"أموال الشركات" تثير قضية المصداقية والاستقلالية في مواقع إلكترونية إخبارية

"أموال الشركات" تثير قضية المصداقية والاستقلالية في مواقع إلكترونية إخبارية

  • 2017-06-12
  • 12

أكيد - آية الخوالدة
جدد كتاب رسمي داخلي مسرب من شركة مناجم الفوسفات الأردنية تداوله صحفيون على منصات التواصل الاجتماعي، الحديث عن مدى استقلالية ومصداقية وسائل الإعلام وعلى الأخص مواقع إخبارية إلكترونية تجاه شركات تتقاضى منها مبالغ مالية مقابل الترويج لأنشطة هذه الشركات.
وتضمن الكتاب "المسرب" مؤخرا طلب المستشار الإعلامي في شركة الفوسفات عبر مذكرة داخلية موجهة الى الرئيس التنفيذي للشركة بتاريخ 7 شباط 2017، يطلب فيها صرف الدفعة الثانية المستحقة للمواقع الإلكترونية عن العام 2016 التزاما من الشركة بالاتفاق المبرم سابقا، حيث صرفت الشركة الدفعة الأولى.
وتراوحت قيمة الدفعة الثانية بين 500-2500 دينار لكل موقع إلكتروني من 17 موقعا تضمنتها القائمة، بإجمالي 22500 وهي نفس قيمة الدفعة الاولى لان المبلغ يدفع على دفعتين في حال تجاوز الألف دينار، وفق المستشار الاعلامي السابق للشركة فايق حجازين.
وأكد حجازين أن عدد المواقع التي تقاضت دعما خلال العام الماضي كان حوالي 70 موقعا، على أن المواقع من أصحاب المبالغ دون 1000 دينار لم تظهر في الكشف لافتا الى أنه تم وقف الاتفاق مع المواقع الاخبارية للعام الحالي 2017 بسبب عجز الميزانية.
وتعاني الشركة من ضائقة مالية دفعتها للتلويح باتخاذ إجراءات لضبط الانفاق، ما أدى إلى صدام مع عمال في مصانع الشركة في قضية تفاعلت عبر وسائل الاعلام ورصدها "أكيد" تحت عنوان تغطية وسائل الإعلام لقضية إضرابات العمال في الفوسفات، كاشفا عن انحياز مواقع إلكترونية إلى جانب الشركة واكتفاء بعضها الأخر بنشر البيانات الصادرة عن كلا الجهتين، دون البحث المعمق في التفاصيل وتناول كافة وجهات النظر.
وقال حجازين الذي أقر بصحة الكتاب المسرب لـ"أكيد"، إن الشركة رغبت بالتعاون مع عدد من المواقع الإخبارية، كحال العديد من الشركات والمؤسسات الأخرى، ولذلك لجأنا الى المواقع المعتمدة في قياس معايير الوسائل الاعلامية "checker PR " لضمان تحييد الجانب الشخصي في الحكم على مدى انتشار الموقع الإلكتروني.
وأضاف "كانت الشركة قديما تدفع لمن يرغب بالتعاون معها ونشر أخبارها، طالما أنه مرخص من المطبوعات والنشر ووزارة الصناعة والتجارة بالإضافة الى وجود مقر عمل خاص فيه أو رخصة مهن، إلا أن اللجوء الى الموقع الرسمي "PR checker" والذي يقيس عدة معايير تحكم عمل هذه المؤسسات، سهل من عملية اختيار المواقع وتحديد مقدار الدفع لها، حسب توجهات إدارة الشركة".
وأوضح حجازين أن 70% من المبلغ المدفوع يتم تقديره عبر هذا الموقع بدفع ما قيمته 500- 750 دينارا لكل نقطة من أصل عشر نقاط حصل عليها الموقع الإخباري، فيما يبقى تقدير 30% المتبقية الى مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي.
والهدف من وراء هذا التعاون الإعلامي - بحسب حجازين - تخصيص مساحة من قبل هذه المواقع الإخبارية لنشر أخبار الشركة من توقيع للاتفاقيات الجديدة ونشاطات التصدير والتصنيع والنشاطات الاجتماعية وتقارير الربح والخسارة، فمن حقها كباقي الشركات والمؤسسات أن تكون حاضرة في المنصات الإخبارية.
وأكد رئيس قسم الإعلام في شركة مناجم الفوسفات سليمان الهواري الذي أقر صحة الكتاب المسرب ل"أكيد"، أن "هذه المبالغ تدفع مقابل نشر الأخبار، وهي سياسة قديمة توقفت هذا العام، وكانت تتم بقرار من مجلس الإدارة".
وأضاف ان "الشركة كانت تفتح المجال لكل من يرغب بهذا التعاون من قبل المؤسسات الإعلامية، وللشركة الحق في رفض طلبات الجهات التي أساءت للشركة قديما وابتزتها، وتتراوح هذه المبالغ ما بين 350- 3000 دينار".
ولا تقتصر هذه الظاهرة على شركة محددة بعينها كشركة الفوسفات بل بشركات ومؤسسات حكومية او شبه حكومية اخرى، منها شركة البوتاس ايضا التي أقرت لـ"أكيد" بتقديمها مبالغ مالية لعشرات المواقع الالكترونية الاخبارية.
وقال المستشار الإعلامي لشركة البوتاس شفيق عبيدات لـ"أكيد"، إن الشركة حافظت على تعاونها لهذا العام مع 90 موقعا إخباريا، من خلال دفع مبلغ مالي سقفه الأعلى ألفي دينار أردني، مقابل نشر الأخبار والإعلانات.
وأوضح عبيدات أن اختيار المواقع يتم بناء على ترخيصها من المطبوعات والنشر وحصولها على سجل تجاري من وزارة الصناعة والتجارة وتعهدها بنشر كافة أخبار الشركة، ويتم اختيارها حسب الأكثر أهمية وأكثر زيارة من قبل القراء.
ولا تقدم هاتان الشركتان سلعة استهلاكية مباشرة للمواطن الاردني، بمعنى أن الترويج لمنتجاتهما عبر المواقع الالكترونية الإخبارية لا يدخل في باب الإعلان التجاري، كونه يستهدف جمهورا محليا غير معني مباشرة بالسلع التي تنتجها الشركتان، بل أن ما يقدم للمواقع من مبالغ مالية يستهدف الترويج والدعاية لأنشطتها في المقام الاول.
ويقول نقيب الصحافيين الأردنيين راكان السعايدة "أن وسائل الإعلام مجبرة بالفصل التام ما بين الإعلان والإعلام"، مضيفا "المضمون الإعلامي والصحافي موضوعي ومحايد ولا يتأثر بأي صيغة من الصيغ بالإعلان المدفوع الأجر".
واعتبر السعايدة أن الوسيلة الإعلامية التي أخضعت أخبارها لاعتبارات الإعلانات، ستفقد مصداقيتها وتأثيرها على الجمهور وتصبح طرفا ينحاز الى الإعلان والمعلن. وهذا ما يحصل وبشكل كبير في العديد من الوسائل الاعلامية - بحسب السعايدة - حيث تخلط ما بين الإعلام والإعلان بطريقة يهيمن فيها الإعلان على النص والمادة الإعلامية ويفقد الناس حقهم في المعرفة الموضوعية، ولذلك وجب الفصل.
وأشار السعايدة الى ضرورة التواصل مع الأطراف جميعها وبالأخص متخذي القرار حول عدم إخراج الوسائل الإعلامية من دائرة عملها الحقيقية وإخضاعها للمؤثرات والضغوطات المالية المتمثلة بالإعلانات.
يذكر "أكيد" أن نشر الإعلانات في الصحف على أنها مادة تحريرية من شأنه تشويش القارئ الذي لن يستطيع التمييز بين المادة المنشورة في الصحف للتسويق لسلعة أو لمسؤول، والمادة الإخبارية التي يفترض أن تكون مستندة إلى الحقيقة وتحري الدقة في النشر.
كما أن من أشكال الاعتداء على حق الناس هو عدم الوضوح في الرسالة الإعلامية، ومنها الخلط بين الخبر والإعلان، إذ يتوجب أن يكون مفصولا بطريقة واضحة، يخرجه عن المادة التحريرية في باقي الصفحة، أو واي وسيلة أخرى، أما إذا كان من طبيعة المادة المنشورة في الصفحة نفسها، ومرتبط بها ، فيجب أن يكون بفاصل واضح، وينشر في مكان بارز على أنه مادة إعلانية، لها قوالب واضحة؛ لأنها تروج لسلع، وتسوق لأشياء أو أشخاص أو مؤسسات.
وبالعودة إلى ميثاق الشرف الصحفي لنقابة الصحفيين نص في مادته السابعة عشرة على أنه لا يجوز الخلط بين المادة الإعلانية والمادة التحريرية، ولا بد أن تتضح التفرقة بين الرأي والإعلان، فلا تندس على القارئ آراء وأفكار سياسية ودعائية في صورة مواد تحريرية وفي هذا السياق يجب مراعاة ما يلي: ـ
* إن الإعلان خدمة اجتماعية وظيفته الترويج لمصنوعات تفيد المستهلك وأن هذا الترويج لا يستلزم الكذب والخداع، وعلى وسائل النشر التحقق من الحقائق والأرقام الواردة فيه.
* يحظر نشر الإعلانات السياسية التي تقدمها الهيئات الأجنبية إلا بعد التحقق من أنها تتفق والسياسية الوطنية، ويكون تحديد أجور نشر هذه الإعلانات طبقا للأسعار المعلنة حتى لا يصبح الإعلان إعانة غير مباشرة من دولة أجنبية.
* يلتزم الصحفيون بعدم التوقيع على الإعلانات حتى لا يستغل المعلنون مكانة الصحفي أو تأثيره الأدبي، ويجب أن يتم النص صراحة على المادة الإعلانية (سواء التحريرية أو غيرها) بأنها إعلان.
وبحسب المادة 7 من قانون المطبوعات والنشر فان آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ملزمة للصحفي، وتشمل الامتناع عن جلب الإعلانات أو الحصول عليها.
ونصت المادة 9 من ميثاق الشرف الصحافي: "رسالة الصحافة تقتضي الدقة والموضوعية، وإن ممارستها، تستوجب التأكد من صحة المعلومات والأخبار قبل نشرها، ويراعي الصحافيون عدم نشر معلومات غير مؤكدة أو مضللة أو مشوهة أو تستهدف أغراضا دعائية بما في ذلك الصور والمقالات والتعليقات. كما يجب التمييز بوضوح بين الحقيقة والتعليق أو بين الرأي والخبر".