(مصالح مشتركة بين وافدين ومفتّشين في "البلد"): تجهيل مصادر وإطلاق أحكام

  • 2020-12-29
  • 12

أكيد – مجدي القسوس

 

نشرت وسيلة إعلام محليّة مادّة بعنوان "يا سامعين الصوت"، أدرجت خلالها مجموعة "تجاوزات" رصدتها في سوق الخضار وأسواق تموينيّة تابعة لسوق السكّر في منطقة وسط البلد، ورصدت تلك التجاوزات بناءً على "جولةٍ" أجراها كاتب المادة، كما ذكر، افتقدت في مجملها لحقائق واعتمدت على مشاهدات كاتبها.

تجهيل مصادر وإطلاق أحكام

وذكرت المادة أنَّ هناك تجاوزات "صارخة وخطيرة" أفْضَت إلى "تمتمات" حول "علاقة ومصالح مشتركة ومنافع" بين "سماسرة"، عرَّفتهم بـ"الوافدين"، ومراقبين ومفتشين في جهات معنية عديدة، شَكَّلّت للـ"وافدين" حماية وتحصيناً من الحملات التفتيشيّة الاعتياديّة، مرتكبةً بذلك مخالفة مهنيّة متمثّلة باستخدام تعبيرات مسيئة، وخطاب كراهية، وتعميم غياب الرقابة على كافة الجهات الرسميّة المعنيّة.

وقالت الوسيلة إنَّ التجاوزات التي رصدتها تمثّلت بالاستغلال ورفع الأسعار والتحايل والتدليس والتلاعب واقتراف المخالفات في وضح النهار، دون أن تقدَّم أيّة حقائق تُثبت ذلك، مكتفيةً بعبارة "كما يتداول الناس هذا الأمر"، وفي هذا تجهيل لمصادر المعلومات.

وارتكبت المادة خطاب كراهيّة ضد اللاجئين السوريّين، إذ حدّدت من خلالهم جنسيّات "الوافدين المخالفين"، وقالت إنَّهم يديرون متاجر مواد تموينيّة "عابقة بالمخالفات الصارخة"، إذ بدأت الفقرة التي تناولت هذا المحور بكلمة "للعلم"، ما يدل على أنَّ ما ورد فيها حقائق مُثبتة لدى كاتبها، إلا أنَّه لم يذكرها، ما يُشكّل مخالفة مهنيّة أخرى تمثّلت بإطلاق أحكام دون الاستناد إلى معلومات واضحة أو أرقام وإحصائيات أو تصريحات دقيقة.

 

 

وزارة العمل تردّ وتوضّح

يقول الناطق الإعلاميّ باسم وزارة العمل، محمد الزيود في حديثٍ لـ"أكيد": إنَّ ما ورد في المادة يتضح أنَّه مجرد انطباعات لم تُبنَ على حقائق، مشيرًا إلى أنَّ آخر جولة قامت بها فرق التفتيش خلال جائحة "كورونا" للسوق في وسط البلد كانت قبل شهرين وتمّ من خلالها ضبط 23 عاملاً مُقيمًا غير أردنيّ لا يملكون تصاريح عمل، وتمَّ تسفيرهم إلى دولهم.

وفيما يخصّ المصالح المشتركة بين مفتّشين وعاملين في السوق، أشار الزيود إلى أنَّ هذا الأمر مستبعد، إذ لم ترد أيّة شكوى للوزارة حول شُبهة تعاون تفضي إلى مصلحة مشتركة بين موظف وطرف آخر، وفي حال ورود شكوى من هذا النوع فإنَّها تخضع للتحقيق، مؤكّدًا أنّ لجان التفتيش ليست محصورة فقط بوزارة العمل، وإنَّما هُناك جهات أخرى تقوم أيضًا بمهامها الموكولة إليها.

وأشار الزيود إلى أنَّه في حال ضبط عامل غير أردني بمهنةٍ مغلقةٍ محصورة بالأردنيّين فقط، فإنَّه يتم اتخاذ "إجراء قانونيّ" بحقّ صاحب المنشأة التي يعمل لديها العامل، مؤكًداً أنَّ بعض اللاجئين مصرّح لهم بالعمل بمهن محدّدة ليتمكَّنوا من استخراج قوت يومهم، ومنها أعمال التحميل والتنزيل.

تعبيرات مسيئة واستخدام "عشوائيّ" للمفردات

ولم تخلُ المادة من التعبيرات المسيئة، إذ استخدمت مصطلحي "الوافدين" و"السماسرة" بصورة أسهمت في ترويج البُغض للفئة المستهدفة وبطريقة علنيّة، إذ يُعدّ استخدام مصطلح "سمسار"، في الرسائل الإعلاميّة، وصمًا يهدف إلى الانتقاص من قيمة الآخر، وتلطيخ سمعته، والتشكيك بانتماءاته، أو على الأقلّ، توجيه أصابع الاتهام بالسمسرة، وهو مصطلح يُعدّ واحدًا من التعبيرات المسيئة المُستخدمة للهجوم على فئة محدّدة.

ويحمل استخدام مصطلح "وافدين" في السياق الإعلاميّ الذي جاءت به المادة "انتقاصًا" من قيمة الشخص وكيانه، كما لا تخلو هذه الصفة من تمييز مقصود بين بني البشر، يقوم على أساس العرق والانتماء الجغرافيّ.

وهُنا يقترح "أكيد" تجنُّب الألفاظ التي تحمل في طيّاتها صفة التخوين، بالإضافة إلى إلغاء كلمة "وافد" أو "وافدون" من قاموس التغطيات الصحفيّة، منعاً لانتشار "خطاب الكراهية" وتجنّباً لوصم أشقائنا العرب بكلمة مُسيئة، قد تنتقص من كرامتهم الإنسانيّة، واستبدالها بكلمات مثل: "مقيم" أو "مقيمون"، أو "الأشقاء المصريّون.. على سبيل المثال"، وِفقًا للسياق الإعلامي.

ويُذكّر "أكيد" بمعايير مصداقية التغطية الصحفية، التي تُلزم وسائل الإعلام بأن تكون التغطية إنسانيّة، ومتوازنة، وتعتمد على الحقائق الصلبة المتمثّلة بالأرقام والمعلومات.