وسيلة إعلام تُضلِّل المتلقين بنشرها عنوانًا غير دقيق حول نتائج استطلاع رأي 

وسيلة إعلام تُضلِّل المتلقين بنشرها عنوانًا غير دقيق حول نتائج استطلاع رأي 

  • 2022-03-18
  • 12

 أكيد- سوسن أبو السُندس-ارتكبت وسيلة إعلام محليّة، مخالفة مهنية لمعايير النَّشر الصَّحفية الصَّحيحة، ولم تحقق الحياد في المحتوى المنشور، والانحياز وعدم الدِّقة في التقرير الإخباري والذي حمل عنوان: " استطلاع: الأردنيون لا يعرفون وزير خارجيتهم وإسرائيل ليست عدوا".

وتتبع مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، نص الخبر والذي تناول نتائج استطلاع  قام به مركز الدراسات الإستراتيجية حول "السِّياسة الخارجية الأردنية والعلاقات الدولية"؛ والهادف إلى قياس معرفة الأردنيين بالسِّياسة الخارجية الأردنية ومدى اطّلاعهم ورضاهم عنها، ووصف التقرير نتائج الاستطلاع بأنها "نتائج مثيرة وصادمة خلص إليها استطلاع رسمي للرأي بين المواطنين الأردنيين، ويعكس حجم التحولات الكبيرة في المزاج العام في البلاد، بخاصة في ما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين".

وعاد "أكيد" إلى التَّقرير الذي بين أنَّ نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز أكد "أن الأردنيين يبتعدون أكثر عن الشَّأن السِّياسي، عدا عن تأثرهم بتحولات جيوستراتيجية، فلم يعودوا يُظهرون عدائية كبيرة تجاه إسرائيل كما في السّابق".

 وعاد "أكيد" إلى استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية واطّلع على نتائج التقرير الذي حمل عنوان "السياسية الخارجية الأردنية والعلاقات الدولية"، ومن ضمن النتائج أن نصف الأردنيين تقريباً (48%) يصفون العلاقات الأردنية-الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بالجيدة، وغالبية الأردنيين (53%) يعتقدون أن من مصلحة الأردن المحافظة على الحد الأدنى من العلاقة مع إسرائيل، بينما (81%) من الأردنيين يعارضون تطبيع العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل،  إضافة إلى أن نصف الأردنيين تقريباً (44%) يدعمون حل الدولتين في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي: دولة فلسطين الى جانب دولة إسرائيل على حدود 1967 لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويعتقد (42%) من الأردنيين أن هذا الحل هو الأكثر واقعية، بينما يعتقد (13%) أنه لن يكون هناك حل على الاطلاق للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

 وأخضع "أكيد" تغطية الوسيلة الإعلامية لمعاييره المهنية المنشورة على موقعه الرسّمي، وتبين غياب الدِّقة في نقل الخبر، الأمر الذي تجلى في التفسيرات والتأويلات التي خضعت لها الأرقام، وتحديدا في العبارة التي تصف الشارع الأردني بأنهم " لم يعودوا يظهرون عدائية كبيرة تجاه إسرائيل كما في السابق"، ناهيك عن إطلاق الأحكام والأوصاف التي تعتبر مخالفة مهنية في التغطيات الإخبارية التي تنقل نبض الشارع، وتلزم الصَّحفيّ بنقل المعلومات كما وردت من المصدر بالضبط دون زيادة أو نقصان، إلا أنَّ الوسيلة الإعلامية خرجت بخبرٍ يحمل أرقامًا صحيحة كما وردت من المصدر، لكن بتأويلات خاصة ونتائج لم يذكرها التقرير، وبذلك تكون الأرقام  تم اجتزاؤها عن سياقها بالكامل.

ويرى "أكيد" أن هناك انتهاكا لمعيار الحياد في التغطية الإعلامية، والتي تتطلب التجرد من الأهواء والقناعات والمواقف الشْخصيّة عند متابعة أو رصد التغطيات الإخبارية والتحقق منها، أو عند إعداد التقارير، وعدم محاباة آراء شخص أو جهة دون آراء الآخرين، وبما أن تقرير مركز الدراسات لم ينص على أنَّ الشعب الأردني يعتبر "اسرائيل ليست عدوا" فيجب الحذر من  التَّرويج الصَّريح لبعض الإنتماءات  السِّياسية أو الحزبية.

وتعتبر معايير "أكيد" الخاصة بالدِّقة والمحتوى فإنَّ العنوان الإخباري نصًا صحفيًا، وجزءًا من الموضوع، تُطبق عليه خصائص الخبر الصحفي، من حيث الارتباط المباشر بالمادة التي تتبعه والدلالة عليها، والتعبير عن المضمون بدقة، فإذا كان الهدف من العنوان المستخدم من قبل الوسيلة الإخبارية لفت انتباه القارئ وإثارة فضوله فهذا حق مشروع بالكامل، لكن من الضرورة بمكان أن يتطابق المحتوى مع العنوان دون أن يحمل في مضمونه رأيًا شخصيًا أو تفسيرًا مخالفًا للمضمون، وهذا يُعتبر انتهاكا للموضوعية التي تتطلب الفصل بين الأخبار والآراء.

ويشير "أكيد" إلى خطورة تضليل الجمهور، وتحديدًا في تغطية القضايا ذات الحساسية العالية التي تُسهم في تشكيل الرأي العام، ويبرز الخلل الإِعلامي هنا حين قامت الوسيلة الإعلامية المحلية بالنقل عن  وسيلة إعلام أخرى خارجية، ومما يُشار إليه أن وسيلة الإعلام المحليّة قد نوهت في آخر تقريرها إلى مصدر الخبر العائد إلى وسيلة أخرى.

تغطيات صحفية تناولت نفس الدراسة الموضوع:

تتبع "أكيد" تقارير إخبارية نشرتها عدة وسائل إعلام محليّة قامت بتغطية نتائج الإستطلاع المذكور، حملت عناوين مختلفة مثل استطلاع: 53% من الأردنيين يعتقدون أن مصلحة الأردن بالحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة مع إسرائيل  وآخر عنون بـ استطلاع: "حوالي نصف الأردنيون يعتقدون أن إسرائيل هي الأكثر تهديدا للعالم العربي".  وهناك من أخذ التغطية على نطاق أوسع مثل "لماذا لا يهتم الأردنيون بالسياسة .. وما هي أولوياتهم؟  و استطلاع للرأي يثير استهجان الشارع والساسة ومركز الدراسات يرد/   اتحرك": "نتائج مركز الدراسات الاستراتيجية حول العلاقة مع الكيان الصهيوني لا تمت للواقع بصلة"

 ,يبين " أكيد" أنَّ من حقِّ الصِّحافة أن تختار الأسلوب الذي يناسبها في أداء واجبها، حيث إنَّ  للصَّحفي الحقَّ في الوصول الى المعلومات والأخبار والإحصاءات التي تهم المتلقين من مصادرها المختلفة وتحليلها ونشرها والتعليق عليها وطرح الأسئلة وإثارة الشكوك، والتأكد من صحة استطلاعات الرأي، أو الإستعانة بأراء المحللين أو المختصين، لكن ضمن معايير مهنية لا يمكن تجاوزها، حيث يجب أن تركز المعالجة الصحفية في التغطيات الإعلامية الخاصة باستطلاعات الرأي على تقديم الحقائق التي توصل إليها التحقيق، والحرص على عدم تقديم آراء خاصة بالوسيلة الإعلامية، وفي حال تضمن التقرير رأيا فلا بد أن يتم التنويه بذلك حتى يتمكن القارئ من التمييز بين الرأي والخبر، بحيث لا تختلط الآراء والأفكار السياسية بالمواد التحريرية، مع الحرص على أن يكون عنوان المادة الخبرية معبرًا بدقة وأمانة عن المادة الصحفية المنشورة مع ضرورة بيان مكان الحدث ومصدره سواء كان خارج المملكة أو داخلها.

وهنا لا بد أن ننوه إلى أن تناول مواضيع استطلاعات الرأي يجب أن ينقل بأمانة نتيجة الاستطلاع مع ذكر وتحديد مدى تمثيل العينة التي تم اختيارها، وأي تفصيل آخر يجده الصحفي مهمًا ويخدم سياق الدّقة في التغطية الإعلامية دون تزييف للواقع.