عمّان 17 آب (أكيد)- عُلا القارصلي- شهد مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023 حالة متقدمة من الجدل بين مؤيد له ومعارض منذ أن أحالته الحكومة إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال. وهذا يقع في مشاريع القوانين ذات الطبيعة الإشكالية، مثلما هو الحال في هذا المشروع من حيث أنه ينظّم مساحة واسعة من الاستخدامات للإعلام الرقمي لم تكن منظّمة من قبل، إلى جانب ما اتّسم به المشروع من شدة العقوبات، وعدم تعريف مفاهيم أساسية على تماس مع قضايا حريات الرأي والتعبير.[1]
الحاجة لتطوير قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2015 لم تكن موضع خلاف، لكن عدم إطلاق الحكومة لحوار وطني حول مشروع القانون، وإحالته إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال دونما تبرير، خلق مناخًا غير مريح، وعمّق حالة التجاذب بين اتّجاه يدعو بحماس لتأييد المشروع لوضع حدٍ لحالة "الفوضى" في الفضاء الإلكتروني، وبين اتّجاه آخر يدعو لصياغة متوازنة لأحكام القانون الجديد تكفل أن لا تشكل قيدًا على الحريات في فضاء الإعلام.
تتبّع مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تغطية وسائل الإعلام المحلية لسير القانون بمراحله الدستورية، من خلال رصد الأخبار على محرك البحث غوغل، واستخدام العبارات المفتاحية "قانون الجرائم الإلكترونية"، "مشروع قانون الجرائم الإلكترونية"، فرصد ما مجموعه 138 مادّة إخباريّة، منذ 22 حزيران، تاريخ إدراج مشروع القانون على جدول أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، حتى تاريخ 12 آب، عشية نشر القانون في الجريدة الرسمية، وهي كميّة كبيرة إلى حدٍ ما تعكس اهتمام وسائل الإعلام بهذا القانون.
جاء في نتيجة الرصد أن 46 مادة بنسبة 33.3%، كانت موادّ تغطي مراحل سير القانون دون أن تشتمل على آراء القوى الفاعلة، وأبرزها: مجلس الأمة، الحكومة، منظمات المجتمع المدني، نقابة الصّحفيّين، الصحفيّين والإعلاميين، والقانونيّين، والحقوقيّين.
أما بقية الموادّ التي اشتملت على آراء القوى الفاعلة في المجتمع من مشروع القانون، فانقسمت إلى أربعة أقسام رئيسة؛ قسم قدّم مقترحات لتحسين القانون وبلغ عدد المواد التي تشير إلى ذلك 13 مادة بنسبة 9.4%، وقسم غلب عليه تأييد القانون، وبلغ عدد موادّه 35 مادة بنسبة 25.4%.
والقسمان الأخيران من الموادّ الصحفيّة، اشتملا على آراء رافضة للقانون، بلغ عددها 44 مادة، شكلت ما نسبته 31.9٪ من الموادّ المرصودة، منها 12 مادة طالبت بسحب القانون، و32 مادة اعتبرت القانون مقيدًا لحرية الرأي والتعبير، ويتعارض مع خطط الإصلاح السّياسي.
وتبيّن لـ (أكيد) أن الإعلام لم يفسّر سبب إعطاء القانون صفة الاستعجال، على الرغم من أن ذلك أدّى إلى عدم عرض المشروع على موقع ديوان التشريع والرأي لاستقبال الملاحظات عليه، وقلّص مدى كفاية المشاورات التي أجرتها اللجنة القانونية في مجلس النواب لدراسة الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقانون، وأضعف فرص الحصول على مقترحات لتجويد نصوصه.
الإعلام ركّز أساسًا على ثلاث موادّ، هي الموادّ (15، 16، و17) في المشروع، وعلى تأثيرها على حرية الرأي والتعبير، مع العلم أن مشروع القانون المقترح تضمن 41 مادةً. ولم يجد (أكيد) أيّ موادّ صحفيّة معمّقة توفر وعيًا قانونيًا لأحكام القانون، وكيف يمكن لأفراد المجتمع تفادي الوقوع في دائرة التجريم في ظل شدة العقوبات التي تنطوي عليها هذه الأحكام.
ولاحظ (أكيد) أن أكثر الجهات المتفاعلة مع القانون كانت مؤسسات المجتمع المدني التي بادرت بإعداد ونشر مطالعة قانونيّة سلّطت الضوء على نصوصه، وعاينت فيها عيوبه.[2]
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني