أكيد – وصفي الخشمان
يتوه القارئ بين عنوانين مختلفين لتقرير واحد صادر عن جهة واحدة، بحسب ما استنتجه مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) من تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي.
وخرجت صحف يومية ومواقع إخبارية يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين 29-30/5/2017 بمعالجات للنشرة المالية الحكومية العامة للربع الأول للعام الحالي، غلبت عليها النظرة التفاؤلية للواقع الاقتصادي، حيث كانت العناوين متطابقة كالتالي:
بترا –استقرار نسبة الدين العام وانخفاض الإنفاق العام
الرأي- وزارة المالية: استقرار نسبة الدين العام وانخفاض الإنفاق العام
الدستور- وزارة المالية: استقرار نسبة الدين العام وانخفاض الإنفاق العام
الغد- وزارة المالية: استقرار نسبة الدين العام وانخفاض الإنفاق
الأنباط - انخفاض الإنفاق العام واستقرار المديونية
وركزت التغطيات الصحافية على استقرار الدين العام عند حدود 26,5 مليار دينار، بالمقارنة مع نهاية العام 2016.
كما تناولت التغطيات ارتفاع الإيرادات المحلية وانخفاض حجم المنح الخارجية، في حين فضلت تغطيات دمج البندين تحت عنوان انخفاض مقداره 29,95 مليون دينار في الإيرادات والمنح.
ونشرت الدستور في تقريرها إن صافي الدين العام ارتفع في نهاية آذار الماضي عن مستواه في نهاية العام 2016 بمقدار 459,4 مليون دينار.
أما صحيفة السبيل، فقد اعتمدت عنواناً مختلفاً حيث عنونت على: تراجع المنح في الربع الأول وارتفاع الدين العام، وأوردت في نسختها المطبوعة ارتفاع صافي الدين العام للمملكة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بقيمة 459,4 مليون دينار، ليصل إلى 26,451 مليار دينار، وارتفاع نسبة الدين 1,1%.
ولاحظ مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) إغراق الصحف في ذكر مصطلحات اقتصادية دون تفسيرها للجمهور مثل صافي الدين العام ونسبة الدين العام، والنفقات الجارية والنفقات الرأسمالية.
وكما لاحظ المرصد تأرجح بعض التحليلات بين مقارنات بين الربع الأول من العام الحالي ومثيله في العام الماضي، في حين اعتمدت تحليلات أخرى على مقارنة نتائج الربع الحالي بالربع السابق، وهو الربع الرابع من العام 2016.
ولا يرى سلامة الدرعاوي رئيس تحرير صحيفة المقر الالكترونية والصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي أي مشكلة في ذلك، فنهج المقارنات يحتمل كلا الأسلوبين.
وأردف الدرعاوي أن كل صحيفة تقرأ النشرة كما تفرضه عليها توجهاتها سواء مؤيدة أم معارضة، مضيفاً أن هناك خمسة بنود في كل نشرة لوزارة المالية هي: إجمالي الإيرادات والمنح الخارجية، إجمالي الإنفاق، العجز – الوفر المالي، العجز – الوفر الأولي، المديونية الخارجية والداخلية، وكل
صحافي أو وسيلة إعلامية يركز على بنود بما يتوافق مع اهتماماته.
واتفق المحلل والخبير الاقتصادي حسام عايش على أن قراءات وسائل الإعلام للأرقام الرسمية تعكس اهتمامات القائمين عليها وتوجهاتهم، كما أنه يمكن استخدام الأرقام والنسب بطرق مختلفة.
وزاد: هناك صحف تريد أن تقدم "خدمة للحكومة عبر الحديث عن إنجازات"، وهناك صحف تنظر إلى الأمر على أنه "مناكفة" للحكومة.
وتابع: المفروض أن لا نجمل النتائج الحكومية ولا يكون استعراضنا لها من باب التشفي بالأداء الحكومي.
وأضاف أن الأرقام يفترض أن تقدم للمواطن بحيث يكون هو الحكم، شارحاً أن هناك أرقاماً ونسباً تكون صحيحة، لكنها لا تعكس الواقع الاقتصادي الحقيقي، لذلك من الصعب اعتبار هذه البيانات تؤشر على أن هناك مسلكاً حكومياً مختلفاً.
وأوضح أن الحكم على الأداء الاقتصادي يحتاج إلى سنتين إلى ثلاث لنتمكن من القول بأن هناك نمواً أو تحسناً في عجز الموازنة، وهو ما نستطيع أن نرده إلى نجاعة خططنا وبرامجنا.
أما أن نتفاءل بزيادة إيرادات في ربع معين، دون إيضاح أن هذه الزيادة مردها إلى تسلم دفعة مساعدات، وهي بالتالي إيرادات ليست مستدامة، وهو ما سيظهر في الربع التالي على شكل زيادة في المديونية، كما شرح عايش الذي قال "يجب أن لا نعطي أحكاماً مطلقة لأحداث جارية ".
وأوضح أن صحيفة نشرت قبل فترة تقريراً تحدث عن أرقام اقتصادية إيجابية خلال الشهر الأول من العام الحالي، قائلاً إن "الحكم لا يكون على نتائج الأرباع، إنما على النتائج النهائية".
وزاد: منطقتنا مضطربة، وتتأثر صادرات الأردن وسياحته بالأحداث المحيطة (..) ومن المهم أن تتسم القراءات الاقتصادية بالواقعية وألا تكون موجهة، وإنما لخدمة المواطن وصانع القرار، حتى يتحمل الجميع المسؤولية".
وبين المحلل الاقتصادي أن الحكومات "للأسف مستعجلة، ولأنها تعتقد أن ذلك يوظف في مصلحة استمرارها أطول، وهو ما يدفعها إلى أن توجه أشخاصاً للحديث عن الإيجابيات والتقليل من مخاطر السلبيات، وهناك من يتبرع بالكتابة عن ذلك دون توجيه.
وتابع: كل ذلك يسهم في جعل المواطنين في حيرة من أمرهم، وأحياناً تكون ردود فعلهم عنيفة لأسباب تتعلق بكيفية صياغة الأخبار. فطوال العام والصحف تتحدث عن تحسن في الوضع الاقتصادي وزيادة في الإيرادات واستقرار الدين العام وتراجع الإنفاق العام، ثم ما أن تقترب نهاية العام حتى تعلن الحكومة نيتها رفع الضرائب والرسوم بسبب وجود عجز كبير في الميزانية، ثم من حق المواطن أن يسأل: "لماذا كنتم طوال العام تحاولون تضليلي وتجميل الواقع؟".
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني