ايدين وايت – شبكة الصحافة الأخلاقية
ترجمة: سعد الفاعور/ خاص بـ"أكيد"
في رصدها لأهم مواضيع الصحافة العالمية خلال العام المنصرم 2015، سلطت شبكة "الصحافة الأخلاقية" الضوء على أهم وأبرز القضايا التي تعاطت معها وسائل الإعلام، التي تصدرتها قضايا: "الإرهاب، خطاب الكراهية، أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية".
الشبكة في تقريرٍ موسع، بقلم المحرر "ايدين وايت"، ركزت على دورها الأخلاقي الذي مارسته بوصفها مرصدا مختصاً بمراقبة الأداء المهني لوسائل الإعلام، من منظور "أخلاقي"، وعلى دورها في حث العاملين في الصحف الورقية، وغرف الأخبار في محطات التلفزة والإذاعة، على التحلي بأرفع درجات المسؤولية في تجنب التحريض وإثارة مشاعر الكراهية، والاكتفاء بنقل الأحداث فقط.
وفيما يلي ترجمة للتقرير، الذي حمل عنوان "عام تحت المجهر: الإرهاب وخطاب الكراهية وأزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية".
كان 2015، "عام اختبار للصحافة". بدأ مع مقتل 10 من الصحفيين ورسامي الكاريكاتير من بين الذين قتلوا من قبل إرهابيين في مذبحة الضمير في مكاتب مجلة "شارلي ابدو" في باريس. في غضون ساعات نشرت شبكة الصحافة الأخلاقية (EJN) مقالا ينطوي على نصيحة إلى الصحفيين للدفاع عن حرية التعبير، ولكن أيضا خفض درجة التوتر، للقضاء على خطاب الكراهية وتجنب تشجيع أعمال الانتقام أو الإساءة للمسلمين. طالبنا الصحف بأن يكون إيقاعها "بطيئاً"، وغرف الأخبار بالتفكير ملياً في كيفية تغطية القصة والتعامل معها.
لقد أثارت أحداث باريس الكثير من الأحاديث والمداولات في الأوساط الإعلامية، فيما يتعلق بحرية التعبير والرقابة الذاتية والمسؤولية الأخلاقية. وكانت شبكة "الصحافة الأخلاقية" حاضرة وسط هذا النقاش. وقد نشرنا مقالة ثانية، نحث فيها الصحفيين على الاعتماد على تقاليد ومواثيق المهنة، عند كتابتهم حول الأحداث الإرهابية، للتحرر من فخ الدعاية السوداء، وأساليب التحريض على العنف والكراهية التي مُررت - من قبل بعض المتطرفين – بدهاء، في بعض وسائل الإعلام، وفوق كل شيء، من أجل تقديم قصة إنسانية.
لقد نوقشت رسالتنا في العديد من المنابر الإعلامية المتنوعة، في مؤتمر باريس الذي شاركت به وسائل متنوعه، ونظمته (اليونسكو)، وفي مؤتمر بروكسل الذي نظمه (نادي الصحافة في بروكسل والاتحاد الأوروبي للصحفيين)، وفي مؤتمر فلورنسا، الذي نظمه (المركز الأوروبي للتعددية الإعلامية)، وكذلك في بكين وطوكيو، بالتعاون مع صحفيين من البلدين، وفي دلهي، على هامش مؤتمر (الرابطة الدولية للنساء العاملات في الإذاعة والتلفزيون)، وفي كيب تاون، بالتعاون مع (منظمة أخبار أمناء المظالم)، وفي دار السلام ونيروبي، بالتعاون مع (الاتحاد العالمي لحرية الصحافة)، وفي جوهانسبرغ، بالتعاون مع (منتدى قادة الإعلام الإفريقي)، وفي ريغا، على هامش احتفالات (اليوم العالمي لحرية الصحافة). كما جرى التطرق للرسالة في اجتماعات أخرى في كل من: لندن، أوسلو، سراييفو، كييف، اسطنبول، القاهرة، رام الله، الخليل، الدوحة، فيينا، كما نوقشت أيضا خلال مؤتمر (المعهد الدولي للصحافة) في جامعة ولاية ميسوري.
اختبار خطاب الكراهية
يحضر خطاب التعصب، والتدخل السياسي، بشكل دائم، في سياق العمل الصحفي. وقد أطلقنا برنامجاً تدريبياً في فلسطين، فكرته الرئيسية تقوم على الجمع بين المختصين في تدريس الإعلام وقادة وسائل الإعلام الفلسطينية. وقد أنشيء هذا المشروع الرائد بشكل يسمح ببناء شراكة بين وسائل الإعلام الفلسطينية والجامعات ونقابة الصحفيين. فالموضوع الرئيسي للبرنامج هو تعزيز جسور التواصل بين مدرسي الصحافة في الجامعات وقادة وسائل الإعلام من ناشرين وكتاب وصحفيين.
الإعلام الفلسطيني، هو جزء من برنامج إقليمي، يتضمن هذا العام، خطة للعمل على مساعدة الصحفيين في سورية لوضع مدونة لقواعد السلوك، وجمع قادة الإعلام العربي، في مصر، خلال تشرين الثاني/ نوفمبر، لمناقشة إمكانية إنشاء مركز الإعلام في الشرق الأوسط لمواجهة خطاب الكراهية.
ولكن، حتى وإن استمرت سيطرة خطاب الكراهية، وشكلت سحابة قاتمة في سماء العمل الإعلامي، فإنه يجدر التنويه إلى أن قضايا: الهجرة واللاجئين، قد وضعت الصحافة العالمية أمام اختبار هو الأصعب في 2015، رغم أنها كانت أيضاً ملهمة للعديد من الوسائل لتقديم قصص صحفية كبرى.
في نيسان/ أبريل الماضي، أبرزت شبكة "الصحافة الأخلاقية"، مثال صادم على الكراهية، بقلم "كيتي هوبكنز"، الذي يكتب عموداً صحفياً، في صحيفة "ذا صن"، إحدى أكثر صحف "التابلويد" البريطانية مبيعاً، وصف فيه المهاجرين بـ "الصراصير"، وهو مصطلح، "مسيء"، استخدم من قبل النازيين، والمسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية في رواندا. المقالة واجهت إدانة شديدة من داخل وخارج الوسط الصحفي، كما أدانها بشدة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وقد احتلت قضية "الهجرة"، الصفحة الأولى في جميع وسائل الإعلام الدولية، في سبتمبر الماضي، مع التركيز على مأساة وفاة الطفل الكردي "إيلان"، الذي غرق بعد أن فرت عائلته من الحرب في سورية، لتصبح صورته "أيقونة" للتكلفة البشرية الباهظة، لأزمة اللاجئين.
لقد درست شبكة الصحافة الأخلاقية المعضلات التحريرية التي تواجه وسائل الإعلام، خاصة في ظل التحديات السياسية في أوروبا وأماكن أخرى. وقد فوضنا كتابا وصحفيين في 14 بلداً، بمساعدة من شبكة "أخبار ومراقبة المناخ" لاستعراض الكيفية التي غطى بها الصحفيون قصة الطفل "إيلان" وقضية الهجرة.
قصص مؤثرة: تغطية الإعلام للهجرة
في 18 ديسمبر، أطلقنا تقريراً عن القصص المؤثرة، بالتزامن مع اليوم الدولي للمهاجرين. وقد حظي بحفاوة على نطاق واسع، على الرغم من أنه كشف أن بعض التغطيات الصحفية فشلت في قول القصة كاملة، بفعل تدخلات السياسيين والإعلاميين المتطرفين عديمي الضمير، رغم وجود بعض الأمثلة على التغطية المهنية المدروسة بشكل جيد.
كان واضحاً، أن التركيز انصبَّ على ملايين المهاجرين الهاربين من الحروب والصراعات في سورية والعراق، وأن الآلاف يخاطرون في حياتهم للوصول إلى أوروبا عن طريق البر والبحر، ولكننا كنا ننظر أيضاً إلى جوانب أخرى تتعلق بالهجرة، من بينها التحولات السكانية في جنوب أفريقيا، والهجرة الداخلية في الصين.
التقرير حذر من مخاطر التغطية الإعلامية، التي تخضع للتأثيرات السياسية وهيمنة أجندة خطاب الكراهية، التي تستخدم لغة فضفاضة ومتطرفة، موصياً وسائل الإعلام بتعيين صحفيين متخصصين بقضايا الهجرة، لتوفير المزيد من الخبرات المؤهلة والمدربة، القادرة على توخي الحذر أكثر من أي وقت مضى، وتجنب خطاب الكراهية في تغطية قصة الهجرة واللجوء.
ستظل قصة الهجرة، هي الطاغية على عناوين الصحف في عام 2016، وكما أشرنا في الاجتماع الذي تم اشهاره في الرباط، فإن وسائل الإعلام ستظل تواجه تحدياً مستمراً يمنعها من سرد القصص في إطار من الحقائق والتحليل الذي يغلب عليه الطابع الإنساني.
لقد أثيرت، أيضاً هذه القضايا في منتدى الصحافة الآسيوي في سنغافورة، في آب / أغسطس، وركزت على قصة الهجرة، بما في ذلك محنة اللاجئين "الروهينجا"، مسلمي ميانمار، الذين يفرون من الاضطهاد الديني. وخلال اللقاء نظمت شبكة "الصحافة الأخلاقية" دورتين، وحددت اختباراً من 5 نقاط، لتحديد خطاب الكراهية، ومساعدة الصحفيين والمحررين على التعامل مع التحريض والكراهية الشديدة في وسائل الإعلام.
أطلقت الشبكة في عام 2015، تقريرين آخرين، وهما: "عامل الثقة" الذي غطى 16 دولة، وركز على مجموعات التنظيم الذاتي في وسائل الإعلام، والثاني بعنوان "قصص لم ترو"، وغطى 18 دولة، وركز على تقديم قراءة واقعية بالنسبة لأي شخص، لديه قلق حول مستقبل الصحافة. التقرير تتطرق كذلك إلى تأثير التدخلات الخارجية والتأثيرات السياسية والحكومية على وسائل الإعلام وكذلك تأثير الاعلانات وعدم وجود الشفافية وتآكل معايير المهنية.
عززت الشبكة صلاتها مع مجالس الصحافة، ومجموعات التنظيم الذاتي، خلال العام الماضي، وستواصل تعزيز علاقاتها خلال العام المقبل، وفي هذا الاطار ستطلق برنامج "غرب البلقان" الذي يهدف إلى مساعدة وسائل الإعلام في البوسنة والهرسك وصربيا وألبانيا ومقدونيا وكوسوفو وتركيا لتقوية وتعزيز معايير التنظيم الذاتي. لقد بينا أهمية ذلك خلال محاضرة ألقيت في مؤتمر قمة الإعلام في بلغراد في سبتمبر الماضي، حيث ركزت المناقشات على المعركة من أجل الاستقلال التحريري في بيئة سياسية معادية.
بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن الشبكة عملت بشكل وثيق مع أنصارها خلال العام المنصرم، كما عملت على تعزيز ذاتها، حيث تبنى اجتماع ديسمبر في لندن أهداف وغايات للشبكة، واستراتيجية جديدة للمضي بأعمالنا نحو الأمام.
وباختصار، فإننا سنواصل بذل الجهد ذاته، وتعزيز العمل من أجل مساعدة الصحفيين على مواجهة الأزمات، وسنعمل أيضاً على توفير أدوات جديدة وتطبيقات على شبكة الإنترنت لمساعدة الصحفيين، بالإضافة إلى توفير مواد تعليمية جديدة.
مساءلة الصحافة
بدأنا هذا العمل في 2015، مع إطلاق مبادرة "مساءلة الصحافة"، عن طريق تطبيق على الانترنت يسمح للمستخدمين بالبحث في مدونة وقواعد السلوك الصحفية وأخلاقيات المهنة عن طريق قاعدة بيانات وعبر كلمات بحث متنوعة، تشمل: نوع المؤسسة، الموضوع، المنطقة، السنة، البلد. وهي أكبر قاعدة بيانات من نوعها، جرى تطويرها بالتعاون مع معهد "رينولدز للصحافة" في كلية ميسوري العالمية.
الأهم من ذلك، سنطلق في 2016 مبادرة جديدة، بعنوان "الصحافة الأخلاقية"، من أجل حرية التعبير. وهي حملة تؤكد على أهمية الأخلاق وممارسة ضبط النفس في الخطاب العام.
والهدف من ذلك هو تعزيز قيم الصحافة وأهمية حرية التعبير من خلال التأكيد على أنه لا يوجد تناقض بين حرية التعبير والإجراءات الرامية إلى تشجيع الاتصالات المسؤولة.
قصص لم ترو: الفساد وتضارب المصالح في غرف الأخبار
إن المبادئ الأساسية للصحافة، التي تتمثل، بعناصر: الدقة، الحياد، الإنسانية، الاستقلالية، الشفافية والمساءلة، قد لا تكون مناسبة لجميع المعنيين والعاملين في الوسائل الإعلامية، إلا أن ثلاثة من هذه المبادئ الأساسية، تعكس مدى التمسك بالحقائق، وتظهر مستوى الإنسانية والشفافية، في التعامل مع القصة الخبرية، وتسهم في تطوير العمل وتصحيح الأخطاء، باعتبارها حجر الزاوية في جميع وسائل الإعلام.
إن هذا العمل، سوف يفتح الباب لمناقشات جديدة تسهم في تحسين وتعزيز وضع الصحافة، وتشجع الحكومات – التي تشعر بالقلق من تجاوزات الإعلام – على عدم استخدام القانون للسيطرة على شبكة الإنترنت والحد من حرية التعبير.
لقد حققنا انجازاً في سلسلة اجتماعات عامة نظمت بالاشتراك مع جامعة "سيتي" في لندن، خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2015، وكذلك خلال مشاركتنا في اجتماعات الطاولة المستديرة مع خبراء الاتحاد الأوروبي في مجال الاعلام الجديد ومحو الأمية، وفي عام 2016 سوف نتوسع في هذا العمل. ومن المقرر أن نتعاون مع شركاء في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني