رغم أن التحقيقات لم تحسم بعد الدافع وراء جريمة قتل الطبيب محمد أبو ريشة، صباح الأحد الماضي، ورغم أن النتائج الأولية للتحقيقات تشير إلى أنه لا أسباب مرتبطة بالمهنة وراء الجريمة، إلا ان الجريمة التي هزّت الرأي العام الأردني، وقُتل فيها أخصائي الأطفال طعنا أمام منزله، تعيد إلى المشهد بقوة سلسلة الاعتداءات على الكوادر الصحية، من أطباء وممرضين، التي تواصل وسائل الإعلام منذ سنوات نشر أخبارها، ومعها أخبار الاعتداءات على العاملين في قطاع التعليم، من معلمين ومدراء مدارس وتربية.
ووفق أرقام وزارة الصحة فقد سُجلت 83 حالة اعتداء على كوادر طبية، خلال عام 2013، في حين سجلت 29 حالة عام 2014. أما العاملون في قطاع التعليم، فقد رصدت نقابة المعلمين 56 اعتداء، في الفترة ما بين حزيران (يونيو) 2013 وكانون الثاني (يناير)2015. كما أمكن، في سياق الإعداد لهذا التقرير، رصد 28 حادثة اعتداء، منذ بداية العالم الحالي، 16 منها على معلمين، و12 على كوادر صحية.
وهي أرقام تؤكد أهمية مناقشة التغطية الإعلامية لهذه القضية، ليس فقط بسبب تكرر حوادثها، بل بسبب تحوّلها النوعي، فبعد أن كانت تقتصر في السابق على العنف اللفظي، أو الاعتداء بالأيدي، بدأت وسائل الإعلام، تغطي أخبار اعتداءات بالأسلحة النارية، والسيوف والسواطير، والزجاجات الحارقة.
ورغم ما سبق، فإن تحليل التغطية الإعلامية لهذه الاعتداءات يكشف العديد من الثغرات في تعاطي وسائل الإعلام مع هذه القضية، التي يمكن التدليل عليها بالمثال الآتي، ففي 10 كانون الثاني (يناير) الماضي، تناقلت مواقع إخبارية، منها الفلق الإخبارية وجفرا وزاد الأردن والرأي نيوز والأثير نيوز والسفير نيوز وجلعاد، خبر الاعتداء على الطبيب حمزة غنام، من قبل أحد مراجعي المركز الصحي الذي يعمل فيه، في مدينة الرصيفة. ووفق الخبر، فقد ضرب المراجع الطبيب على عينه بأسفل مسدس كان يحمله، ما تسبب له بجرح في العين.
المواقع أرفقت بالخبر صورة لطبيب وجهه غارق بالدماء، وممدد على سرير الإسعاف، يتلقى العلاج. لكن اللافت في الصورة أن الاسم المكتوب بحروف صغيرة على ردائه هو إيهاب وليس حمزة. وعندما قمنا بتتبع الصورة، اتضح أنها لطبيب تعرض فعلا لاعتداء، لكنه ليس الطبيب المعني في الخبر، بل للدكتور إيهاب أبو سعدة، من المستشفى الإسلامي، الذي كان قبلها بسنة تقريبا، قد تعرض أيضا لاعتداء من أحد مراجعي للمستشفى، وقد غطت وسائل إعلام الخبر وقتها، ونُشرت هذه الصورة، مع صور أخرى في سياق تلك التغطية. ومن المواقع التي نشرته خبرني وعين الأردن وأخبار البلد وتصوير نيوز وغيرها.
يتضح لنا من خلال متابعة تلك الأخبار أن وسائل الإعلام تناقلت الخبر السابق بدون التثبت من صحته، لا من حيث الوقائع، ولا من حيث الصورة "المفبركة"، التي لم تكن، في النهاية، الاختلال المهني الوحيد فيه، إذ إن الخبر يفتقر إلى الإجابة عن أحد الأسئلة الخمسة المفترض أن يجيب عنها أي خبر، وهي ماذا ومن ومتى وكيف ولماذا، فهو لم يذكر أي معلومة عن دافع الاعتداء، بل ذكر أن المعتدي راجع الطبيب مع طفلته ووالدته وأصدقائه، وأنه أثناء دخوله "قام بالسب والشتم وكان الطبيب يحاول تهدئته وأبرز السلاح في وجهه وهدده بالقتل مما جعل الطبيب يتراجع خوفا من السلاح وقام رفاقه بالاعتداء عليه داخل العيادة". ورغم أن الخبر ذكر أن المعتدين لاذوا بالفرار، فإننا لا نجد، بعد أربعة أشهر من التتبع بعد وقوع الحادثة، أي متابعة للخبر.
الخبر السابق هو مثال على الطريقة التي تتعامل بها وسائل الإعلام مع أخبار هذه الاعتداءات، فرغم تكرار هذه الحوادث، ورغم تحولها النوعي، كما سبقت الإشارة، فإن التغطيات لا تؤشر على أن وسائل الإعلام، بشكل عام، تبذل جهدا حقيقيا خاصا في التعامل معها، إذ يكفي أن تنشر صحيفة يومية أو موقع إخباري خبر واقعة اعتداء، لينتشر نص الخبر في مواقع وصحف أخرى، كما هو، أو بتغيير طفيف في صياغة عبارة هنا أو هناك، ما يعني أن هذه الوسائل لم تبذل أي جهد خاص في استقصاء تفاصيل الواقعة.
كما يتجلى ضعف التعامل الإعلامي المهني مع هذه الانتهاكات في إخلال معظم تغطياتها، كما سيتضح في هذا التقرير، بمعايير أساسية، أولها التوازن، إذ استند معظمها، كما سنرى، إلى رواية طرف واحد غير محايد، وأُهملت الأطراف الأساسية الأخرى. كما أخلّت التغطيات في معظمها بمعيار الوضوح، إذ غُطّيت الحوادث من دون الحدّ الأدنى من المعلومات اللازمة لفهم ما حدث، أو بمعلومات يكتنفها النقص أو الغموض، ما يجعل هذه التغطيات تثير أسئلة بدل أن تقدم إجابات.
إضافة إلى ما سبق فإن معظم هذه التغطيات قد أخلّت بأحد معايير المصداقية والمهنية الأساسية لوسائل الإعلام وهي "المتابعة"، إذ ما زالت معظم الوقائع التي رُصدت في سياق هذا التقرير بلا متابعة حتى للحدّ الأدنى من تطوراتها.
يستند هذا التقرير إلى تحليل التغطيات التي أوردتها وسائل الإعلام بنوعيها؛ المطبوع والإلكتروني لوقائع الاعتداءات على الكوادر الصحية والتعليمية، منذ بداية العام الحالي، وقد حُصرت هذه التغطيات باستخدام آلية البحث المتقدم من غوغل، باستخدام الكلمات المفتاحية: اعتداء طبيب، أطباء، ممرض، ممرضة، ممرضين، معلم، معلمة، معلمين، ضمن الفترة الزمنية من 1 كانون الثاني (يناير) الماضي إلى يوم 5 أيار (مايو) الجاري. واقتصر التقرير على حوادث الاعتداء التي استُهدف فيها الأشخاص لأسباب تتعلق بممارستهم لمهنتهم، إذ لوحظ أن نقابة المعلمين مثلا، تضمّن بياناتها وإحصائياتها المتعلقة بالاعتداءات على المعلمين حوادث لا تتعلق بممارستهم للمهنة، مثل اعتقال المعلمين لأسباب سياسية. في حين يُعنى هذا التقرير بالاعتداءات المرتبطة بالأداء المهني للأشخاص المعتَدى عليهم.
اشتمل الرصد على 28 حادثة اعتداء منفصلة، 16 منها في قطاع التعليم، و12 في القطاع الصحي، غُطيت في 48 وسيلة إعلام بـ217 خبرا، منها 78 خبرا لحوادث الاعتداء على العاملين في "الصحة"، و139 خبرا للعاملين في التعليم. وقد تتبع "أكيد" تغطيات كل واحدة من هذه الحوادث في وسائل الإعلام، حيث تبين ما يأتي:
التغطيات متطابقة أو شبه متطابقة:
السمة الأولى لتغطية وقائع الاعتداءات التي تم رصدها هي أنها في أغلبيتها الساحقة كانت متشابهة، ففي 24 واقعة من أصل 28، أي بنسبة 89% تقريبا، كانت متطابقة تماما نصّا، أو شبه متطابقة، بعد تغيير صياغة عبارة هنا أو هناك. ويحدث هذا التطابق في حالتين:
الأولى: أن تكون التغطية في الأصل بيانا صحفيا، أصدرته الجهة المعنية، وهي هنا النقابات، ووزعته على وسائل الإعلام، فنشرته الأخيرة كما هو، وهذا حدث بالتحديد في حوادث الاعتداء على معلمين، إذ كانت بيانات نقابة الصحفيين، هي ذاتها التغطيات في تغطيات 11 من أصل 16 حادثة اعتداء، ومن أمثلتها خبر اقتحام شاب "أزعر"، كما وصفه بيان نقابة المعلمين، ساحة مدرسة، ونُشر في مواقع منها الوقائع وسواليف والوكيل، وخبر اعتداء طالب على معلم بـ"قنوة"، الذي كان بيانا للنقابة، وغطّته وسائل إعلام منها السبيل والدستور والغد وهوا الأردن والسياسي.
الثانية: أن تكون التغطية خبرا حصريا لوسيلة إعلام، فتنقله عنها الوسائل الأخرى، مثل حادثة الاعتداء على طبيبن في مركز صحي في الرصيفة، وهو خبر لـ"السبيل"، ونقلته عنها مواقع منها "كرمالكم" و"السياسي" و"النهر نيوز".
التغطيات ناقصة معلومات أساسية:
في تغطيات 7 وقائع، لم يعرف الجمهور سببا للاعتداء، فلم يكن معروفا، مثلا، لماذا هاجم رجل كان يراجع بطفلته طبيب المركز الصحي في الرصيفة؟ وذلك في الخبر الذي نشر كما تقدّم في مواقع منها الأثير نيوز والسفير نيوز وجلعاد . ولماذا اعتدى ستة طلاب في لواء الجيزة على معلمهم بـ"الهراوات"؟ وهو خبر نُشر في"السبيل" و"الدستور" و"الكون نيوز"، و"ع جو" وغيرها. ولماذا رمى طلاب مدرسة في السلط معلمهم بالحجارة؟ كما ورد في موقع "الحقيقة الدولية" و"البلقاء اليوم"، وغيرها.
وفي تغطيات 4 وقائع، كان السبب المذكور غامضا، لا يوفر الحد الأدنى من المعلومات اللازمة للفهم، مثلا في خبر اعتداء شاب على طبيبين في مركز صحي في الزرقاء، يُذكر أن سبب الاعتداء هو أن الأطباء في المركز طلبوا من الشاب الذي جاء لإجراء فحص ما قبل الزواج أن يحضر عروسه (أو) وليّ أمرها لأنها قاصر، إلا أن الشاب رفض الطلب. والسؤال هنا، هل جاء الشاب ليجري فحص الزواج لعروسه من دون حضورها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا طلب الأطباء إحضار وليّ أمرها بدلا منها؟ كما تقترح صياغة الخبر.
وفي خبر اقتحام أقارب طالب في الزرقاء مدرسته بالسواطير والسلاح الناري، ومهاجمتهم المعلمين، يُذكر أن السبب هو أن الطالب كان قد تعرض للضرب من طلبة آخرين في مشاجرة "خارج وقت المدرسة"، لهذا لم يكن واضحا لمَ يهاجم ذووه المعلمين. وهو خبر نُشر في مواقع منها "خبرني" و"الكون نيوز" و"طلبة نيوز".
وفي خبر آخر، يُذكر أن طلبة مدرسة في الرصيفة اعتدوا على مدير المدرسة ومعلم فيها، وكسروا ممتلكات المدرسة بسبب "استدعاء أحد المعلمين ولي أمر طالب فيما يتعلق ببعض القضايا التربوية"، لكن الخبر الذي نُشر في مواقع منها "الكون نيوز" و"نجم نيوز" و"عمون"، لم يوضح المقصود بالـ"القضايا التربوية".
كما لم يكن واضحا لماذا يعتدي ذوو مريضة على ممرضين في قسم الطوارئ في مستشفى في الزرقاء، ويكسروا محتويات القسم، إذا كانت قريبتهم أصلا "وصلت المستشفى في حالة وفاة"، كما ذكر الخبر الذي نشرته "الرأي" و"الغد" و"الدستور" و"خبرني" وغيرها.
حتى الأخبار التي يُذكر فيها دافع للاعتداء، فإنه يتسم بعدم الوضوح، ويتمّ باختصار مخلّ، لا يوفر فهما حقيقيا لحيثيات هذا الدافع، فهناك خبر نشرته مواقع "المدينة نيوز" و"البوصلة" و"جراسا" وغيرها، عن توجيه شخص "لكمة" لطبيب في مستشفى البشير في عمان، لأن الطبيب رفض صرف دواء لقريبته من دون معاينة، ولم يذكر أي معلومة عن الحالة المرضية للسيدة، وظروف المطالبة بصرف الدواء بدون فحص.
كما أن خبرا نُشر في "الغد" و"مواقع "ابشر" و"الوكيل" و"كرمالكم" وغيرها، عن اعتداء شخص على طبيب في مستشفى في مادبا، و"تحطيم مركبته" لأن هذا الشخص أصر على إجراء صورة طبقية لمريض يخصّه قبل موعدها، لم يذكر أي معلومة عن الحالة المرضية للمريض، وإن كان لذلك علاقة باستعجاله التصوير.
وهناك خبر عن اعتداء طالب توجيهي على رئيس قاعة بـ"لكمه وسبه وقدحه وذمه" بسبب تسليم الأخير له ورقة حرمان من تقديم الامتحان، ولم يذكر شيئا عن السبب الذي من أجله أٌوقعت هذه العقوبة بالطالب. وهو خبر نُشر في صحف ومواقع منها "الدستور" و"عمان 1" و"الشعب نيوز".
إن الأغلبية الساحقة من تغطيات حوادث الاعتداء التي رصدها "أكيد" وجدنا أنها تعاني من نقص جوهري في المعلومات، يعيق فهم حيثيات الواقعة، وهو نقص يتعلق أساسا بجانب المعتدي من القصة، الذي أغفلت التغطيات ذكر دوافعه، فجعلت الاعتداء يبدو كما لو أنه قادم من فراغ، أو أنها ذكرت سبب الاعتداء، لكن بغموض وعلى لسان آخرين غير محايدين، فمن بين الـ28 واقعة اعتداء التي رصدها هذا التقرير، كان هناك تغطية واحدة، أوردت رواية المعتدي، هي حادثة اعتداء أقارب تلميذ في الصف الخامس، في الشوبك، بالأسلحة النارية على معلم صفعه، إذ نقل موقع "جو 24"، عن والد التلميذ أن المعلم شتم التلميذ وعائلته، وأنه فعل ذلك "تصفية لحسابات عشائرية قديمة".
إن سماع روايات شتى الأطراف للواقعة ذاتها يضمن نقل تغطية هي الأقرب إلى ما حدث فعلا، وهو أمر لا يبدو بالإمكان أن تحققه تغطيات غلب على معظمها "الصوت الأحادي"، وهي سمة معظم التغطيات في هذا الرصد، فقد كان هناك 13 من بين الـ28 واقعة اعتداء، أي بنسبة 46% تقريبا، اعتمدت تغطياتها، نقابة المعتَدى عليه، مصدرا وحيدا للمعلومات، علما بأن النقابة في جميع هذه التغطيات، كانت صوتا للمعتدى عليه، وناقلا غير مباشر لروايته.
أما في في التغطيات الـ15 الأخرى، فقد خلت تغطيات واقعتين من أي مصدر للمعلومات، وهذا يعني أن هناك 13 واقعة فقط، من أصل 28، تضمنت تغطياتها مصادر من غير نقابتي المعلمين والأطباء، علما بأن النقابتين كانتا حاضرتين مع مصادر أخرى في تغطيات 3 حوادث اعتداء، إضافة إلى الحوادث الـ13 التي انفردتا برواية وقائعها.
