أكيد – مجدي القسوس
سارعت وسائل إعلام خلال الأيام القليلة الماضية إلى إعلان أرقامٍ حول أعداد النوّاب الذين يتوجهون إلى منح الثقة للحكومة أو سحبها، وبخاصّة بعد تقديم البيان الوزاري لحكومة الدكتور بشر الخصاونة، وبَنَت وسائل الإعلام تلك الأرقام على توقعات وانطباعات أو تصريحات لمصادر مختلفة.
وجاءت الأرقام التي أدرجتها وسائل إعلام قبيل انعقاد جلسة التصويت على الثقة، وحتى قبل بدء مجلس النواب بمناقشة البيان الوزاري، وبالتالي لم تُبنَ على حقائق، ولم تُسنَد إلى آراء مُحِقَّة تقدّمها خطابات النوّاب ردًّا على البيان الوزاري، ورصد "أكيد" ما يزيد عن 10 مواد بهذا الشأن.
وذكرت مادة جاءت بعنوان "نواب يتجهون لمنح الثقة لحكومة الخصاونة" أنّ إحدى الكُتل النيابيّة ستمنح الثقة البرلمانيّة لحكومة الخصاونة، بناءً على "إجواء لقاء رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة"، كما ذكرت، وبدأت المادة بمصطلح "عكست" للحديث عن تلك الأجواء، وهو ما يشير إلى انطباعات بناها كاتب المادّة.
وحسمت مادة صحفية نتيجة طلب الثقة بقولها إنَّ ثقة النوّاب بالحكومة "تحصيل حاصل"، وأنها ستحصل عليها بالاسترضاء أو تحت الضغط، وهو ما جاء بناءً على وجهة نظر لنائب سابق أشارت فيها إلى أنّ الحكومة ستحظى بأغلبيّة بسيطة أو مريحة، بناءً على الرسالة التي يريد المجلس إرسالها عن صورته واستقلاليّته، فيما أشار مصدر واحد من المصادر التي عادت إليها المادة، وهو مصدر صحفي متخصّص في الشؤون البرلمانيّة، إلى أنّ "الحديث عن التوقعات بشأن منح الثقة للحكومة من عدمه لا يزال مبكّرًا، لا سيّما وأنّ الحكومة قدَّمت بيانها الوزاريّ، وسيناقشه مجلس النوّاب خلال الأيّام القادمة، ثم يُصوّت على منح الثقة فيما بعد.
وعمَّمت وسائل إعلام قرار منح الثقة على أعضاء كتل نيابيّة، دون الاستناد إلى مصادر رسميّة، مكتفية بالقول أنَّها "علمت بأنَّ..."، وأنَّ كُتلاً حسمت قرارها بشأن منح أو حجب الثقة عن حكومة الخصاونة دون الكشف عنه، ودون بيان كيفيّة الحصول على تلك الاستنتاجات، والحقائق التي بُنيت عليها.
والتزمت بعض وسائل الإعلام ببيان المصادر التي اعتمدت عليها في ذكر الأرقام، إذ ذكرت وسيلة إعلام أنّ حكومة الدكتور بشر الخصاونة ستحظى بثقة "مريحة" ما بين 75 الى 80 صوتاً، مستندة بذلك على ما طرحه ضيوف من شخصيّات سياسيّة ضمن لقاء تلفزيونيّ أجرته الوسيلة ذاتها.
فيما استندت وسيلة أخرى إلى تصريحات أدلى بها ناطق إعلاميّ باسم إحدى الكتل النيابيّة ذكر أنَّ 16 نائبًا على الأقل من 18 (عدد أعضاء الكتلة) سيمنحون الثقة للحكومة.
يقول عضو نقابة الصحفيّين، الأستاذ خالد القضاة، إنّ الحديث عن أعداد النوّاب المتوقع أن يمنحوا أو يحجبوا الثقة هو حديث سابق لأوانه "ومبكّر جدًّا"، والاستناد في المادة على "رقم ونقطة" دون أن يُبنى على وقائع حقيقيّة قد يضرّ بمهنيّة الوسيلة الإعلاميّة، مشيرًا إلى أنّ الأرقام يجب أن تستند إلى المواقف المُعلَنة للكتلة أو أعضائها، من خلال ردّهم على البيان الوزاريّ، أو الإشارة صراحة إلى أنها توقعات.
ويضيف القضاة: في حال عدم تطابق الأرقام أو تقاربها بعد انتهاء جلسات الردّ على البيان الوزاريّ، فإنّ على الوسيلة الإعلاميّة الاعتذار والتوضيح للمتلقّين مصدر أرقامهم التي نُشرت وبخاصّة أنّ الناس قد تتداول هذه الأرقام بناءً على ثقتهم بوسائل الإعلام.
وظهر التزام وسائل إعلام بمراحل التغطية الصحفيّة لمرحلة منح الثقة للحكومة جليًّا، إذ لجأت الكثير منها إلى تحليل البيان الوزاريّ، وأخذ آراء النوّاب ببنود البيان، ومطالباتهم بضرورة عدم التسرُّع بمناقشة البيان ليتمكّن كل نائب من تقديم أفكاره.
ويتطلّب حصول الحكومة على الثقة، تصويت الأغلبية بواقع 66 نائبًا من أعضاء المجلس بالموافقة على منح الثقة، أي نصف عدد النواب +1، في حين أنّ امتناع أيّ نائب عن التصويت أو الغياب عن جلسة طرح الثقة بالحكومة يُعدّ بمثابة حجب للثقة.
ويشير "أكيد" إلى أنّ وسائل إعلام قد تجاوزت بنشرها هذه الأرقام أسس التغطية الصحفيّة المتسلسلة لمثل هذه الحالة، والتي كان من الأجدر توظيفها في مجال تحليل البيان الوزاريّ وبيان بنوده والتزاماته، دون تجاوز مرحلتي: التحليل وتحضيرات النوّاب للردّ على الخطاب، إلى نشر أرقام متوقعة عن منح الثقة أو حجبها.
كما يُذَكِّر مرصد "أكيد" بمسؤوليَّة وسائل الإعلام المتمثّلة بالتحقُّق من المعلومات أو الأرقام والمؤشرات، والاستناد إلى حقائق تُبني عليها التحليلات الصحفيّة، والابتعاد قدر الإمكان عن التوقعات والانطباعات والآراء، واستخدام ألفاظ تقريبية مثل: "ما يقارب، قُرابة، أكثر من، نحو، ما يربو، ما يدنو، حوالي، ما يزيد عن.." إذا لم تتوفّر الأرقام الدقيقة لدى الصحفيّ
Enter your email to get notified about our new solutions
One of the projects of the Jordan Media Institute was established with the support of the King Abdullah II Fund for Development, and it is a tool for media accountability, which works within a scientific methodology in following up the credibility of what is published on the Jordanian media according to declared standards.
Enter your email to get notified about our new solutions
© 2025 جميع الحقوق محفوظة Akeed