قبل شهر تقريبا، تداولت وسائل الإعلام، مقطع فيديو، لشخص يقف في ساحة ويطلق النار من مسدس في الهواء، وفي الخلفية يظهر بناء يطابق تصميم المدارس الحكومية في المملكة. وقالت وسائل الإعلام وقتها إن الفيديو لمعلم في إحدى المدارس الحكومية في العاصمة عمّان. ورغم مرور شهر على الحادثة، التي أعلنت وزارة التربية والتعليم أنها فتحت تحقيقا فيها، إلا ان متابعة الإعلام لتطورات هذه القضية اتًسمت بالضعف الشديد.
وكانت قناة اليرموك الفضائية قد عرضت يوم 14 نيسان (أبريل) الماضي، في برنامجها الصباحي "وسط البلد" مقطع فيديو، قالت إنه لمعلم في مدرسة أحمد الطراونة، في جبل الزهور في عمان، ويظهر المقطع الذي تداولته، على نطاق واسع، وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، شابا، مُوّهت ملامح وجهه، واقفا في ساحة، يطلق من مسدس طلقتين في الهواء. وقد نقلت وسائل الإعلام وقتها عن الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم، وليد الجلاد، أن الوزارة ستتحقق من الفيديو، وأنها في حال ثبوت صحته فإنها ستتخذ الإجراءات القانونية المناسبة.
بعد خمسة أيام من نشر الفيديو، تناقلت مواقع إخبارية خبرا مفاده أن إدارة مدرسة أحمد الطراونة شكلت، لجنة تحقيق في القضية، توصلت إلى أنه لا علاقة لأي من معلميها بالفيديو المذكور. في حين نقل الخبر عن مدير تربية قصبة عمان، علي المومني، أنه لم يتضح إلى الآن إن كان الفيديو "حقا يعود لمدرسة بالأردن". وقد لوحظ في هذا الخبر ضعف تداوله في وسائل الإعلام، إذ لم يرصد "أكيد" سوى خمسة مواقع نشرته ، هي "خبرني" و"الإصلاح نيوز" و"وطنا نيوز" و"الأثير نيوز" و"جبال البلقاء"، وهو عدد قليل مقارنة بالمواقع التي نشرت خبر الفيديو نفسه، ورصد "أكيد" منها 19 وسيلة إعلام.
ردّا على خبر نتائج تحقيق "أحمد الطراونة"، الذي نفى علاقة المدرسة بالفيديو، عرضت قناة اليرموك، ضمن البرنامج نفسه، مقطع فيديو آخر، ضمّنته صورا التقطتها لساحة مدرسة أحمد الطراونة، وأظهرت 7 مواضع تطابقت فيها خلفية فيديو إطلاق النار مع المدرسة. وهذه كانت المتابعة الوحيدة خلال الفترة الماضية لهذه القضية. إذ لم تنشر أي وسيلة إعلام أي معلومات عن التحقيق الذي تجريه وزارة التربية، ولم توضح للجمهور إن كان التحقيق الذي أجرته إدارة المدرسة نفسها هو نهاية القضية، في وقت قال المعدّ في برنامج "وسط البلد"، عيسى الغزاوي، في اتصال هاتفي مع "أكيد"، إن القناة تتابع القضية مع وزارة التربية والتعليم منذ شهر، لكنها لم تتمكن من الحصول على أي معلومة عن سير التحقيق.
الغزاوي، وضّح لـ"أكيد" أن فيديو إطلاق النار وصل إلى القناة من "مصادر داخل مدرسة أحمد الطروانة"، رافضا توضيح ماهية هذه المصادر. وقال إن الشخص في الفيديو، كان واضح الوجه تماما، والقناة هي من موّهت ملامحه عند العرض، وبحسبه فقد زوّدت القناة وزارة التربية والتعليم منذ اليوم الأول بالمقطع الأصلي، وباسم المدرسة والمعلم، كي يساعدها هذا على التحقيق.
وهو أمر أكّده الجلاد، الذي قال لـ"أكيد" في اتصال هاتفي إن الوزارة تسلّمت فعلا من قناة اليرموك النسخة الأصلية للفيديو، التي يظهر فيها بوضوح وجه الشخص، وأن لديها اسم المدرسة واسم المعلم الذي قيل إنه الشخص في الفيديو، وأنها شكّلت لجنة تحقيق، ما زالت تعمل في الموضوع. وأنه إذا ما ثبت أن مطلق النار معلم، فإنها "ستتخذ أشد الإجراءات في حقه".
لكن الجلاد أضاف أن اللجنة لم تتوصل إلى نتائج بعد، إذ أن الوزارة، ما زالت غير متأكدة إلى الآن من أن الفيديو صُوّر في إحدى مدارس وزارة التربية، ولا إن كان الشخص الذي يظهر فيه معلما فعلا، خصوصا أن المكان، كما قال الجلاد، كان فارغا، ولا أثر فيه لطلاب.
وعن التطابق بين تصميم البناء الذي ظهر في الفيديو، وتصميم مدارس وزارة التربية والتعليم، قال الجلاد إن هذا جزء من التحقيق الذي تجريه الوزارة، فهناك بحسبه آلاف المدارس التي لها هذا التصميم.
من ناحية أخرى، كان لافتا في التغطية الإعلامية لهذه القضية، الغياب التام لتغطية موقف نقابة المعلمين، التي تقود بياناتها الصحفية في العادة التغطية الإعلامية لقضايا المعلمين. وكان متوقعا أن تكون في طليعة الجهات التي يستقصي الإعلام موقفها في هذه الحادثة، لكنه لم يفعل، في وقت لم تصدر النقابة نفسها أي بيان يوضح موقفها.
الناطق الإعلامي لنقابة المعلمين، أيمن العكور، وضّح في اتصال هاتفي مع "أكيد"، أن مقطع الفيديو كان "غامضا"، ولم يكن واضحا أنه كان إطلاق نار في مدرسة. لكنه قال إن النقابة طلبت من وزارة التربية التحقق من صحة الفيديو، واتُخاذ الإجراءات اللازمة في حال ثبتت صحته، وهو أمر يقول العكور إنه من صلاحيات الوزارة لا النقابة، التي لا يمنحها قانونها صلاحية التحقيق وإيقاع العقوبات في حال ارتكب معلمون انتهاكات مهنية أو تربوية. الأمر الذي يقول العكور إنه سيتغير مع إقرار "نظام الانضباط الإداري" الذي وضعته النقابة، ويتضمن بنودا تمنح النقابة هذه الصلاحيات.
يُذكر أن وسائل الإعلام نقلت حادثة سابقة لإطلاق نار من قبل معلم داخل مدرسة، لكن إطلاق النار في تلك الحادثة لم يكن في الهواء بل باتجاه تلاميذ، فقد نقلت صحف يومية ومواقع إخبارية في شباط (فبراير) العام الماضي، خبر إطلاق معلم في مدرسة بالكرك، النار باتجاه طالبين، إثر مشاجرة معهما. ووفق الخبر الذي لم يحظ بمتابعة إعلامية هو أيضا، فإن المعلم ضرب تلميذا في الصف السادس، فتدخل شقيقه، وإثر ملاسنة ومشاجرة، توجه المعلم إلى سيارته، وأحضر مسدسه، وصوبه باتجاه الطالبين ، وأطلق النار، لكن معلمين رفعوا المسدس إلى أعلى، فحالوا دون إصابة الطالبين. ونقل الخبر عن مدير تربية الكرك أن تحقيقا سيفتح في القضية "وفي حال ثبت وقوع الحادثة سيتم اتخاذ إجراءات رسمية صارمة بحق المعلم"، لكن الإعلام لم يخبر الجمهور بعد بنتائج التحقيق.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني