الوضع الصِّحي في قطاع غزّة كارثي والأطفال يدفعون الثمن .. وتغطيات الإعلام متواضعة

  • 2023-12-31
  • 12

عمّان 31 كانون الأول (أكيد) – شرين الصّغير – لا صوت يعلو فوق صوت مصائب الحرب والموت والدمار، فتصاعد الحروب لها ما لها من تأثيرات كارثية على الأطفال والأسر، وبحسب أرقام اليونيسيف في 6 كانون الأول[1]  فإن أكثر من 5000 طفل قُتلوا في الحرب على غزّة وهناك آلاف آخرون أصيبوا بجراح (فيما قارب عدد الشهداء أواخر كانون الأول 22 ألفًا، فإن 70 بالمئة منهم أطفال ونساء). ويُقدّر أن 1.7 مليون شخص في قطاع غزّة هُجّروا، أكثر من نصفهم أطفال، مع نفاد إمدادات المياه والأغذية والوقود والأدوية، كما تدمّرت منازل الأطفال وتشتت أسرهم.

أجرى مرصد (أكيد) عملية رصد لوسائل الإعلام المحلية وتغطيتها للوضع الصحي في غزّة فيما يتعلق بالأطفال والأمراض المعدية التي لحقت بهم، من تاريخ 7 تشرين الأول (أكتوبر) حتى 26 كانون الأول، وذلك باستخدام محرّك البحث غوغل والكلمات المفتاحية "كارثة صحية في غزّة".

اشتملت عينة الرصد لوسائل الإعلام على وسيلتين مرئيّتين، ووسيلتين مسموعتين، وصحيفتين يوميّتين، وأربعة مواقع إخبارية إلكترونية. وقد وفّرت عينة الرّصد التي تكوّنت من عشر وسائل 87 مادة من وسائل الإعلام المرصودة، وتبيّن أثناء الرصد أن من بين العيّنة وسيلة إعلام كانت تغطيتها للكارثة الصحية لا شيء، وجرى رصد 26 مادة بنسبة 29.9 بالمئة تحدّثت عن صعوبة تقديم الخدمات الصحية بسبب انهيار القطاع الصحي وخروج العديد من المستشفيات من الخدمة، وتسع مواد بنسبة 10.3 بالمئة تحدّثت عن نفاد تطعيمات الأطفال بالكامل، وهو ما ينذر بوقوع كارثة صحّية.

وكانت هناك 23 مادة بنسبة 26.4 بالمئة تناولت موضوع نفاد الوقود والآثار المترتبة على ذلك. ورُصدت 13 مادة بنسبة 14.9 بالمئة، من بينها مقال[2] ، تحدثت عن الأوبئة والأمراض المعدية، وعن أعداد كبيرة من النازحين أصيبوا بالجدري وأمراض جلدية معدية. كما رُصدت 12 مادة بنسبة 13.8 بالمئة تحدّثت عن سوء التغذية والموت بسبب الجوع، فيما رُصدت مادة واحدة بنسبة 1.2 بالمئة تحدّثت عن حال أصحاب الإعاقة وتأثير الحرب عليهم، وثلاث مواد بنسبة 3.5 بالمئة تحدّثت عن وضع النساء الحوامل في ظل غياب الرّعاية الصحية وخروج المستشفيات عن الخدمة وعدم القدرة على الوصول إلى المستشفى.

ورغم حرص الإعلام على تغطية أحداث غزّة وما آل إليه الوضع الصحي، إلا أن مرصد (أكيد) لم يجد تغطيات معمّقة تشرح حجم الكارثة التي أسفرت عنها الحرب، وبخاصة على الأطفال، وما سيؤول إليه الوضع بعد انتهاء الحرب.

فقد حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان[3] من تصاعد مخاطر تحوّل قطاع غزّة إلى منطقة منكوبة تتفشى فيها الأوبئة والأمراض السّارية بصورة كارثية. وبحسب إفادات أطباء ومسؤولين صحيّين، ومنظمات إغاثية دولية،  وُثّق أكثر من 20 ألف حالة ترتبط بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري فقط، مع العلم أن قطاع غزّة يسجّل نحو ألفي حالة ترتبط بأمراض الجهاز التنفسي بأنواعه شهريًا في الأوضاع الاعتيادية.

وقد أدى النّقص الحادّ في غاز الطّهي بفعل الإغلاق الإسرائيلي إلى الاعتماد الكبير على مصادر أقل نظافة مثل الحطب وبقايا الخشب وحرق النفايات، ما يضاعف معدلات خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.

وخلال شهر تشرين الثاني وحده جرى تسجيل أكثر من 50 حالة إسهال عنيف نصفها لأطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات، علمًا أن الإسهال العنيف قد يسبب الوفاة في ظل سوء التغذية وضعف الحالة الجسمانية التي يعاني منها الأطفال.

يضاف إلى ذلك، تسجيل تفشٍ غير مسبوق لأمراض الالتهابات الجلدية، منها أكثر من خمسة آلاف حالة إصابة بجدري الماء، وحوالي 19 ألف إصابة بطفح جلدي، و10 آلاف إصابة بالجرب، وعشرات آلاف حالات الإصابة بالإنفلونزا الشديدة.

وبينما جرى تأكيد رصد حالات إصابة بمرض التهاب الكبد الوبائي في مناطق متفرقة من قطاع غزّة، فإنّ تعذر إجراء التحاليل الطبية اللازمة في المستشفيات المحلية، والحاجة إلى إرسال عينات للخارج ما زال يعيق معرفة حدة انتشار المرض والعدد الدقيق للإصابات، لا سيما في ظل نقص أدوية مكافحة العدوى والمواد المطلوبة للتعقيم والتطهير في مستشفيات القطاع. ومن المعروف أنّه في غياب الأدوية، فإن صحة المرضى يمكن أن تتدهور لا سيما الأطفال، ما يؤدي إلى وفاتهم بسرعة كبيرة، خصوصًا مع اقتصار تقديم اللقاحات لعدد بسيط من الأطفال لا يتجاوز 10 بالمئة منذ أسابيع.