عمّان 13 تموز (أكيد)- وسيلة إعلام محلية نشرت تقريرًا عدد كلماته 965 كلمة، منها 444 كلمة سردت فيه معلومات حول المثليّين في الأردن على لسان أشخاص أسمتهم مستخدمين لتطبيق في هذا المجال، بعنوان: (تحقيق: "تطبيق" يروّج للعلاقات الجنسية بين الرّجال في الأردن).
العنوان المشار إليه، اجتزأ الموضوع بإظهار القضية حكرًا على الرجال دون النساء، ما يمكن أن يتسبّب بتضليل الجمهور، فهذه العلاقات موجودة بين الجنسين بغض النظر عن مدى قانونيّتها وتقبلها اجتماعيًاوأخلاقيًا،[1] وإلا كان ينبغي أن يوَّضح الخبر لماذا اقتصر البحث على الذكور.
التقرير المنشور اقتبس في بدايته عبارة على لسان مستخدمين للتطبيق، جاء فيها أنه: "قمنا بتحميل التطبيق بُغية الحصول على حرية في اختيار شريك للعلاقة الجنسية، سواءً أكانَ شاذًّا أم متحولًا أم غير وجود ذلك"، لكنّ التقرير لم يفسّر المقصود بعبارة "غير ذلك"، أو يوضّح ما إذا كان يقصد أنه يوجد جنس بشري من غير الذكور والإناث.
أطلق النص حكمًا بوجود آلاف الشواذ والمتحولين جنسيًا وثنائيي الجنس في البلاد، عرفهم من خلال التطبيق بحسب قوله، دون أن يفسّر مصطلحاته، ويذكر عدد هؤلاء وأعمارهم التقريبية وكيفية استدلاله على الرقم وباقي المعلومات، مع تأكيده أن هؤلاء الأشخاص يستخدمون التطبيق "تحتَ أسماءٍ وهمية ومعلوماتٍ مُضلّلة؛ منعًا لمعرفة هوياتهم"، في حين أنه لم يوضّح للجمهور كيفية معرفته بأن الأسماء وهمية.
شرح التقرير آلية الاحتيال على مستخدمي التطبيق على لسان شخصين باسمين مستعارين، هما، علي وسعيد، ولم يذكر عمرهما أو طبيعة عملهما الأصلي أو مستواهما التعليمي وكيفية تعرفهما على هذا العمل، وانتقل للمكاسب المادية التي يجنيانها وتفاصيل نشاطهما، وهو ما يمكن أن يسهم في التغرير بصغار السن وضعفاء النفوس للانخراط في هذه الأنشطة، خصوصًا مع ذكرهما تبريرات لسلوكهما على لسان علي: "بأنَّ الشواذّ لا يستحقون سوى هذه المعاملة"، وعلى لسان سعيد بالإشارة إلى "سوء الأوضاع الاقتصادية وشُح فرص العمل في البلاد".
قدّم الخبر معلومات مجانية حول التطبيق بالرغم من أنه لم يذكر اسمه، وأكّد عدم إمكانية عمل تصوير لشاشة التطبيق "سكرين شوت" كنوع من الحماية المفترضة لمستخدمي التطبيق دون أن يوجه سؤالًا لأحد الفنيّين أو المختصين بالاتّصال وتكنولوجيا المعلومات أو وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة للأمن العام حول هذه التطبيقات وآثارها السلبية والمشكلات التي تتسبب بها للمستخدمين وحتى "المستكشفين الهواة" الذين يدفعهم الفضول للدخول إليها أو يتعرضون للاحتيال من خلالها.
كاتب التقرير أكد أنه أنشأ حسابًا وهميًا على التطبيق، وأنه استلم "عددًا مهولًا من الرسائل" على حد وصفه، دون أن يُحدّد عددها وطبيعة المحادثات الواردة فيها، لافتًا إلى أن من يقفون خلفها "إما شواذّ أو محتالون"، ولم يأت على ذكر كيفية تفريقه بينهما مع تأكيده في بداية النص أن الكثير من حسابات التطبيق وهمية ولا يمكن الاستدلال على أصحابها بشكل قاطع.
أفرد التقرير مساحة لعرض وجهة نظر واحدة (الشواذ)، فتحدّث أحدهم بهموم جماعته حول رفض المجتمع لهم وخوفهم من "القتل أو التعنيف أو السجن"، وأنَّهم يلجأون للتطبيق لأنه يوفر لهم الحماية والحرية اللّازمتين اللّتين لا يحصلان عليها من المجتمع المحلي، وهذا يسهم في نشر معلومات مضلّلة أو مشوهة، وانتهاك حق الجمهور في الوصول للمعلومات الدقيقة عبر وسائل الإعلام. وفي المقابل غاب البعد التوعوي حول هذا السلوك من الناحية الطبية والاجتماعية والدينية.
أورد التقرير آراء لمواطنين لم يُعرّف على عددهم ومكان تواجدهم وكيفية التواصل معهم ومستواهم التعليمي ومهنهم وطبيعة السؤال الذي وُجّه لهم، وخلص إلى نتيجة مفادها أنَّ "التطبيق يهدد الأمن المجتمعي ويعتبر خطرًا على الأطفال الذين قد يكونون فضولين اتّجاه التجربة" على لسان هؤلاء المواطنين، محاولًا إظهار هذه الفقرة "المبهمة" كما لو أنها الطرف الآخر الذي يمكن الاستماع له من باب التوازن في عرض المادة الصحفيّة.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) يجد أن التقرير المنشور طرح قضية مهمة يتم الحديث عنها في الغرف المغلقة باعتبارها واحدة من التابوهات الإعلامية والاجتماعية التي تحتاج للمزيد من البحث والتمحيص، لكن التقرير افتقر لشروط الاستقصاء الصّحفي المبني على منهجية واضحة بعرض متوازن يُظهر المشكلة والسبب والنتيجة من خلال الاستماع لمختلف الآراء.
ومن ذلك، أنه لم يظهر في التقرير أي رأي طبي أو أكاديمي أو قانوني أو ديني (باستثناء رأي في الجانب التشريعي)، واكتفى بذكر أحكام عامة حول من أسماهم الشواذ والمتحولين جنسيًا دون توضيح المصطلح من الناحية الطبية والنفسية وتأثيرات هذه الحالة على سلوك الأفراد والمجتمع. وغابت الأرقام والإحصاءات، ولم يورد وجهة نظر المؤسسة الدينيّة (الإسلامية والمسيحية)، بالنظر للجدل الذي تشهده هذه القضية في العالم.
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني