20-30 مليون دينار ذمم مالية لبلدية إربد في "أكياس" والإعلام لم يتابع

20-30 مليون دينار ذمم مالية لبلدية إربد في "أكياس" والإعلام لم يتابع

  • 12

رغم مرور ما يقارب العشرين يوماً على إطلاق رئيس بلدية إربد، حسين بني هاني، تصريحاً مثيراً للجدل، مفاده أن البلدية عثرت على "ذمم مالية" مستحقة لها على مواطنين، موضوعة في "أكياس" مهملة داخل مستودعات البلدية، إلا أن وسائل الإعلام لم تتابع هذه القضية.

التصريح أطلقه بني هاني في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البلدية، يوم 29 آب (أغسطس) الماضي، بمناسبة مرور عامين على تسلم المجلس الحالي مهامه، وغطّته صحف يومية، إضافة إلى مواقع إلكترونية، نقلت تغطياتها عن الصحف اليومية.

وفق "السبيل"، فقد قال بني هاني إنه "تمّ العثور على مجموعة من الأكياس والشوالات المنسية بداخلها ذمم مالية يصل قيمتها من 20-30 مليون دينار، مضى عليها 10 سنوات ضمن مناطق بلدية إربد المختلفة". وأضافت الصحيفة نقلا عن بني هاني أن هذه المبالغ قد "تمّ توثيقها كذمم ثابتة من خلال لجان تمّ تشكيلها، وبوشر العمل على تحصيلها".

 تغطية "الرأي" لم تتضمن ذكرا لأكياس، لكنها أشارت إلى أن ديون البلدية تتراوح "تقديريا ما بين 20-30 مليون دينار". ونقلت عن رئيس البلدية قوله "فوجئنا أنها [الديون] موثّقة بسجلات أكل الدهر عليها وشرب في مستودعات وكانت عرضة للإتلاف فتمّت أرشفتها حاسوبيا والمباشرة بإحيائها عبر تفعيل جوانب التحصيل".

تغطيتا "الغد" و"الدستور" لم تأتيا على هذه التفاصيل الإشكالية، بل اكتفتا بالنقل عن رئيس البلدية، أنها استطاعت حلّ جزء من أزمتها المالية "من خلال زيادة التحصيلات المتراكمة على المواطنين، والبالغة 30 مليون دينار"، و"تفعيل جباية وتحصيل ما للبلدية من أموال لدى المواطنين تراوح قيمتها حوالي (30) مليون دينار".

لم تتابع وسائل الإعلام هذا التصريح رغم أنه يتضمن إشكاليتين، تتعلق أولاهما بتقدير قيمة الذمم غير المحصلة، إذ ذكر رئيس البلدية أنها تتراوح بين 20-30 مليون دينار، بفارق 10 ملايين دينار بين التقديرين، رغم أنه ذكر في التصريح ذاته، وفق "الرأي"، أن هذه الذمم قد "تمّت أرشفتها حاسوبيا والمباشرة بإحيائها عبر تفعيل جوانب التحصيل". وفي تغطية "الدستور" ذُكر أنه "تمّ توثيقها كذمم ثابتة من خلال لجان تمّ تشكيلها، وبوشر العمل على تحصيلها".

والسؤال هنا، إذا كانت هذه المبالغ المالية قد حُصرت ووُثّقت وبدأ تحصيلُها فعليا، فكيف يكون لدينا 10 ملايين دينار هامش فرق في التقدير؟

الإشكالية الأخرى، وهي الأهم، تتعلق بعمر هذه الذمم، التي ذكرت تغطية "السبيل" أن عمرها 10 سنوات. إذ يثور هنا سؤال: كيف كانت تُعدّ الميزانية السنوية للبلدية طيلة السنوات الماضية، مع وجود هذه الذمم المعلّقة؟ مع الأخذ في الاعتبار ما يقوله الخبير الاقتصادي، والكاتب اليومي في صحيفة "الدستور"، خالد الزبيدي، من أن ميزانية أي مؤسسة يجب أن تتضمن بندا للذمم المالية، تُرصّد فيها المبالغ غير المحصّلة. ويُعدّ عدم إدراج هذا البند، كما يقول، "اختلالا". إذ بغيابه لن يكون معروفا، أين ستدرج المؤسسة الذمم التي ستحصّلها في ما بعد.

من هنا، فإن السؤال الذي لم تسع وسائل الإعلام إلى الحصول على إجابة عليه، يتعلق ببند الذمم في ميزانيات البلدية للسنوات العشر السابقة. إذا كان هذا البند موجودا، فلماذا لم تُرصّد فيه هذه الذمم؟ وكيف يستقيم أن هذه الأموال كانت موثقة في سجلات "أكل عليها الدهر وشرب" و"كانت عرضة للتلف"؟ كما نقلت "الرأي". 

 من ناحية أخرى، يشير الزبيدي إلى اختلال آخر، هو عمر هذه الذمم، إذ يؤكد أنه لا يجوز لها أن تبقى مثل هذه المدّة الزمنية من دون أن تعالجها المؤسسة.

يتضح مما سبق أن وسائل الإعلام اكتف بلعب دور المتلقي السلبي للتصريح السابق. ولم تسع للحصول على إجابات عن الأسئلة التي أثارها، وتتعلق بآلية إدارة الأمور المالية في البلدية. وبذلك فإنها أخلّت بمعيار "المتابعة"، أحد معايير مصداقية الأداء الإعلامي، الذي ينص على متابعة تداعيات الأحداث، بنشر تقارير معمقة، وعدم الاكتفاء بالأخبار الأولية.