أحمد أبو خليل
ما بين 13 كانون الثاني (ديسمبر) 2015، و 22 كانون الأول (يناير) 2016، كان قد مر 40 يوما قبل أن يصل خبر اعتقال الصحفي الأردني تيسير النجار في الإمارات العربية المتحدة إلى أية وسيلة إعلام أردنية.
ولكن حتى هذا الوصول المتأخر للقضية إلى الإعلام له قصة:
الصحفي وليد حسني، الذي كان أول من بادر إلى طرح الموضوع على صفحته الشخصية على "فيسبوك" قال لـ"أكيد" إن "الحلاق" الذي يقص شعره في صالونه، هو من أبلغه بالحادثة!.. ولعل هذا يذكرنا بأن الحلاق الذي يعدّ من أقدم وسائل الإعلام الشعبية، لا يزال يلعب دورا! بل إنه في حالتنا دور تجاوز أدوار الوسائل الحديثة.
في التفاصيل، أن الصحفي اعتقل في 13 كانون الأول، ولم تتمكن أسرته من الحصول على أي معلومة إضافية من أي نوع بما في ذلك سبب الاعتقال. ووفق زوجة الصحفي النجار، الفنانة التشكيلية، ماجدة الحوراني، فهي –كما قالت لأكيد- بعد حادثة الاعتقال مباشرة، أبلغت أولا، وزارة الخارجية، بوصفها الجهة المسؤولة، كما أبلغت نقيب الصحفيين، (وهو رئيس تحرير يومية الرأي)، قبل أسبوعين من تاريخ نشر القصة على "فيسبوك".
صحيفة "الرأي" حتى لحظة كتابة هذا التقرير لم تنشر شيئا عن القصة، بل لم تغط ما قاله نقيب الصحفيين، بينما وردت إشارت متواضعة، ومتأخرة نسبيا، في الصحف الورقية الأخرى؛ إذ نشرت صحيفة الغد في 26 كانون الثاني، خبرا قصيرا بعنوان: "الخارجية والصحفيين تتابعان قضية احتجاز النجار في الإمارات". أما صحيفة "السبيل" فقد نشرت الخبر منقولا عن صحيفة تصدر في لندن، ثم أجرت متابعة أكثر تفصيلاً في وقت لاحق. ونشرت صحيفة الدستور الخبر في متابعة قصيرة يوم الخميس 28 كانون الأول، إضافة إلى مقالة رأي للكاتب فيها إبراهيم القيسي، الذي خصص للقضية عموده اليومي يوم 27 كانون الثاني.
المواقع الإخبارية أعطت القضية اهتماما أكبر، لكن صنف المادة المنشورة لم يكن بالوتيرة المعتادة في حالات شبيهة. فالموضوع ينطبق عليه التعبير الدارج في وسائل الإعلام وخاصة المواقع: "العنوان البياع"، الذي "يجلب قرّاء"، بمعنى أنه من نوع العناوين التي تحظى باهتمام كبير من قبل القراء. لكن وسائل الإعلام قررت –كما يبدو- عدم عرضه للبيع على واجهاتها الرئيسية.
وحتى الجهات والمؤسسات والمراكز التي تشتغل بقضايا حقوق الصحفيين وحرياتهم، أو حقوق الإنسان عموما، فهي أيضا لم تقم بما اعتادت أن تقوم به حتى عندما يتعلق الأمر بحادثة شبيهة تحصل في أقصى بلاد الدنيا.
في السياق نفسه، فإن الصحفيين الأردنيين الذين يعملون في دول الخيلج العربي، بالقرب من موقع اعتقال زميلهم، أحجموا عن الكتابة والتعليق، رغم سخائهم في الكتابة عن مواضيع مماثلة وخاصة تلك التي تتعلق بالحريات.
الردود التي تتلقاها عائلة الصحفي النجارمن الجهات المسؤولة، تتحدث عن عمل يجري بصمت. ووفق الصحفية غادة الشيخ التي تتابع قضايا الحريات الصحفية في "الغد"، فإن أهالي المحتجزين يرضخون، في العادة، لمطلب "عدم الشوشرة" على الجهود المبذولة! والمقصود بعدم الشوشرة هو وصول القضية إلى الإعلام، ونشرها للعموم.
القصة التي بين أيدينا، ومهما كان محتواها القضائي، توحي بواحد من اثنين: إما أن الإعلام، او قسم منه على الأٌقل، يقرّ فعلا بكونه أداة "شوشرة"، ولهذا فضل الهدوء، أو أن الأمر يتعلق بقضايا يمكن طرقها بحرية وصت عال، وأخرى يتعين الحذر تجاهها!
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني