أكيد- شذى الشمايلة
تحولت أخبار تنشر في وسائل الإعلام رغم جديتها خلال الفترة الماضية الى مادة خصبة لإثارة التندر والنكتة بين الأردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص "الفيسبوك" الأوسع انتشارا، على أن أغلب هذه النكات والتعليقات المضحكة لا تخلو من انتقاد سياسي أو توضيح موقف من ظاهرة إجتماعية أو إقتصادية.
وساهمت تطبيقات الهواتف الذكية الى جانب مواقع التواصل الاجتماعي، في انتشار النكات والصور الساخرة "الميمز - Memes" والكاريكاتير والفيديو، حتى أصبحت وسيلة المواطنين لنقد القرارات الحكومية والسلوكيات المجتمعية مبتعدين عن الاسلوب الجاد في توضيح مواقفهم من تلك القرارات المتعلقة بالحكومة تحديدا.
وزخرت وسائل الاعلام مؤخراً بأحداث كانت كافية لإشعال منصات التواصل الاجتماعي بالفكاهة والسخرية أبرزها حادثا السطو على مصرفين، ورفع الأسعار وفرض ضرئب جديدة، وحديث رئيس الوزراء هاني الملقي لمجموعة من النواب بعدم وجود أردنيين "مسخمين"، عدا عن استهجان الأردنيين شراء مستثمر أردني لرقم مميز بمبلغ 450 ألف دينار.
وتفصيلا، تصدر وسم #الأردنيين_مسخمين منصات التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، تندراً على تصريح رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي بعدم وجود أردنيين مسخمين في فيديو نشرته إحدى الصحف اليومية على صفحتها على "الفيسبوك" خلال رده على حديث جانبي مع النائب محمود الفراهيد عن رفع ضريبة الدواء، وقال فيه النائب "الأردنيين مسخمين بالثلاثة".
ومصطلح "مسخم" متداول بشكل رئيسي بين الأردنيين للدلالة على الشخص المسكين المغلوب على أمره، الا ان المصطلح يحمل معنا أخرا في المخزون اللغوي العامي الأردني، وهو الشخص الذي تم الاعتداء عليه جنسيا، على أن هذا المعنى غير منتشر عند أغلب فئات المجتمع حديثا.
وتداول الأردنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسم الأردنيين المسخمين في رفض واضح لما قاله رئيس الوزراء لأحد النواب، ومن الأمثلة:
عمليتا السطو التي طالت بنكين مؤخراً كان لها نصيب الأسد من الفكاهة أيضاً، إذ تداول الأردنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثات منشورات مثل:
ولاقى إطلاق العنان للفكاهة في عمليتي السطو الى درجة وصلت بالبعض الى تأييد السطو وتشجيع السارق ولومه للقبض عليه سريعا، استهجاناً من قبل مديرية الأمن العام التي شددت على أن "الجريمة تبقى جريمة، وأن نشر رسائل تحريضية لإرتكاب الجريمة؛ يحاسب عليها القانون ولا بد من اتخاذ الاجراءات اللازمة حيالها".
ودعت وحدة الجرائم الإلكترونية إلى "عدم تبني الشائعات والأخبار غير الصحيحة ونشرها لوجود عقوبات مشددة في قانون الجرائم الالكترونية بحق مرتكبي مثل هذه الأفعال".
أما رفع الأسعار ورفع الضرائب فقد امتلأت حسابات الاردنيين بالسخرية والنقد، ومن الأمثلة عليها:
وحضرت النكتة بين الأردنيين أيضا في معرض تعليقهم على شراء لوحة مركبة بمبلغ 450 ألف دينار في مزاد لإدارة ترخيص السواقين والمركبات، إذ تباينت آراء الجمهور بين معارض وبين من يرى أن المبلغ رفد خزينة الدولة بالأموال، الا أن أراء كثيرة حملت بين طياتها خطابا للكراهية تجاه الشخص الذي اشترى اللوحة بهذا المبلغ، من خلال ربطه بالظروف المعيشية الصعبة للمواطنين الاردنيين خلال الايام الحالية، ومن الأمثلة على التندر:
وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين المحادين ل"أكيد"، "أن الدعابة والسخرية أذرع فكرية تمثل الإبداع الشعبي والتعبير عن إحساس المواطنين فيما يعانون أو يطمحون، وفي ابتكار ما يمكن أن يخفف من احتقان النفس سواء على المستوى الفردي أوعلى الصعيد الجمعي من خلال تعبيره عن آرائه على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأضاف أن "اتجاه الأردنيين نحو الضحك كأداة تعبيرية رافضة لكن ناعمة تستند إلى التعبير بالكلمات أحيانا أو إلى الصورة المضحكة، أو توطين الذاكرة الجمعية من الذاكرة الشعبية والحِكم وإعادة انتاجها بصورة تعبر عن عدم إحساس الناس بالأمر الراهن".
وأوضح محادين أن "التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي عززت من الحرية الفردية في التعبير بالدعابة والفكاهة، وللأردنيين تعابيرهم الخاصة بدليل أننا ننسب النكتة في الأردن إلى مناطق جغرافية بعينها أو إلى شرائح اجتماعية محددة".
وقال عضو مجلس نقابة الصحفيين والمدرب خالد القضاة ل"أكيد"، ان "تناول الفكاهة في مواضيع حساسة كالسطو على البنك هو مؤشر خطير نظراً للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها الأردني، حيث أصبحت الجريمة والسطو على البنك أمراً مقبولاً طاله المديح، وشبهوا منفذ العملية بروبن هود، وعلى الدولة الانتباه"، مشيراً إلى أن "الفكاهة باتت أمراُ تلقائياً تخرج وفقاً للبيئة والثقافة والدرجة العلمية وتعكس ما يفكر به صاحب الفكاهة".
وتابع أن "هذا النوع من الفكاهة بدأ بالانتشار منذ فترة ليست بالقصيرة وتناول المواطنين مواضيع كثيرة بشكل عميق في فكاهاتهم مثل التعليق على فيضان مدينة عمان نتيجة الأمطار، وعلى قضية ذهب عجلون".
أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد
أحد مشاريع معهد الإعلام الأردني أسس بدعم من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وهو أداة من أدوات مساءلة وسائل الإعلام, يعمل ضمن منهجية علمية في متابعة مصداقية ما ينشر على وسائل الإعلام الأردنية وفق معايير معلنة.
ادخل بريدك الإلكتروني لتصلك أخبارنا أولًا بأول
© 2024 جميع الحقوق محفوظة موقع أكيد الإلكتروني