وسائل إعلام تأخذ بنهج التغذية المتبادلة للأخبار القاسية للجرائم

  • 2023-08-04
  • 12

 

عمَّان 4 آب (أكيد)-لقاء حمالس- نشر مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) خلال السَّنتين الماضيتين تقارير عديدة حول مخالفات تغطية وسائل الإعلام المحلية لأخبار الجرائم. المعايير المهنية والأخلاقية الناظمة لعملية النشر في مجال الجرائم، تترك مساحة كبيرة من الحرية للتغطيات الإعلامية، إلا أنَّها تضع، في المقابل، بعض القيود عليها عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان والمجتمع، حيث تُقرن نشر تفاصيل الجرائم بقيمتها الإخبارية وأهميتها للصَّالح العام، بعيدًا عن نشر التفاصيل القاسية وغير الأخلاقية المتعلقة بالجنس، وبعيدًا عن السّعي لزيادة المتابعين على حساب المحتوى السليم.

لقد تبيّن لمرصد (أكيد) أنَّ وسيلة إعلام محلية كانت عبر موقعها الإلكتروني وصفحتها العامة على موقع التَّواصل الاجتماعي، مصدرًا لعدد من وسائل الإعلام الأخرى بنشرها تفاصيل الجرائم، وتحديدًا الجرائم الخاصة بالأسرة، والتي تُعامل في المحاكم بشكل سري حفاظًا على كرامة الضحايا وذويهم، مرتكبةً بذلك انتهاكات متعددة في تغطياتها. ولم يجد (أكيد) لهذه الوسيلة أيَّ سبب يبيح لها النشر على هذا النحو بالنظر إلى المعايير المهنية والأخلاقية الضابطة لعمل وسائل الإعلام.

ورصد (أكيد) خلال النصف الثاني من شهر تموز الفائت جملة تقارير مخالفة خلال تغطية الوسيلة للجرائم، حملت العناوين التالية: "الملح والماء" يُنجيان أردنيًا من تهمة التّسبّب بالوفاة لمتعاطي مخدّرات؛ تفاصيل تَعرّض فتاة لإطلاق نار على يد خطيبها السابق في إربد؛ تفاصيل مقزّزة .. الأشغال المؤقتة 5 سنوات لعشريني واقعَ قاصر في عمّان؛ الأمن: القبض على قاتل وسالب عامل محطة محروقات في عمان؛ وكشف تفاصيل تعذيب أم لطفلها وحرقه بالماء الساخن في الكرك.

تمثّلت المخالفات المشار إليها بتناول تفاصيل ارتكاب الجرائم بدّقة كبيرة، لا بل وسردها وكأنها قصة تحتمل التشويق والإثارة، بالإضافة إلى ذكر الأداة الجرمية في كل مرة، على الرغم من أن المعايير المهنية والأخلاقية، تُبيّن أن ذكر التفاصيل  لا يحمل قيمة خبرية مهمة للجمهور، وعلى العكس من ذلك، فإن نشر هذه الحيثيّات يروّج للعنف والإساءة لقيم المجتمع الأردني.

وقد يتسبّب نشر التفاصيل بتعليم النّاس أساليب جرميّة جديدة، وتعظيم الفعل الجرمي المرتكب، في حين أن المعايير الأخلاقية التي تستند إلى ميثاق الشرف الصحفي تركز على عدم إظهار تفصيلات أعمال القسوة والتعذيب والإساءة، وعدم نشر أي مواد من شأنها التحريض على العنف ونشر الجرائم. [1]

الوسيلة نفسها قدّمت، في المقابل، أداء مهنيًا سليمًا بنشر تقارير تحلّل واقع الجريمة، وتحاول ايجاد تفسير لزيادة نسبة الجرائم، وهذا يتّفق مع الدور الحقيقي للإعلام، وحملت هذه التقارير العناوين التالية: (مؤسسات مجتمعية تدق ناقوس الخطر حيال تصاعد أعداد جرائم "الأسرة الأردنية")[2] ، وكذلك: (ارتفاع كبير في جرائم القتل الأسرية في الأردن). [3]

وفي التقرير الذي وضّح ما رصدته جمعية "تضامن" النساء الأردني، بيّن بأنه عدد الجرائم قد بلغ 15 جريمة قتل أسريةفي النصف الأول من العام 2023 راح ضحيتها 11 أنثى و أربعة ذكور.

وجاء في الوسيلة أن من أسباب الجرائم، الأزمات المالية والمشاكل النفسية وتعاطي المخدرات، في حين يرى حقوقيّون وجود قصور في التشريعات وتهاون في تطبيقها.

وختامًا، فإنه من المهمّ في التغطيات الإعلامية المتعلقة بالجرائم أن يتخللها رسائل تحمل بُعدًا توعويًا للمجتمع سواء في المجال القانونيّ أو في مجال المسبّبات التي تقود الأفراد إلى الجرائم، لتشكل نوعًا من الرّدع  العام.