عمّان 24تموز (أكيد)- نشرت وسيلة إعلام محلية خبرًا بعنوان "كشف تفاصيل تعذيب أم لطفلها وحرقه بالماء الساخن في الكرك". ويُظهر العنوان الخبر كما لو أن الوسيلة الإعلامية هي من كشفت التفاصيل الجرمية لهذه القضية وذهبت بها إلى القضاء لإثارة فضول الجمهور واستقطابهم للدخول للخبر ومشاهدته.[1]
الخبر المنشور قدّم مجريات التحقيق لتعذيب الأم العشرينية لطفلها البالغ من العمر ثماني سنوات ونسبها لمصدر مقرب من التحقيق دون أن يوضح هوية المصدر وسبب تسريبه هذه المعلومة للوسيلة الإعلامية دون غيرها، فالقضية ما زالت في مرحلة التحقيقات الابتدائية التي تجريها النيابة العامة، والتي يُمنع نشرها ويُعاقب عليها عملًا بأحكام قوانين انتهاك حرمة المحاكم والعقوبات والمطبوعات والنشر.
كما أن التفاصيل الجرمية للقضية التي سردها الخبر، تحمل مشاهد قاسية وعنيفة تدعو للبغض والكراهية تجاه الوالدين، وربّما تشكّل ضغطًا مجتمعيًا سلبيًا تجاههما بعد تناولها في الإعلام، وهو ما يمكن أن يؤثر على سير العدالة بتجييش الشارع ضدهما، خصوصًا الأم باعتبارها من ارتكبت الجرم، وفي هذه الحالة يكون الإعلام قد أدى دورًا سلبيًا خلافًا لدوره المناط به في دعم المرأة والطفل وقضاياهما.
تناول الخبر تفاصيل ترتبط بأسرة الحدث ومكان إقامتة وخلفية زواج الوالدين، وأقحم المتلقين بتفاصيل عائلية لا فائدة منها سوى جذب القارئ لاستكمال قراءة الخبر، متناسيًا أن هذه التفاصيل يمكن أن تتسبّب بوصمة مجتمعية للأطفال، خصوصًا مع تحديد مكان سكنهم، وعمل الطفل الضحية دون التفات للمصلحة الفضلى للأطفال، حيث أن إعـادة الـتأهـيل والـدمـج فـي الـمجتمع حق من حقوق هؤلاء الأطفال بموجب الـمبادئ الـتوجيهـية لـلأمـم المتحـدة بـشأن تـوفـير الـعدالـة لـلأطـفال ضحايا الجريمة، وهو ما يمكن أن لا يتحقق في حالة المجني عليهم.
كما عرض الخبر تفاصيل استدعاء الطب الشرعي واسم الطبيب والتقرير الطبي الصادر عنه، متناسيًا أن هذه التفاصيل جزء من البيانات الأولية للتحقيق والنتائج المترتبة عليها، مثل اجراءات القبض والتفتيش التي يُمنع نشرها وتداولها، وهو ما يمكن أيضًا اعتباره اعتداءً على خصوصية الطفل الضحية، حيث أن الحالة الصّحية جزء من الحياة الخاصة للأفراد التي يُمنع تداولها بالنشر دون إذن من أصحابها.
لم يتطرق الخبر المنشور لحــق الأطــفال الــمجني عــليهم بتوفير الحماية والــمساعــدة الــصحية والاجـتماعـية والـقانـونـية، باعتباره جزءًا من قانون حقوق الطفل والإجراءات الحكومية المتخذه بهذا الخصوص، مكتفيًا بالقول: إنه بحسب ما علمت به هذه الوسيلة، "فإن إدارة حماية الاسرة نسّبت بإجراء دراسة اجتماعية للعائلة، والتحفظ على الأطفال الأربعة إلى جانب الطفل المعذب".
وسيلة إعلام أخرى نقلت الخبر دون ذكر المصدر وأعادت صياغته، محوّلة القصة "للأم والجني" ، بعنوان: (تفاصيل ملف الطفل المعذب بالكرك: أمّه حرقته لأنها تعتقد أنه "ملبوس من جني")، متجاهلة أن هذا العنوان يمكن أن يتسبّب بنشر الإشاعات.[2]
الخبر المنقول أطلق حكمًا على الأم واعتبرها الجاني على الرغم من أن القضية ما زالت قيد التحقيق الأولي، ولم يصدر قرار قطعي بها.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني