الحمَّى القلاعية .. تغطيّة إعلاميّة كبيرة وتضارب أكبر في المعلومات

الحمَّى القلاعية .. تغطيّة إعلاميّة كبيرة وتضارب أكبر في المعلومات

  • 2023-02-22
  • 12

عمّان 23 شباط (أكيد)- لقاء حمالس- فُتح ملف الحمّى القلاعيّة من جديد في الأردن، ورغم تغطيّة الإعلام الواسعة له، إلا أنّ الصورة لم تكتمل منذ البداية ورافق هذه التغطيّة تضارب كثير في المعلومات من قِبل عدة جهات منها: وزارة الزراعة، وجمعية مربي الأبقا ر، ونقابة الأطباء البيطريين.

 الحمى القلاعية هي فيروس أصاب عددًا كبيرًا من الأبقار في الأردن، تحديدَا في منطقة الضليل والحلاّبات والخالديّة، وتوصف بأنها "مرض حيواني خطير وشديد العدوى يصيب جميع الحيوانات ذات الحوافر المشقوقة بما في ذلك الماشية والأغنام والماعز والجِمَال والغزلان والخنازير، فيما لا يؤثر على الخيول أو الحمير الوحشية"[1].

تتّبع مرصد مصداقيَة الإعلام الأردني (أكيد) منذ البداية التغطيّة التي استمرت 14 يومًا،  إلى أن تمّ التعافي من هذا الفيروس بشكل جزئي، وتابع المعلومات  المتضاربة  التي تم تناولها. وتبيّن من خلال عينة بلغت 40 مادة إخبارية تم نشرها على وسائل إعلاميّة مختلفة بأنّ بعض المواد التي نُشرت لم تُحدّد في بداية الأمر نوع العترة التي أصابت الأبقار، هل هي جديدة أم متطورة، حيث أفادت وزارة الزراعة أنها بانتظار النتائج من قبل الخبراء،  في حين أشارت نقابة الأطباء البيطريين إلى أن العترة جديدة [2] ، وبعدها تم توضيح نوع العترة في تصريح لمساعد الأمين العام للثروة الحيوانية في وزارة الزراعة بأن هذه العترة جديدة وليست مستوطنة في الأردن، وأنها موجودة في العراق والكويت والسعودية، وأنه تم بالتعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا وكلية الطب البيطري مطابقة هذه العترة ليتبين أنها جديدة [3].

ورصد (أكيد) وجود تضارب من حيث إمكانية انتقال المرض للإنسان أو فيما إذا كان لا يؤثر عليه، إذ صرّحت وزارة الزراعة  هذا الفيروس لا ينتقل إلى الإنسان بأي طريقة من الطرق، لا من خلال الملامسة ولا من خلال الّلحوم أو المنتجات، وأن خطورته تقتصر على الحيوانات[4]، في حين صّرحت المؤسسة العامة للغذّاء والدّواء بإنّ فيروس الحمّى القلاعيّة لا ينتقل للإنسان عبر اللحوم المطهيّة، إنّما من خلال  التعامل المباشر مع الماشية، حيث يؤثر ذلك على الجهاز التنفسي وبعد ذلك "ينهي الفيروس نفسه بنفسه" خلال أربعة أيام تقريبًا[5]، بينما ذكرت وسيلة إعلاميّة استنادًا إلى بيان صادر عن نقابة المهندسيين الزراعيين بأنّ "الحمّى القلاعيّة مرض فيروسي يصيب الحيوانات مشقوقة الظفر، سريع العدوى، لكنه لا يؤدي إلى نفوقها، ويحتاج إلى جهود كبيرة جدًا وإجراءات مختلفة تشمل التّطعيم والحجر لاحتوائه ومنع انتشاره"، وأكد ّمجلس نقابة المهندسيين الزراعيين أن جميع المنتجات الحيوانية المحلية آمنة للاستهلاك البشري، كمنتجات اللحوم والألبان، إذ إن مرض الحمّى القلاعيّة لا ينتقل للإنسان فهو من الأمراض غير المشتركة معه" [6].

واستمرت عملية تضارب المعلومات، ونقلت وسائل الإعلام ما بيّنته مديرة البيطرة في وزارة الزراعة بأنّه يوجد تفاوت في أعداد الأبقار النَّافقة، وذلك بسبب وجود عدّة أنظمة لتدقيق وتوثيق هذه النفوقات منها نظام الربط الإلكتروني، وسجلات مربي الأبقار، والمشاهدات الميدانية، وأنه سيتم العمل على تشكيل لجنة تجمع جميع الأطراف لحصر هذه الأرقام بشكل محدد وواضح. [7]

أما فيما يتعلق بإنتاج الحليب. فقد كتبت وسيلة إعلامية بناءً على تصريح من وزارة الزّراعة أنَ هناك وفرة في الإنتاج، وأن انتشار الحمى لن يؤثر على أسعار الحليب أو وفرته [8]، ونشرت وسيلة أخرى مقابلة مع طبيب بيطري مختص قال إنَّ هذا الفيروس يؤدي إلى "هبوط حاد في الإنتاج نتيجة إصابة الحيوانات بتسلخات في الضِّرع والحافر، مشيرًا إلى أنّ المرض يستمر لفترة 60 يومًا حتى يخرج من المزرعة"، ويؤدي أيضًا إلى فقدان الإنتاج للحليب لأنَّ الأبقار المصابة بالحُمى لا تأكل ولا تشرب[9].

ونقلت وسيلة ثالثة عن مقابلة مع رئيس جمعية ائتلاف مربي الأبقار أنه قال: "نحن اليوم نخسر الموسم، لأنَّ البقرة التي تصاب بالحمى القلاعية تتوقف عن الحلابة ونخسر موسم الحليب السنوي، ومما يسهم في الخسارة أيضًا أنَّ المزارع سوف يطعم البقرة أعلافًا ولكن دون أي جدوى اقتصادية لأنها لا تعطيه مردود حليب"[10].

وسائل إعلام متعددة برغم متابعتها اكتفت بنقل الأخبار الأولية، ولم تنشر تقارير أو تحقيقات معمّقة ذات طابع استقصائي بما يتيح لها التأكد من التفاصيل كافة، والتي يصعب على الأفراد العاديين معرفتها والوصول إليها، وهنا يكمن دور الإعلام الفاعل في البحث والتحقق للوصول إلى معلومات دقيقة وسليمة.

ومن خلال متابعة (أكيد) للمواد الإخبارية التي رصدها، لم يجد تغطيات كبيرة من التقارير الميدانية والمقابلات مع الأطباء البيطريين المتخصصين وأصحاب المزارع المتضررة من هذا الفيروس. وغاب عن المشهد جانب التوعية للمزارعين والطرق التي من الممكن استخدامها للوقاية من هذا الفيروس والحد من انتشاره وانتقال العدوى.

ويرى (أكيد) أنّه برغم متابعة الحدث أولًا بأول وتغطية كل ما هو مستجد حول هذا الملف إلا أنّ بعض الوسائل الإعلامية بيّنت أيضًا التّضارب في أقوال المصادر والإختلاف أيضًا [11]، فيما قامت وسائل باستضافة الأطراف كافة لتغطية متوازنة وشاملة، إذ اتّسمت التغطية بالتّنوع والتّعدد في المحتوى وتمثيل الجهات المختلفة ذات الصلة. [12]