لكن، مع أن 13 واقعة اعتمدت تغطياتها مصادر من خارج النقابات، إلا أن هذا لم يحقق، مع ذلك، الحدّ الأدنى من التوازن، ذلك أن التغطيات الـ13 قد أفردت معظم المساحة لروايات مجموعة من الأطراف تشترك (ظاهريا على الأقل) في المصلحة، فقد تضمنت تغطيات 8 وقائع منها روايات المعتدى عليهم، أو (و) نقابتهم، وزملائهم، مقابل واقعة واحدة، تضمنت، كما تقدم صوتا للمعتدي. وبذلك فإنه في المحصلة الكلية كان هناك ـ21 حادثة اعتداء، بنسبة 75% من مجمل الحوادث، حضرت في تغطياتها، بشكل مباشر أو غير مباشر، رواية المعتدى عليهم من كوادر صحية وتعليمية، مقابل حادثة واحدة، تشكل 4% تقريبا، سُمع فيها صوت المعتدي.
ومن الضروري التأكيد هنا على أن المطالبة بإفساح المجال أمام المعتدي ليقول قصته لا يُقصد به منحه فرصة تبرير الاعتداء المرفوض مطلقا، بل منح الجمهور فرصة فهم دوافعه، ذلك أن عرض الإعلام لدوافع الانتهاكات يوفر إمكانية فهمها، ومن ثمّ التعامل معها ومعالجتها. إضافة إلى أن رواية الطرف المعتدي قد تكشف جوانب قصور في الأداء المهني للطرف المعتَدى عليه، فتصبح التغطية الإعلامية بهذا المعنى أداة مراقبة ومحاسبة للطرفين.
ورغم أن بعض الصحف اهتمت بمتابعة القضية بتقارير تحليلية، لكن هذا التحليل لم يسبقه، كما تقدّم، تغطية توفر الحدّ الأدنى من المعلومات عن حوادث الاعتداء نفسها، وهي المعلومات اللازمة لأي تحليل. ويُذكر هنا، نقص نشر المعلومات الصادرة عن الجهات الأمنية والقضائية التي تشكل أحد أهم أطراف هذه القضايا، إذ نجد أن هذه الجهات حضرت مصدرا للمعلومات في تغطيات 5 وقائع فقط، من مجمل التغطية، أي بنسبة 18%.
في السياق نفسه، فإن ما يعمّق هذا النقص في المعلومات حقيقة أن هذه الحوادث، على فداحة وقائعها، كما تبين سابقا، اتّسمت بضعف المتابعة، إذ إن 21 حادثة اعتداء، أي بنسبة 75% وقفت تغطيتها عند خبر واحد، في حين غُطّيت 7 حوادث فقط بأكثر من خبر، وهذا أدى إلى أن معظم هذه الوقائع ما زال أحداثا مفتوحة، لم يوفر الإعلام للجمهور أي معلومة عن تطوراتها، فمن بين تغطيات 28 واقعة اعتداء، هناك 10 وقائع اقتصرت تغطياتها على ذكر واقعة الاعتداء، من دون أن تذكر إن كان المعتدى عليه قد اشتكى، أو إن كان قد قُبض على المعتدي. وهناك 11 واقعة توقفت تغطياتها عند نشر خبر المعتدى عليه حين تقدّم بشكوى، لكن من دون ذكر لأي إجراء ضد المعتدين، في حين ذكرت تغطيات 7 وقائع فقط أن المعتدين أُلقي القبض عليهم. وهذا نمط تغطية قد يجعل الإعلام مساهما، لا في "تطبيع" الجمهور على العنف فقط، بل في تطبيعه على فكرة ضعف حضور القانون في حياة الناس، في وقت من المفترض أن يكون فيه هذا القانون هو الحكم الفاصل في المنازعات بين الناس، صغيرها وكبيرها، لكن مع هذا الكمّ من حوادث العنف التي نشرت وسائل الإعلام أخبارها، من دون متابعة تبعاتها، فإن الإعلام يجعل الأمر يبدو كما لو أنه عنف مرّ من دون عقاب.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني