وسائل الإعلام يمكن أن تكون مهنية ووطنية في الآن ذاته

وسائل الإعلام يمكن أن تكون مهنية ووطنية في الآن ذاته

  • 2017-01-11
  • 12

أكيد- أنور الزيادات

رغم أن دعوات الملوك والرؤساء العرب إلى اجتماع القمة الذي سيعقد في عمان، تعد من الشؤون البروتوكولية الاعتيادية وتغطى أخبارها في هذا السياق، إلا أن دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لحضور القمة كانت موضوعاً لأخبار متنوعة استدعت قدرا من التحليلات والتداعيات الإعلامية، وذلك بسبب معلومة خاطئة نشرتها وسيلة إعلام غير محلية.

فقد نشر موقع "رأي اليوم" اللندني الذي يرأس تحريره الصحفي عبدالباري عطوان، في 3 كانون ثاني الحالي خبرا بعنوان: القمة العربية: أمير قطر لا يريد استقبال ناصر جودة والسيسي يضغط على الأردن من أجل دعوة دمشق، ونشر الخبر باعتباره خاصاً بالموقع،  وجاء في مطلعه: "السلطات الأردنية تعتبر اعتذار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد عن استقبال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مؤخرا مؤشرا حيويا على أن الأمير القطري قرر مسبقا مقاطعة القمة في نسختها الأردنية خصوصا وأن جودة كان ينوي زيارة الدوحة لتقديم بطاقة الدعوة رسميا".

هذا الخبر نقلته العديد من المواقع المحلية منسوباً إلى وسيلة الاعلام التي تم النقل عنها"  وبالعنوان ذاته: "أمير قطر لا يريد استقبال ناصر جودة والسيسي يضغط على الأردن.

لكن موقعاً آخر أجرى تحققاً من المعلومات الواردة في هذا الخبر، وحصل على تصريح من مصدر أردني ذي صلة نفى فيه "الأنباء التي تتحدث عن اعتذار دولة قطر عن استقبال وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة لتسليمه دعوة للمشاركة في القمة العربية". وما قام هذا الموقع يعد ممارسة مهنية صحيحة في التعاطي مع مثل هذا الخبر.

وبعد ستة  أيام من بدء تداول هذه القصة، كانت وسائل الإعلام تنقل خبر استقبال الأمير القطري لوزير الخارجية الذي سلمه رسالة من الملك عبدالله الثاني تتضمن دعوته لحضور القمة.

نشر الخبر محلياً، غير أن الموقع اللندني "رأي اليوم" تجاهل الخبر الجديد ولم يعتذر عن الخبر غير الصحيح الذي نشره مسبقاً، بل أبقاه منشورا كما هو، كما لم يقل –مثلاً- إن خبره كان صحيحاً في حينه ثم حصلت معطيات جديدة.

في ظل الظروف السياسية الحالية، فإن الخطأ في مثل هذه الأخبار لا يعد شأناً إعلاميا بسيطاً، وقد أحدث الخبر بالفعل قدرا كبيرا من الانفعال في الرأي العام معبراً عنه من خلال ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ذلك أن رفض استقبال الدعوة لو كان صحيحاً، فإنه عادة ما يحتمل الكثير من التداعيات السياسية وغير السياسية.

وإذا كانت وسيلة إعلامية أجنبية ترى أنها متحللة من الضوابط المهنية عندما يتعلق الأمر ببلدان أخرى، وهو تحلل غير جائز مهنياً بالطبع، فإن ذلك يدفع باتجاه احتمال وجود أهداف لا علاقة لها بمهمة الإعلام في نشر الأخبار، لا سيما مع امتناع وسيلة الإعلام عن تصحيح الخطأ الذي مارسته. هذا فضلاً عن تكرار مثل هذه "الأخطاء" من قبل الوسيلة ذاتها التي يرأسها صحفي معروف.

غير أن الجدير بالإشارة هنا، أن الخلل المهني تضاعف عن طريق النقل الواسع له من قبل وسائل إعلام محلية من دون تحقق. إذ تقتضي الممارسة المهنية أنه عندما تواجِه وسيلة إعلام محلية خبراً ذي محتوى محلي ولكنه من مصدر مبهم ، أن تقوم بالمتابعة مع الجهات المختصة ذات الصلة للتأكد من دقة المعلومة أو على الأقل نشر ما يصرح به الطرف المعني للحفاظ على التوازن.

صحيح أنه ليس مطلوباً من وسائل الإعلام الوطنية أن ترد على الأجندات السياسية بحمل أجندات مقابلة، أي بعبارة أخرى، أن لا ترد على الانتهاك المهني بانتهاك مهني مقابل، لكن الدور الوطني لوسائل الإعلام المحلية يتحقق من خلال الممارسة المهنية الصحيحة، فوسائل الإعلام يمكنها أن تكون مهنية ووطنية في الآن ذاته.