّاً للخرّيجين الجُدد الذين لا يجدون من يُشبههم في غرف الأخبار.

ربّما حان الوقت للتفكير بجديّة أكثر بأخلاقيّات الصّحافة من وجهة نظر داخليّة تتجلّى بالالتزام بالقواعد الأخلاقيّة واحترام التعدّديّة في غُرف الأخبار، وتشجيع تنوّع الثّقافات وإنشاء قنوات للحوار مع العاملين.

 

* مقال بقلم مديرة شبكة الصّحافة الأخلاقيّة هانا ستورم

المصدر: ethicaljournalismnetwork.org