قيام الإعلام بدوره في مجال الأمن السّيبراني يلزمه صحافة متخصّصة

  • 2023-10-09
  • 12

 عمّان 9 (أكيد)- علا القارصلي- يتجه المستقبل للاقتصاد الرّقمي والتّجارة الرّقمية والوظائف الرّقمية، ما يتطلب حماية الفضاء الرّقمي من الهجمات السّيبرانية، حيث لا يمكن أن ينشأ مجتمع معلومات يتسم بتوفر الخدمات الإلكترونية دون وجود أمن سيبراني فعّال.

وبما أنّ الهجمات السّيبرانية تزداد بمعدل 15 بالمئة سنويًا، وأن 90 بالمئة من مشاكل الأمن السّيبراني تحدث بسبب قلة المعرفة والثقافة بمواجهة الهجمات السّيبرانية، لذا فإن نشر التّوعية بهذا المفهوم يُعدّ أمرًا في غاية الأهمية. [1] [2]

يلعب الإعلام دورًا رئيسًا في التعريف بالأمن السّيبراني، ومصطلحاته، وأساليب الحماية من الهجمات السّيبرانية، لضمان حصول الكوادر البشرية على الإمكانات اللازمة لحماية الأمن الوطني والإنجازات الوطنية في مواجهة كل من يستهدف الإضرار بهما.

يُعدّ الفضاء السّيبراني الآمن عنصرًا أساسيًا لنجاح ونمو المؤسسات الوطنية ونموّها، ولتعزيز صورة الأردن أمام المنظمات الخارجية كبيئة آمنة لمزاولة الأعمال، وعليه اعتبرت الحكومة الأردنية الأمن السّيبراني أولوية وطنية ملحّة، وعملت على إدارة هذا الملف من خلال عقد المؤتمرات والندوات والدورات، وإبرام الاتّفاقيات.

وُضعت استراتيجية وطنية للأمن السّيبراني العام 2012، وتُحدّث كل خمسة أعوام. ويجري العمل على وضع إطار وطني للأمن السّيبراني، وستكون نسخته النهائية جاهزة قبل نهاية العام. ووضع الأردن قانونه للأمن السّيبراني رقم (16) لسنة 2019 للحفاظ على الأمن الوطني وسلامة المعلومات. ونظرًا لأن الأخبار الزائفة هي أحد أساليب المجرمين السّيبرانيّين للعبث بالمعلومات، شُدّد  المشرّع الأردني عقوبتها في قانون الجرائم الإلكترونية الجديد رقم (17) لسنة 2023. [3] [4] [5]

وانطلاقًا من الأهمية الكبيرة للأمن السّيبراني، صمّم مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) عينة شملت 15 وسيلة إعلام، توزّعت بين ثلاث محطات تلفزيونية، وصحيفتين يوميّتين، ومحطّتين إذاعيّتين، وثمانية مواقع إلكترونية. وامتد الرّصد من 14 آب، وهو تاريخ الإعلان عن أول قمة أردنية للأمن السّيبراني "DOT CYBER SUMMIT" وحتى مطلع تشرين الأول، أي بعد عقد القمة بأسبوع، وذلك للتّعرف على الجهود التي بذلها الإعلام لتوعية المجتمع بالأمن السّيبراني، وبأساليب الحماية من الهجمات السّيبرانية على اعتبار أن الحماية هي خط الدفاع الأول، وكذلك تعريف المجتمع بدور القمة الأردنية التي عُقدت للأمن السّيبراني، وبأهمية جعل الأردن مركزًا إقليميًا للأمن السّيبراني.

وفّرت عملية الرّصد عينة مكونة من 67 مادة من مختلف وسائل الإعلام، وتبيّن ان 42 مادة إعلامية منها  بنسبة 62.7 بالمئة، ركّزت على نقل أخبار المناسبات الخاصة بالأمن السّيبراني (مؤتمرات، ندوات، اتّفاقيات،..)، وتحدثت 20 مادة عن أبرز ما جاء في قمة الأمن السّيبراني بنسبة 29.8 بالمئة.

وتولّت خمس مواد فقط بنسبة 7.5 بالمئة التّعريف بالأمن السّيبراني وأهميته، وأضرار الجريمة السّيبرانية. وجاء تعريف هذه المواد بالأمن السّيبراني مشتقًا من تعريف المشرّع الأردني في قانون الأمن السّيبراني وهو: "مجموعة الإجراءات المرتبطة بإدارة ومراقبة واكتشاف حوادث الأمن السّيبراني والتّهديدات التي تقع ضمن حيز الفضاء السّيبراني ووضع خطط الاستجابة لها وتنفيذها".

وجدير بالإشارة هنا إلى أن مصطلح "السّيبرانية" ظهر للمرة الأولى العام 1948 على يد عالم الرياضيات نوربرت وينر، ولا يوجد حتى يومنا هذا إجماع فقهي على تعريف معين لجرائم السّيبرانية، ويرجع ذلك إلى الاختلاف حول تحديد نطاق الجرائم السّيبرانية؛ فبعض الفقه وسّع هذا النطاق كثيرًا، فعدّ الجرائم السّيبرانية كل أشكال السلوك غير المشروع الذي يُرتكب باستخدام الحاسوب الآلي، بينما عدّه البعض الآخر على أنّه الأعمال التي تؤثر على العلاقات الدبلوماسية الدولية من خلال جمع المعلومات والتّنصّت والتّجسّس، وتسهيل النّشاطات السّرية في العلاقات الدّولية. [6] [7]

ولم تُسفر عملية الرصد عن العثور على موادّ توعوّية موجهة للمجتمع لتفادي الوقوع في الهجمات السّيبرانية، ولمعرفة الجهة المسؤولة التي يمكن اللّجوء إليها في حال التّعرض للاختراق؛ فالحوادث الفردية من اختصاص وحدة الجرائم الإلكترونية، أما الشركات والمؤسسات فمن اختصاص مركز الأمن السّيبراني، ويتعيّن عليها ضرورة التبليغ لأنّ ذلك يساعد الجهات المعنية في حماية المؤسسات الأخرى ومنع انتشار الهجوم.

يشير (أكيد) إلى ضرورة وجود صحفي متخصّص في مجال الأمن السّيبراني الذي يتفرّع إلى ثمانية تخصصات دراسية، ويحتوي على مصطلحات غريبة وحديثة، وبحاجة لصحفي متخصّص يكون قادرًا على تبسيطها للجمهور لتكون واضحة ومفهومة لكل فئات المجتمع. ولوحظ الإشارة إلى هذه المصطلحات في العديد من الأخبار المرصودة دون شرح أو تبسيط.

لاحظ (أكيد) وجود أخبار تشير إلى تحديث الاستراتيجية الوطنية للأمن السّيبراني، وأخبار تشير إلى صياغة إطار وطني للأمن السّيبراني، ولم يوضّح الفرق بينهما. فالإطار الوطني: يأتي ضمن جهود المركز الوطني للأمن السّيبراني في حوكمة الأمن السّيبراني، والعمل ليخرج بصيغة تواكب الممارسات العالمية الفضلى، لتطوير المنظومة الدّفاعية للأمن السّيبراني على المستوى الوطني لجميع المؤسسات العامة والخاصة، ولمواجهة التّهديدات السّيبرانية بكفاءة وفاعلية.[8]

أما الاستراتيجية الوطنية فتطوّرها الحكومة كل خمسة أعوام، بشكل ينسجم مع التطورات التكنولوجية والمخاطر والتهديدات المتنامية التي يواجهها الفضاء السّيبراني الوطني، وتركز على أربعة محاور رئيسة، هي: الحماية، والاستكشاف، والاستجابة، والتطور التي تغطي مجالات الأمن السّيبراني كلها، شاملًا بذلك الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة والبنى التّحتية، لا سيما الحرجة منها.[9]